الخنساء السلمية

الخنساء السلمية Poems

يا عَينِ ما لَكِ لا تَبكينَ تَسكابا؟ {#spc} اِذْ رابَ دهرٌ وكانَ الدّهرُ ريَّاباَ
فابْكي أخاكِ لأيْتامٍ وأرْمَلَة ٍ{#spc} وابكي اخاكِ اذا جاورتِ اجناباَ
...

وَخَرْقٍ، كأنْضاءِ القميصِ دَوِيّة ٍ{#spc} مخوفٍ رداهُ ما يقيمُ بهِ ركبُ
قطعتَ بمجذامِ الرَّواحِ كانَّها {#spc}اذا حطَّ عنها كورُهَا جملٌ صعبُ
...

يا ابنَ الشّريد، على تَنائي بَيْنِنا{#spc} حُيّيتَ، غَيرَ مُقَبَّحٍ، مِكبابِ
فكهٌ عَلَى خيرِ الغذاءِ اذَاغدتْ {#spc} شهباءُ تقطعُ باليَ الاطنابِ
...

ارقتُ ونامَ عنْ سهري صحابِي
كَأنّ النّارَ مُشْعِلَة ٌ ثِيابي
...

ما بالُ عَيْنَيْكِ مِنْها دَمْعُها سَرَبُ {#spc} أراعَها حَزَنٌ أمْ عادَها طَرَبُ
أم ذِكْرُ صَخْرٍ بُعَيْدَ النّوْمِ هَيّجها {#spc} فالدّمْعُ منها عَلَيْهِ الدّهرَ يَنسكِبُ
...

يا عَينِ جودي بدَمعٍ منكِ مَسكُوبِ {#spc} كلؤلؤٍ جالَ في الأسْماطِ مَثقوبِ
انّي تذكَّرتهُ وَالَّليلُ معتكرٌ {#spc} ففِي فؤاديَ صدعٌ غيرُ مشعوبِ
...

