أجلٌ وإن طال الزمان موافي Poem by أحمد شوقي

أجلٌ وإن طال الزمان موافي

أَجَلٌ وإن طال الزمانُ مُوافي {#spc} أَخْلى يدَيْكَ من الخليلِ الوافِي
داعٍ إلى حقٍّ أهابَ بخاشعٍ{#spc} لبس النذيرَ على هُدًى وعفاف
ذهب الشبابُ ، فلم يكن رزئي به{#spc} دونَ المصابِ بصَفوة الأُلاَّف
جَللٌ من الأَرزاءِ في أَمثاله {#spc} هممُ العزاءِ قليلة ُ الإسعاف
خفَّتْ له العبراتُ ، وهي أبيَّة ٌ {#spc} في حادثاتِ الدهر، غيرُ خِفاف
ولكلّ ما أَتلفْتَ من مُستكرَمٍ {#spc}إلا مودّاتِ الرجالِ تَلاف
ما أنتِ يا دنيا ؟ أرؤيا نائمٍ أم{#spc} ليلُ عرسٍ ، أم بساط سلاف ؟
نعماؤكِ الرَّيحانُ ، إلا أنه{#spc} مسَّتْ حواشيه نقيعَ زعافي
مازلتُ أصحبُ فيكِ خلقاً ثابتاً {#spc}حتى ظفرتُ بخلقكِ المتنافي
ذهب الذبيحُ السمحُ مثل سميِّه {#spc}طهرَ المكفَّنِ ، طيِّب الألفاف
كم بات يذبحُ صدرَه لشكاته {#spc} أَتُراه يحسبها من الأَضياف؟
نَزَلتْ على سَحْرِ السَّماح ونَحْرِه {#spc} وتقاَّبتْ في أكرمِ الأكناف
لَجَّتْ على الصَّدر الرحيبِ وبرِّحَتْ {#spc} بالكاظم الغيظِ ، الصَّفوح ، العافي
ما كان أقسى َ قلبها من علَّة {#spc} علقتْ بأرحم حيَّة وشغاف
قلبٌ لو انتظم القلوبَ حَنانهُ {#spc}لم يبْق قاسٍ في الجوانح جافي
حتى رماه بالمنيَّة فانجلتْ {#spc}منْ يبتلي بقضائه ويعافى
أخنتْ على الفلكِ المدارِ فلم يدرْ {#spc} وعلى العباب فقرَّ في الرجّاف
ومَضَتْ بنارِ العبقريّة ِ، لم تَدَعْ {#spc}غيرَ الرَّمادِ، ودارساتِ أَثافي
حَملوا على الأَكتاف نورَ جلالة ٍ {#spc}يذرَ العيونَ حواسدَ الأكتاف
وتقلَّلدوا النعشَ الكريمَ يتيمة ً{#spc} ولكَمْ نعوشٍ في الرقاب زياف
متمايلَ الأعوادِ ممّا مسَّ من {#spc}كرمٍ ، وممّا ضمَّ من أعطاف
وسَلامُ أَهلٍ وُلَّعٍ وصَحابة ٍ {#spc} وإذا جلالُ العبقريّة ِ ضافي
ويحَ الشبابِ وقد تخطَّرَ بينهم{#spc} هل متِّعوا بتمسُّحٍ وطواف ؟
لوعاش قدوتهم وربُّ لوائهم {#spc} نكسَ اللواءَ لثابتٍ وقَّاف
فلكَمْ سقاه الودَّ حينَ وِدادُه {#spc} حربٌ لأَهل الحكمِ والإشراف
لا يومَ للأقوامِ حتى ينهضوا {#spc} بقوادمٍ من أمسهم وخوافي
لا يُعْجِبنَّكَ ما ترى من قُبَّة ٍ{#spc} ضربوا على موتاهُم، وطِراف
هجموا على الحقِّ المبينِ بباطلٍ {#spc} وعلى سبيل القصدِ بالإسراف
يبنون دارَ الله كيف بدا لهم {#spc} غُرُفاتِ مُثْرٍ، أَو سقيفة َ عافي
ويُزوِّرون قبورَهم كقصورهم{#spc} والأرضُ والرُّفاتُ السافي
فُجعَتْ رُبى الوادي بواحد أَيكِها{#spc} وتجرَّعَت ثُكْلَ الغدير الصافي
فقدتْ بناناً كالربيع، مُجيدة ً {#spc} وشْيَ الرياضِ وصنعَة َ الأَفواف
إن فاته نسَبُ الرَّضِيِّ فرُبَّما {#spc} جريا لغاية سؤددٍ وطراف
أَو كان دون أَبي الرضيِّ أُبوَّة ً{#spc} فلقد أعادَ بيانَ عبد منافِ
شرفُ العصاميِّين صنعُ نفوسهم {#spc}مَن ذا يقيس بهم بني الأَشراف؟
قل للمشير إلى أبيهِ وجدهِ{#spc} أَعَلِمْتَ للقمرَيْنِ من أَسلاف؟
