يوتوبيا الضائعة Poem by نازك الملائكة

يوتوبيا الضائعة

صدى ضائع كسراب بعيد {#spc} يجاذب روحي صباح مساء
أنام على رجعه الأبديّ {#spc} ويوقظني برقيق الغناء
صدى لم يشابهه قطّ صدى {#spc}تغنّيه قيثارة في الخفاء
إذا سمعته حياتي ارتمت {#spc} حنينا ونادته ألف نداء
يموت على رجعه كلّ جرح {#spc} بقلبي ويشرق كل رجاء
ويمضي شعوري في نشوة{#spc} يخدّره حلم يوتوبيا
ويوتوبيا حلم في دمي {#spc}أموت وأحيا على ذكره
تخيلته بلدا من عبير {#spc} على أفق حرت في سرّه
هنالك عبر فضاء بعيد {#spc}تذوب الكواكب في سحره
يموت الضياء ولا يتحقق {#spc} ما لونه ما شذى زهره
هنالك حيث تذوب القيود{#spc} وينطلق الفكر من أسره
وحيث تنام عيون الحياة {#spc} هنالك تمتدّ يوتوبيا
وحيث يظلّ عبير البنفسج{#spc} حيّا ولا يذبل النرجس
وحيث تفيض الحياة رحيقا {#spc} نميرا ولا تفرغ الأكؤس
وحيث تضيع حدود الزمان {#spc} وحيث الكواكب لا تنعس
هناك الحياة امتداد الشباب {#spc} تفور بنشوة الأنفس
هناك يظلّ الربيع ربيعا{#spc} يظلّل سكان يوتوبيا
هنالك حيث وعت شهرزاد {#spc} أقاصيص غنّت بها ألف ليله
هنالك يوتوبيا في الضباب {#spc} على شفق لم تر العين مثله
يحفّ بها أبد من عطور {#spc}ويمنحها ألف لحن وقبله
وترقد في سكرة لا تحدّ على {#spc}رجع أغنية مضمحلة
على شاطيء كضياء النجوم{#spc} أسميّه شاطىء يوتوبيا
هنالك طوّفت ذات مساء{#spc} وكان معي هيكل كالسراب
أحسّ خطاه على الرمل لكن {#spc} أرى غير شيء وبعض سحاب
وكان أمامي ممر غريب{#spc} تغلّفه دفقات الضباب
ويمتدّ عن جانبيه خليج{#spc} وبعض جزائر بعض هضاب
وفي حلمي صحت : أين أسير{#spc} ؟ فرد صدى:قرب يوتوبيا
أحسست في قعر روحي جنونا{#spc} وشوقا عميقا كبحر عميق
تريد انتهاء الطريق الغريب{#spc} إلى البلد المتمّنى السحيق
لي ذلك الأفق الأزليّ{#spc} وحيث يعيش أبولو الرقيق
على ظمأ لوجود عجيب{#spc} يذوب عليه الندى والبريق
على ظمأ صارخ وأخيرا{#spc} صحوت ولم أر يوتوبيا
وفي حلم آخر كنت أمشي على{#spc} شاطيء من حصى ورمال
غريب غريب بلون الأثير{#spc} يحفّ به أفق كالخيال
تناهى بأقدامي المتعبات إلى{#spc} صخرة رسخت كالمحال
تسلّقها أمل مضمحل{#spc} فقد تتزحلق حتى الظلال
وساءلت ماذا ترى خلفها{#spc} ؟ فقال لي الرمل : يوتوبيا
وفي حلم ثالث خلت نفسي{#spc} على بابها المرمريّ الكبير
أحدّق في نشوة لا تحدّ{#spc} أكاد أجنّ .. أكاد أطير
أحقا أرى الباب ؟ ألواحه{#spc} تلوح مبطنّة بالحرير
تقدمت واجفة في خشوع{#spc} وفي مقلتي ومض حلم قرير
أدقّ على الباب في نشوة{#spc} ولا ردّ غير السكون المرير
ومرت حياتي مرّت سدى{#spc} ولا شيء يطفىء نار الحنين
سدى قد عبرت صحارى الوجود{#spc} سدى قد جررت قيود السنين
وما زلت أذرع صمت القفار{#spc} وأسأل عن سرّها العابرين
يطول على قلبي الإنتظار{#spc} وأغرق في بحر يأس حزين
أحاول أن أتعزى بشيء{#spc} بغاب , بواد , بظلّة تين
دقائق...ثم أخيب وأهتف{#spc}: لا شيء يشبه يوتوبيا
سأبقى تجاذبني الأمنيات{#spc} إلى الأفق السرمديّ البعيد
وأحلم وأحلم لا أستفي ق{#spc} إلا لأحلم حلما جديدا
أقّبل جدرانها في الخيال{#spc} وأسأل عنها الفضاء المديد
وأسأل عنها انسكاب العطور{#spc} وقطر الندى وركام الجليد
وأسأل حتى يموت السؤال{#spc} على شفتّي ويخبو النشيد
وحين أموت..أموت وقلبي{#spc} على موعد مع يوتوبيا
دقائق...ثم أخيب وأهتف{#spc}: لا شيء يشبه يوتوبيا
سأبقى تجاذبني الأمنيات{#spc} إلى الأفق السرمديّ البعيد
وأحلم وأحلم لا أستفي ق{#spc} إلا لأحلم حلما جديدا
أقّبل جدرانها في الخيال{#spc} وأسأل عنها الفضاء المديد
وأسأل عنها انسكاب العطور{#spc} وقطر الندى وركام الجليد
وأسأل حتى يموت السؤال{#spc} على شفتّي ويخبو النشيد
وحين أموت..أموت وقلبي{#spc} على موعد مع يوتوبيا

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success