الخنساء السلمية Biography

الخنساء واسمها تماضر بنت عمرو السلمية (575م - 24 هـ / 645م)، صحابية وشاعرة مخضرمة من أهل نجد أدركت الجاهلية والإسلام وأسلمت، واشتهرت برثائها لأخويها صخر ومعاوية الذين قتلا في الجاهلية لقبت بالخنساء بسبب ارتفاع أرنبتي أنفها لقبت بالخنساء لقصر أنفها وارتفاع أرنبتيه قال الحُصري في كتاب زهر الأدب: لقبت بالخنساء كناية عن الظبية وكذلك الذلفاء والذلف قصر في الأنف ويريدون به ايضًا انه من صفات الضباء هي : أم عمرو تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد وهو عمرو بن رياح بن يقظة بن عصية بن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. من آل الشريد من سادات وأشراف العرب وملوك قبيلة بني سليم في الجاهلية سكنوا بادية الحجاز في الشمال الشرقي من مدينة يثرب، حيث تمتد مضارب بني سليم كما اعتز النبي محمد بالانتساب إلى بني سليم، فكان يقول: " أنا ابن الفواطم من قريش، والعواتك من سليم، وفي سليم شرف كثير ، وآل الشريد كانوا سادة بني سليم. وعمرو بن الحارث -أبو تماضر- كان من وفود العرب على كسرى، وكان يأخذ بيدي ابنيه معاوية وصخر في الموسم حتى إذا توسط الجمع قال باعلى صوته: أنا أبو خيري مضر، فمن أنكر فليغير. فلا يغير عليه أحد. وكان يقول: من أتى بمثلهما أخوين من قبل فله حكمه. فتقر له العرب بذلك في يوم من أيام العصر الجاهلي تسلل التاريخ - على عادته- في غفلة من الناس، إلى بيت من أكبر بيوت بني سليم إلى بيت عمرو بن الحارث الشريد، لحتفظ لنفسة بتاريخ ميلاد تماضر.. تماضر بنت عمرو. ولم يكن التاريخ في ذلك ساذجا! فبيوت بني سليم من البيوت المعدودة، الجديرة بالملاحظة، والجدية بتسجيل ما يدور بها من أحداث. ولدت الخنساء، وانتقلت من طفولتها الى صباها فشبابها، ولا شيء يثير الانتباه أو يلفت النظر غير ما كانت تمتاز به من جمال وما كانت تحسه من أبويها وأخويها من عطف ومحبة، حتى وصل بها الإحساس إلى درجة الاعتداد، أو قل إلى مرتبة الأنفة والكبرياء. ولم يكن ذلك غريباً على من ينشا في مثل ظروفها. أب شريف، واخوان سيدان يتباهى بهما الأبـ ويفاخر العرب ولا أحد يجرؤ على نقض ما يقول. وكان لذلك أكبر الأثر في حياة الخنساء، وفي تكون شخصيتها البيئة زمان ومكان وطبيعة واشخاص، يتفاعل معها تكون الشخص، ويتأثر بنها بناؤه. إنما تتضح شخصية إنساء بوضوح بيئته، وخصوصاَ اولئك الذين طواهم التاريخ، ولم نستطع ان نعرف إلا مظاهر بدأت في سلوكم أو أقولهم. والخنساء واحدة من هؤلاء، فقد تبين كيف انها ولدت قبيل الإسلام وعاشت بعده، ولا احد يعرف عنها، ولا يذكر من اوصافها شيئاً، الا حين تعرض لها " دريد أبن الصمة" طالباً الزواج منها، وعندها فقط التفتنا الى انها جميلة، أسر جمالها فارس طالما أسر الفرسان ان اهم ما اتسم به مجتمهم ويساعد في توضيح شخص الخنساء، هو تألف القبيلة من ثلاث طبقات: 1 - ابناؤها الذين يربط بينهم الدم والنسب، وعليه ينهض القبيله وترتفع. 2- العبيد المجلوبون من البلاد الأجنبية المجاورة وخصوصا الحبشة. 3 - الموالي، وهم عتقاء القبيلة. وتخضع القبلية بطبقاتها الثلاثة لقانون اجتماعي عام، فرضته عليهم طروف الحياة والزامهم اياه شعورهم بالحاجة إلى التضامن. ويتلخص هذا القانون في كلمة واحدة هي ( المروءة ) وعنها تتوالد كل اخلاقهم الاجتماعية. والخنساء البدوية كانت تقطن مكاناً له خصائص ومميزات، نضحت على إهله، وظهرت على سكانه، فقد أشتهر أهل نجد بالبلاغة وقد ذهبوا في الشعر كل مذهب نستطيع ان نلمح صورة الخنساء بالقدر الذي يمكننا من أن نصفها -واثقين- بأنها كانت ذات حسب وجاه وشرف. وانها كانت ذات جمال آخاذ، وتقاسيم متناسقة... لذا شبهوها بالبقرة الوحشية. والعربي اذا تغزل في الأنثى، وأراد التعبير عن جمالها، شببها بذلك. لكن هذا التشبيه لتماضر لم يكن في معرض غزل طارئ، وإنما هو تشبيه صار لها لقباً غالبا على إسمها وكنيتها كانت ذات امر بالغ، وجاذبية طاغية، اطلقت الألسن فواجهتها بحقيقتها، فعرفت ما تملك في يدها من سلاح، كما عرفت قيمة ذلك السلاح. لم يكن في حياتها ما يقلقها، ويقض مضجعها - شأن مثيلاتها في