أبو القاسم الشابي

أبو القاسم الشابي Poems

أيْها الشعبُ! ليتني كنتُ حطَّاباً {#spc} فأهوي على الجذوعِ بفأسي
ليتَني كنتُ كالسيّولِ، إذا ما سالَتْ {#spc} تهدُّ القبورَ: رمْساً برمٍسِ
...

سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعْداءِ {#spc} كالنِّسْر فوقَ القِمَّة ِ الشَّمَّاءِ
أَرْنو إِلَى الشَّمْسِ المضِيئّة ِ..،هازِئاً {#spc} بالسُّحْبِ، والأمطارِ، والأَنواءِ
...

سَئِمْتُ الحياة َ، وما في الحياة ِ {#spc} وما أن تجاوزتُ فجرَ الشَّبابْ
سَئِمتُ اللَّيالي، وَأَوجَاعَها {#spc} وما شَعْشَعتْ مَنْ رَحيقِ بصابْ
...

كانَ الربيعُ الحُيُّ روحاً، حالماً {#spc} غضَّ الشَّبابِ، مُعَطَّرَ الجلبابِ
يمشي على الدنيا، بفكرة شاعرٍ {#spc} ويطوفها، في موكبٍ خلاَّبِ
...

ضحِكْنا على الماضي البعيدِ، وفي غدٍ {#spc}ستجعلُنا الأيامُ أضحوكة َ الآتي
وتلكَ هِيَ الدُّنيا، رِوَايَة ُ ساحرٍ {#spc} عظيمٍ، غريب الفّن، مبدعِ آياتِ
...

لَسْتُ أبْكي لِعَسْفِ لَيْلٍ طَويلٍ{#spc} أَوْ لِربعٍ غَدَا العَفَاءُ مَرَاحهْ
إنَّما عَبْرَتِي لِخَطْبٍ ثَقِيلٍ{#spc} قد عَرانا، ولم نجد من أزاحهُ
...

يا مَوْتُ قدْ مزَّقْتَ صَدْري
وقَصَمْت بالأَرزاءَ ظَهْرِي
...

أنتَ يا شعرُ، فلذة ٌ من فؤادي {#spc} تتغنَّى ، وقطعة ُ من وجودي
فيكَ مَا في جوانحي مِنْ حَنينٍ {#spc} أبديِّ إلى صَميم الوجودِ
...

أَيُّها الليلُ يا أبا البؤسِ والهَوْ {#spc} لِ يا هيكلَ الحَياةِ الرهيبِ
فيكَ تَجْثو عرائسُ الأمَلِ العذْ {#spc} بِ تُصَلِّي بِصَوتهِ المحبوبِ
...

يودُّ الفَتَى لو خاضَ عاصفة َ الرّدى
وصدَّ الخميسَ المَجْرَ، والأسَدَ الوَرْدَا
...

يا ليلُ! ما تصنعُ النفسُ التي سكنتْ {#spc} هذا الوجودَ، ومِنْ أعدائها القَدَرُ؟
ترضى وَتَسْكُتُ؟ هذا غيرُ محتَمَلٍ{#spc} إذاً، فهل ترفضُ الدنيا، وتنتحرُ؟
...

يَا أيُّها الشَّادِي المغرِّدُ ههُنا {#spc} ثَمِلاً بِغِبْطة ِ قَلْبِهِ المَسْرُورِ
مُتَنَقِّلاً بينَ الخَمائلِ، تَالِياً {#spc} وحْيَ الربيعِ السّاحرِ المسحورِ
...

يَا أيُّها الشَّادِي المغرِّدُ ههُنا {#spc} ثَمِلاً بِغِبْطة ِ قَلْبِهِ المَسْرُورِ
مُتَنَقِّلاً بينَ الخَمائلِ، تَالِياً {#spc} وحْيَ الربيعِ السّاحرِ المسحورِ
...

عِشْ بالشُّعورِ، وللشُّعورِ، فإنَّما {#spc} دنياكَ كونُ عواطفٍ وشعورِ
شِيدَتْ على العطْفِ العميقِ، وإنّها {#spc} لتجفُّ لو شِيدتْ على التفكيرِ
...

يا موتُ! قد مزَّقتَ صدري وقصمْتَ بالأرزاءِ ظَهْري
ورميْتَني من حَالقٍ وسخرتَ منِّي أيَّ سُخْرِ
...

الأمُّ تلثُمُ طفلَها، وتضـمُّه
حرَمٌ، سماويُّ الجمالِ، مقدَّسُ
...