لو أَن عمراناً نِجارُك لم تَسُدْ {#spc} حتى يُشارَ إليك في الأَعراف
قاضي القضاة جَرَتْ عليه قضيّة ٌ {#spc} للموتِ ، ليس لهامن استئناف
ومصرِّفُ الأحكام موكولٌ إلى {#spc} حكم المنيَّة ، ما له من كافي
ومنادمُ الأملاكِ تحت قبابهم{#spc} أَمسى تُنادِمُه ذِئابُ فَيَافي
في منزلٍ دارت على الصِّيد العلا{#spc} فيه الرَّحى ومشتْ على الأرداف
وأزيلَ من حسن الوجوهِ وعزِّها {#spc} ما كان يعبد من وراءِ سِجاف
من كلِّ لمَّاحِ النعيم تَقلَّبتْ {#spc} ديباجتاهُ على بلى وجغاف
وترى الجماجمَ في الترابِ تماثلتْ {#spc} بعدَ العقولِ تماثلِ الأصداف
وترى العيونَ القاتِلاتِ بنظرة ٍ {#spc} مَنهوبَة َ الأَجفانِ والأَسياف
وتُراعُ من ضَحِكِ الثُّغورِ، وطالما{#spc} فتنتْ بحلو تبسُّمٍ وهتاف
غزت القرونَ الذاهبين غزالة ٌ{#spc} دمُهم بذِمّة قرْنِها الرَّعّاف
يجري القضاءُ بها ، ويجري الدهرُ {#spc}عن يدها ، فيا لثلاثة ٍ أحلاف
ترمي البريَّة َ بالحبولِ ، وتارة{#spc} ً بحبائلٍ من خَيْطها وكفاف
نسجتْ ثلاثَ عمائمٍ ، واستحدثتْ{#spc} أكفانَ موتى من ثيابِ زفاف
أأبا الحسين ، تحية ً لثراكَ من{#spc} روحٍ وريحانٍ وعذبِ نطاف
وسلامُ أهلٍ ولَّهٍ وصحابة{#spc} ٍ حَسرَى على تلك الخِلالِ لِهاف
هل في يديَّ سوى قريضٍ خالدٍ{#spc} أزجيهِ بين يديكَ للإتحاف ؟
ماكان أكرمه عليك ! فهل ترى{#spc} أني بعثتُ بأكرمِ الألطاف ؟
هذا هو الرَّيحانُ ، إلا أنه{#spc} نَفحاتُ تلك الروْضة ِ المِئْناف
والدُّرُّ ، إلا أن مهدَ يتيمه {#spc}بالأمسِ لجَّة ُ بحرك القذَّاف
أَيامَ أَمرَحُ في غُبارِكَ ناشئاً {#spc} نَهْجَ المهار على غُبار خِصاف
أَتعلَّمُ الغاياتِ كيف تُرامُ في{#spc} مضمارِ فضلٍ أو مجالِ قوافي
يا راكبَ الحدباءِ، خلِّ زِمامَها {#spc} ليس السبيلُ على الدليل بِخافي
دانَ المطيَّ الناسُ، غيرَ مطيَّة ٍ {#spc} للحقِّ ، لا عجلَى ، ولا ميجاف
لا في الجيادِ ، ولا النِّياقِ {#spc}، وإنما خُلِقَتْ بغير حوافرٍ وخِفاف
تنتاب بالركبانِ منزلة َ الهدى{#spc} وتؤمُّ دار الحقِّ والإنصاف
قد بلغتْ ربَّ المدائنِ ، وانتهتْ{#spc} حيثُ انتهيْتَ بصاحبِ الأَحقاف
نمْ ملءَ جفنك ، فالغدوُّ غوافلٌ {#spc}عمّا يَروعك، والعَشِيُّ غوافي
في مضجع يكفيك من حسناتهِ{#spc} أَن ليس جَنْبُك عنه بالمتجافي
واضحك من الأقدارِ غير معجَّزِ {#spc}فاليوم لست لها من الأهداف
والموتُ كنتَ تخافه بك ظافراً{#spc} حتى ظفرت به ، فدعه كفاف
قُلْ لي بسابقة ِ الوِدادِ: أَقاتِلٌ {#spc} هو حين يَنزِلُ بالفَتى ، أَم شافي؟
في الأَرضِ من أَبوَيْكَ كنزا رحمة{#spc} ٍ وهوًى ، وذلك من جِوارٍ كافي
وبها شبابك واللِّداتُ ، بكيته{#spc} وبكيتهم بالمدمع الذَّرَّاف
فاذهب كمصباحِ السماءِ ، كلاكما{#spc} مال النهار به ، وليس بطافي
الشمسُ تخلفُ بالنجومِ وأنت{#spc} بال آثار ، والأخبار والأوصاف
غلب الحياة َ فتًى يسدُّ مكانَها {#spc} بالذكرِ، فهو لها بَدِيلٌ وافي

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success