أول العمر، ومقتبل الشباب- فقد أضفى عليها مركز قبيلتها، وكانة أسرتها، وسيادة أبيها كل أسباب الطمأنينة، كما قد أفاض عليها جمالها وحسنها ما محا من حياتها القلق، وأزال عنها الإضطراب كانت العاقلة الحازمة، حتى لقد عدت من شهيرات النساء.. لا يجرؤ أحد عن التهجم عليها او التحدث عنها.. لذا لم يتكلم عنها أحد، ولم يتفوه شاعر بشئ يمكن أن ينقل وتحمله الألسن، عرفت بحرية الرأي وقوة الشخصية. ظهر ذلك او ما ظهر حين تقدم لخطبتها "دريد بن الصمة"، بعد ان أناخ "بنو جشم" رواحلهم، طلباً للراحة من عناء السفر الطويل إلى مكة في إبان الموسم، وكان منزلهم في بادية الحجاز قريباً من منازل بني سليم رفضت الزواج من غير بني العم، برفضها سيد آل بدر، ثم ترفضها سيد بني جشم. ويرجع انها مرت بتجربة زواج من قبل ما رواة ابو الفرج الأصفهاني في قصة مقتل زهير بن جذيمة" وكانت تماضر بنت عمرو بن الشرين بن رباح أبن يقظة بن عصية بن خفاف السلمي امرأة زهير بن خذيمة، وهي ام ولدة " وجاء في القصة نفس يذكر انها تزوجت من رجل من قبيلتها اسمه عبد العزى السلمي أولدها أبنها "ابا شجرة" عبدالله ولكن ابن قتيبة ذهب الى ان ان اسمه " رواحة بن عبد العزى - وقال البستاني: انها تزوجت بعد حادثة دريد من رواحة بن عبد العزى، فولدت له عبدالله ثم خلف عليها مرداء بن أبي عامر، فولدت له يزيد ومعاوية وبنتاً اسمها عمرة ترجح بنت الشاطي ان صاحب هذه الأسماء المختلطة شخص واحد، هو الرواحي السلمي، عبد العزى بن عبدالله بن رواحة. قبلت الزواح من عبدالعزى المقامر، وهي التي رفضت سيد بني جشم، ومن قبله رفضت سيد آل بدر. وقد اشارت في قولها " اتراني تاركة بني عمي مثل عوالي الرماح" حاولت الخنساء ان تمسك عليها زوجها، فضحت في سبيل ذلك بالكثير.. غيرت من طبيعتها وكبريائها، بل انها بالغت في ذلك لدرجة جعلته يشعر بتعلقها به. فغالى في انحرافه، واستغل حرصها عليه أسوأ استغلال، وانتهز مالها ومال أخيها، وكلما فرغت يده أظهر لها الضيق بحياته معها، فهم بالرحيل عنها ولكنها تتشبث به وتقول له "أقم وأنا آتى صخراً فسأله". ويقيم عبد العزى - تكرماً منه وعطفاً - بينما تذهب هي إلى اخيها صخر تشكو اليه حالها وما تلقى من ضيق العيش، فما يكون من صخر إلا ان يشطر ما له شطرين، يعطيها خيرهما. ويستمرئ عبد العزى الحال، فيلتف ما حملت معها من أخيها، ثم يجيئها صفر اليدين وقد زاد عليها جرأة، فيلجأ الى الطلب بدلاً من التهديد بالترك. تقول الخنساء" ثم التلفت إلى فقال: أين تذهبين يا خنساء؟ قلت: الى اخي صخر. فأتيناه فقسم ما له شطرين ثم خيرنا في أحسن الشطرين وجدت الخنساء الشاعرة، التي جادت بمالها، وجاد عليها اخوها بماله، ثمناُ لهذه الفترة التي عاشتها في جوار عبدالعزى تقف وقد بخلت بالحديث عن حياتها مع عبد العزى، فيما عدا تلك القصة التي روتها لام المؤمنين عائشة رضي الله عنها وبخلت عليها كذلك قريحتها الشاعرية بالتعبير عن تلك التجربة التي قد تكون الثانية في حياتها. فالخنساء ليست اماك كارثة قطعت الرجاء منها - كما هو الشأن في الموت- انها امام كارثة تأمل في التخلص منها، وتبذل كل ما تستطيع من أجلها. كانت منهمكة في البحث عن حلول، فلم تكن في حاجة الى ان تتكلم ربما طنت ان في التعبير ما قدي يثير زوجها، فيضيع ما بذلته لعلاجة، او خشيت شماتة الناس، ان هي قالت شعر تتناقله الألسن، خصوصا وان شيخ جشم المرفوض ما زال على قيد الحياة. وما زال على علاقة باخيها الشقيق معاوية. وخشيتها من معاوية الذي مال الى زواجها من دريد.. فضربت برغبته عرض الحائط. حتى انفصلت عن عبد العزى ومضت في طريقها الى بيت ابيها، تنتظر من ابناء العم زوجاً آخر. ولعل الذي واساها بعض الشئ ما كانت تتمتع به من فتوة فقد صقلتها الأحداث الماضية - كان لها من الابناء أبن واحد من زوجها عبد العزى هو "ابو شجرة" عبدالله: الذي وقف حائراً بين امه وابيه.. تلك الحيرة التي ولدت فيه صعفاً، جعله انتهازياً، لا تهمه المبادئ بقدر ما تهمه المنفعة الشخصية والكسب الخاص، وكان من نتيجة ذلك موقفه - وقد اسلم- بعد وفاة الرسول، حيث ارتد مع المرتدين الذين اشتراهم مال اعداد الاسلام ممن يقيمون على حدود الجزيرة ويحاورون بني تميم وغطفان (موقف عبد العزى) - انفصال عبد العزى عن اخت معاوية شي ووقوفه بجوارة في المعركة شي اخر، لا يتعلق احدهما بالاخر، اذا الامر هنا مرتبط بعرف القبيلة وعاداتها ولقد وقف نفس الموقف "دريد"، فليم ينسى - رفض الخنساء خطبته- ما بينه وبين معاوية اخيها من صداقة، فوقف يرثية، ورثى دريد صديقه معاوية وإن الرزء يوم وقفت أدعو فلم أسمع معاوية بن عمرو ولو أسمعتة لسرى حثيثاً سريع السعي أو لأتاك يجري بشكة حازم ٍ لا عيب فيها إذا لبس الكـُماة جلود نمرِ فعَزَّ عليَّ هلكك يا ابن عمرو ومالي عنك من عزمٍ وصبرِ لم تكن الخنساء الأم بأوضح كثيراً من الخنساء الطفولة، أو الخنساء الشابة او الخنساء الزوجة. يبدأ الغموض في هذا الجانب من حياة الخنساء بحصر بنيها من مرداء بن ابن عامر السلمي. فهم ولدان وبنت او ثلاثة وبنت او اربعة وبنت. وعليه فلا مناص من القول بان بنيها من مرداس هم: العباس زيد، ومعاوية، وعمرة. هناك من لا ينكر وجود العباس اكبر الأربعة سنا، ولكنه لا يغتبره ابنا للخنساء، وانما هو ابن زوجها من امرأة اخرة سابقة عليها. ويؤيد القول بان الاربعة اباء الخنساء من مرداس، ما روى من انها حضرت القادسية، ومعها بنوها الاربع. وقد يكون احدهم ابو شجرة بن عبد العزى، ما جاء على لسانها في خطبتها ليلة القادسية تحث ابناءها: " ... إنكم لبنو رجل واحد, كما أنكم بنو امرأة واحدة, ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم, ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم... " هذا الى موقف ابي شجرة من الارتداد وهو ان رجع الى الاسلام ولم يكن يضحي بنفسه، ويؤكد ذلك ما كان بينه وبين عمر بن الخطاب رضي الله عنه اما العباس فقد طفى طفوتين اثناء اسلامه لا يشرفان مسلماً ولا يشرفان من يتصل به من المسلمين، حتى ليعلن فومه في احداهما مخالفته- وهو السيد المطاع- بينما الأم صامته لا تبين، بل لا نسمع لها في ذلك الحين صوتا، ولا نعرف لها رأيا، وما اكن اجدر الخنساء بان نسمع صوتها عند ذلك. الطفوة الأولى: كانت حين قرر الرسول صلى الله عليه وسلم رد سبايا هوازن- بعد تقسيمها، ثم اسلام هوازن- بادئا بنفسه وبني المطلب، وانصاع لذلك القرار المهاجرون والأنصار. اما الأقرع بن حابس عن تميم، وعيينة بن حصن فرفضا، ورفض العباس بن مرداس بن سليم. ولكن بني سليم لم يقروا العباس على رفضة واما الطفوة الثانية فحينما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هوازن ودعا فوزع خمسة على الذين كانوا الى ايام اشد الناس عداوة له، نصيباً فوق نصيبهم - تأليفا لقلوبهم-، فاعطى العباس بن مرداس عددا من الإبل لم يرضه، وعاتبه على ان فضل عليه عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وغيرهما فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ادهبوا به فاقطعوا عني لسانه، فاعطوه حتى رضى ولا ينقضي بضعة اعوام على ذلك حنى يلقى الرسول ربه، ويبتلى اهل الشمال بالارتداد عن الاسلام، فنرى ابن الخنساء البكر" ابو شجرة بن عبد العزى " واحد من حاملي لواء الارتداد، يحرض بشعره المرتين على المسلمين وقاتلهم. فلما رأى تحريضة على خالد لم يثمر، ورأى الناس يرجعون الى الاسلام رجع هو كذلك إليه، وقد قبل منه ابو بكر عودته، وعفا عنه فيمن عفا ويبدوا ان عودته الى الإسلام لم تكن عن صدق، فقد اتى عمر - في خلافته- وهو يعطي المساكين من الصدقة، ويقسمها بين فقراء العرب، فقال: يا امير المؤمنين، اعطني فإني ذو حاجة. قال: ومن أنت؟ قال: ابو شجرة بن عبد العزى السلمي. قال: ابو شجرة؟ أي عدو الله، الست الذي تقول فرويت رمحي من كتيبة خالد واني لأرجو بعدها أن أمرا قال: قم جعل يعلوه بالدرة في رأسة حتى سبقه عدوا، فرجع الى دابته فارتحلها، ثم اسندها في حرة شوران راجعا الى ارض بني سليم فقال ضن علينا أبو حفص بنائله وكل مختبط يوما له ورق احداث ثلاثة تمر بابني الخنساء الأكبرين، فما اختلجت فيها خالجة، ولا رويت عنها كلمة تشير الى انها اهتمت لذلك، ويبدو انها حتى ذلك الحين لم تفق من صدماتها المتواليات في اسرتها فهي في شغل عن كل ما هولها من احداث، ربما كان نتيجة انهيار اصاب منها صبلابتها، ومضى بعزيمتها على توالي توالي الأحداث لم تتكلم الخنساء حين اخطأ ابناءها ابو شجرة والعابس، فقد كانت قريبة العهد بمصائبها، مما يشغل عن تتبع اخطاء الابناء. كما انها كانت حديثة العهد بالاسلام، كما انها رأت كلامها في هذا الموقف غير ذي موضوع. فبعد ان تكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع صنيع ابي بكر وعمر - رضي الله عنهما- اصبح ما تأتيه وما تقوله عبثا، لا قيمة لهـ وخطأ يجدر بالعاقل ألا يقع فيه لم نراهم معها، ولا نراه معهم الا في نحو سنة 638 م ليلة خرج المسلمون لتأديب الفرس الذين حاولوا كثيرا تأليب الحدود على المسلمين الآمنين، وخرج هؤلاء مع الخارجين، نراها تتوسط بنيها الأربع - وليس من بينهم أبو شجرة - تحرضهم على الحرب وتمسح عن نفوسهم الخوف او القلق على مصيرها فهي في الاسلام لن تضاع اذا ما فقدت العائل المعين نراها في هذا الموقف، ونسمعها - وقد عاوتها شخصيتها المفقودة ذات العقل العاقل، والعزيمة الماضية - تقول: "يا بني إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين, والله الذي لا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد, كما أنكم بنو امرأة واحدة, ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم, ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم. وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين. واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية يقول الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]. فإذا أصبحتم غدًا إن شاء الله سالمين, فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين, وبالله على أعدائه مستنصرين. وإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها واضطرمت لظى على سياقها وجللت نارًا على أوراقها, فتيمموا وطيسها, وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة” فلما اصبحوا باكروا مراكزهم، وتقدموا واحد بعد واحد ذاكرين وصية العجوز فقال الأول: يا اخوتي ان العجوز الناصحة وقال الثاني: ان العجوز ذات وانشد الثالث: والله لا نعصي العجوز وقال الرابع: لسنا لخنساء ولا للاحزم وما زالوا حتى استشهدوا جميعاً في حرب القادسية. وبلغها الخبر - رضي الله عنها - مع الجيش العائد محملاً بالظفر، فقالت: "الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته". قالتها ولم تزد عليها وعندها يقف المنقبون في تاريخ الخنساء مع من يفسرون شخصيتها حيارى، لا يدرون الى اين يتجهون، وكيف يسيرون، وبم يعللون هذا الجمود؟ جمود الأم المصابة في بنيها الأربع ولكنها لم تكن هذه الأم حرساء.. انها الخنساء حلفت بالبيت وزواره إذ يعملون العيس نحو الجمار لا أجزع الدهر على هالك بعدك ما جنت هوادي العشار وقد بلعت الغصص صامته، واستقبلت ثكل الأبناء صابرة محتسبة. وهكذا التأثر بالإسلام هو الذي دفعها الى إدامة البكاء على السادات من مضر، وفي الاسلام لا ثأر تبكي من أجله لبنيها، ولا نار لمن استشهد في سبيل دينه. قد يكمن سر ذلك الجمود في اطمئنانها الى نهايتهم المشرقة، ومنزلتهم العظيمة. لان استشهادهم عن نصر كبير وفتح مبين حين انتشر نور الإسلام، صحبت بنيها وبني عمها من بني سليم وافدة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلنوا دخولهم في الدين الجديد. أسلمت في عام 8 هـ - 630 هـ وهي في طلائع شيخوختها لم تقل عن الخمسين، ولن تزيد على الستين، عندما قدمت على النبي مع قومها بني سليم وأعلنت إسلامها وإيمانها لعقيدة التوحيد وحسن إسلامها ذكر الزبير بن بكار عن محمد بن الحسن المخزومي وهو المعروف بابن زبالة أحد المتروكين عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه عن أبي وجزة عن أبيه قال حضرت الخنساء بنت عمرو السلمية حرب القادسية سنة 16 هـ، - 638 م ومعها بنوها أربعة رجال فذكر موعظتها لهم وتحريضهم على القتال وعدم الفرار، فقد حرّضت أبناءها الأربعة على الجهاد ورافقتهم مع الجيش زمن عمر بن الخطاب، وقد اوصتهم: "يا بني إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين, والله الذي لا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد, كما أنكم بنو امرأة واحدة, ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم, ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم. وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين. واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية يقول الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]. فإذا أصبحتم غدًا إن شاء الله سالمين, فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين, وبالله على أعدائه مستنصرين. وإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها واضطرمت لظى على سياقها وجللت نارًا على أوراقها, فتيمموا وطيسها, وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة”. فلما بلغ إليها خبر وفاة أستشهادهم جميعاً، لم تجزع ولم تبك، ولم تحزن، قالت قولتها المشهورة: "الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته" وكان عمر بن الخطاب يعطي الخنساء أرزاق أولادها الأربعة حتى قبض رضي الله عنه أخرجها أبو عمر لها موقف يدل على وفائها ونبلها مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلم تزل الخنساء تبكي على أخويها صخرًا ومعاوية حتى أدركت الإسلام فأقبل بها بنو عمها إلى عمر بن الخطاب وهي عجوز كبيرة فقالوا: يا أمير المؤمنين هذه الخنساء قد قرحت مآقيها من البكاء في الجاهلية والإسلام فلو نهيتها لرجونا أن تنتهي فقال لها عمر: اتقي الله وأيقني بالموت فقالت: أنا أبكي أبي وخيري مضر: صخرًا ومعاوية, وإني لموقنة بالموت, فقال عمر: أتبكين عليهم وقد صاروا جمرة في النار؟ فقالت: ذاك أشد لبكائي عليهم؛ فكأن عمر رق لها فقال: خلوا عجوزكم لا أبا لكم, فكل امرئ يبكي شجوه ونام الخلي عن بكاء الشجي وتمضي الخنساء مع الاسلام فتنسى كثيراً من عادات الجاهلية، ولكنها لا تنسى السادات من مضر، ولا يفارقها الوجد عليهم، والبكاء من أجلهم ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستنشدها شعرها، ويستزيدها - وهو مصغ إليها- بقوله: "هيه يا خناس! ويومئ بيده وقد أبى عليه قلبه الكبير ان يزرجها او ان يلومها الخنساء شاعرة مخضرمة.. ينطبق عليها التحديد الأصيل لمعنى الكلمة ومدلولها، حيث تطلق كلمة مخضرم عند العرب في الأصل على من ادرك الجاهلية والاسلام ثم اطلقت على طبقة الشعراء الذين أدركوا الجاهلية ولدت من آباء شعراء.. ليسوا بني سليم، آباءها الأفربين فحسب، بل ذلك يرجع الى ابعد الآباء في قييس كلها، وكان فيهم خمسا شعراء العرب، فقد نبغ منهم جماعة من فحول الشعراء، ومنهم النابغتان ( الذيباني و الجعدي ) وزهير بن ابي سلمى، وكعب ابنه، ولبيد، والحطيئة، والشماخ، وخداش بن زهير وغيرهم. قال ابن قتيبة وهي جاهلية، كانت تقول الشعر في زمن النابغة الذبياني، ويرى ابن سلامهذا الرأي نفسه ونقطة التحول في حياة الخنساء هي فجيعتها المزدوجة بفقد اخويها معاوية وصخر" كانت الخنساء في اول امرها تقول البيتين والثلاثة، حتى قتل اخوها معاوية وصخرالذين ما فتأت تبكيهما حتى خلافة عمر, وخصوصا أخوها صخر. فقد كانت تحبه حباً لا يوصف، ورثته رثاء حزينا وبالغت فيه حتى عدت أعظم شعراء الرثاء. ويغلب على شعر الخنساء البكاء والتفجع والمدح والتكرار لأنها سارت على وتيرة واحدة تميزت بالحزن والأسى وذرف الدموع. ومما يذكر في ذلك ما كان بين الخنساء وهند بنت عتبة قبل إسلامها, نذكره لنعرف إلى أي درجة اشتهرت الخنساء بين العرب في الجاهلية بسبب رثائها أخويها ماتت الخنساء -رضي الله عنها- سنة 24 هـ/645م. عمرت إلى أن أدركت نصر الإسلام المبين كان موتها في عامها الحادي والسبعين وقد طبقت شهرتها الآفاق، إن لم يكن ببكائها على السادات من مضر فباستشهاد بنيها الأربعة. ماتت ومعها شاهد تضمن به تسجيل يوم موتها، ولا يعتمد فيه على الروايات، وإنما اعتمد فيه سجلات الدولة المدون فيها اسمها، لتستلم أرزاق بنيها الشهداء الأربعة من ديوان بيت المال وكان عمر قد قدر لها عن كل واحد مائتي درهم إلى أن قبض رضوان الله عليه)

The Best Poem Of الخنساء السلمية

يا عين ما لك لا تبكين تسكابا

يا عَينِ ما لَكِ لا تَبكينَ تَسكابا؟ {#spc} اِذْ رابَ دهرٌ وكانَ الدّهرُ ريَّاباَ
فابْكي أخاكِ لأيْتامٍ وأرْمَلَة ٍ{#spc} وابكي اخاكِ اذا جاورتِ اجناباَ
وابكي اخاكِ لخيلٍ كالقطاعُصباً {#spc}فقدْنَ لَّما ثوى سيباً وانهاباَ
يعدُو بهِ سابحٌ نهدٌ مراكلهُ {#spc} مجلببٌ بسوادِ الَّليلِ جلباباَ
حتى يُصَبّحَ أقواماً، يُحارِبُهُمْ{#spc} أوْ يُسْلَبوا، دونَ صَفّ القوم، أسلابا
هو الفتى الكامِلُ الحامي حَقيقَتَهُ{#spc} مأْوى الضّريكِ اذّا مَا جاءَ منتابَا
يَهدي الرّعيلَ إذا ضاقَ السّبيلُ بهم{#spc} نَهدَ التّليلِ لصَعْبِ الأمرِ رَكّابا
المَجْدُ حُلّتُهُ، وَالجُودُ عِلّتُهُ{#spc} والصّدقُ حوزتهُ انْ قرنهُ هاباَ
خطَّابُ محفلة ٍ فرَّاجُ مظلمة{#spc} انْ هابَ معضلة ً سنّى لهاَ باباَ
حَمّالُ ألويَة ٍ، قَطّاعُ أوديَة ٍ{#spc} شَهّادُ أنجيَة ِ، للوِتْرِ طَلاّبا
سُمُّ العداة ِ وفكَّاكُ العناة ِ اذَا {#spc} لاقى الوَغَى لم يكُنْ للمَوْتِ هَيّابا

الخنساء السلمية Comments

الخنساء السلمية Popularity

الخنساء السلمية Popularity

Close
Error Success