يَنْقَضِي العَيْشُ بَيْنَ شَوْقٍ وَيَأْسِ {#spc} والمُنَى بَيْنَ لَوْعة ٍ وَتَأَسِّ
هذه سُنَّة ُ الحياة ، ونفسي{#spc} لا تَوَدُّ الرَّحيقَ فِي كَأْسِ رِجْسِ
...

عجباً لي! أودُّ أن أَفْهَمَ الكونَ{#spc} ونفسي لَمْ تستطعْ فَهْمَ نفسِي
لم أُفِدْ مِنْ حَقائِقِ الكونِ إلاّ {#spc} أنني في الوجُود مُرْتَادُ رمسِ
...

أنتِ كالزهرة ِ الجميلة ِ في الغاب{#spc} ولكنْ مَا بينَ شَوكٍ، ودودِ
والرياحينُ تَحْسَبُ الحسَكَ الشِّرِّيرَ {#spc} والدُّودَ من صُنوفِ الورودِ
...

أَتَفنى ابتساماتُ تَلك الجفونِ؟ {#spc}ويخبو توهُّجُ تلكَ الخدودْ
وتذوي وُرَيْداتُ تلك الشِّفاهِ؟ {#spc}وتهوِي إلى التُّرْبِ تلكَ النُّهودْ؟
...

أبو القاسم الشابي Biography

أبو القاسم الشابي الملقب بشاعر الخضراء (24 فبراير 1909 - 9 أكتوبر 1934م) شاعر تونسي من العصر الحديث ولد في بلدة الشابة التابعة لولاية توزر ولد أبو القاسم الشابي في يوم الأربعاء في الرابع والعشرين من فبراير عام 1909م الموافق الثالث من شهر صفر سنة 1327 هـ وذلك في مدينة توزر في تونس. قضى الشيخ محمد الشابي حياته الوظيفية في القضاء بمختلف المدن التونسية حيث تمتع الشابي بجمالها الطبيعي الخلاب، ففي سنة 1328 هـ 1910م عين قاضيا في سليانة ثم في قفصة في العام التالي ثم في قابس 1332هـ 1914م ثم في جبال تالة 1335 هـ 1917م ثم في مجاز الباب 1337 هـ 1918م ثم في رأس الجبل 1343هـ 1924م ثم انه نقل إلى بلدة زغوان 1345 هـ 1927م ومن المنتظر أن يكون الشيخ محمد نقل أسرته معه وفيها ابنه البكر أبو القاسم وهو يتنقل بين هذه البلدان، ويبدو أن الشابي الكبير قد بقي في زغوان إلى صفر من سنة 1348هـ – أو آخر تموز 1929 حينما مرض مرضه الأخير ورغب في العودة إلى توزر، ولم يعش الشيخ محمد الشابي طويلاً بعد رجوعه إلى توزر فقد توفي في الثامن من أيلول –سبتمبر 1929 الموافق للثالث من ربيع الثاني 1348 هـ كان الشيخ محمد الشابي رجلاً صالحاً تقياً يقضي يومه بين المسجد والمحكمة والمنزل وفي هذا الجو نشأ أبو القاسم الشابي ومن المعروف أن للشابي ثلاثة أخوة هم محمد الأمين وعبد الله وعبد الحميد أما محمد الأمين فقد ولد في عام 1917 في قابس ثم مات عنه أبوه وهو في الحادية عشر من عمره ولكنه أتم تعليمه في المدرسة الصادقية أقدم المدارس في القطر التونسي لتعليم العلوم العصرية واللغات الأجنبية وقد أصبح الأمين مدير فرع خزنة دار المدرسة الصادقية نفسها وكان الأمين الشابي أول وزير للتعليم في الوزارة الدستورية الأولى في عهد الاستقلال فتولى المنصب من عام 1956 إلى عام 1958م يبدو بوضوح أن الشابي كان يعلم على أثر تخرجه في جامع الزيتونة اعرق الجامعات العربية أو قبلها بقليل أن قلبه مريض ولكن أعراض الداء لم تظهر عليه واضحة إلا في عام 1929 وكان والده يريده أن يتزوج فلم يجد أبو القاسم الشابي للتوفيق بين رغبة والده وبين مقتضيات حالته الصحية بداً من أن يستشير طبيباً في ذلك وذهب الشابي برفقة صديقة زين العابدين السنوسي لاستشارة الدكتور محمود الماطري وهو من نطس الأطباء، ولم يكن قد مضى على ممارسته الطب يومذاك سوى عامين وبسط الدكتور الماطري للشابي حالة مرضه وحقيقة أمر ذلك المرض غير أن الدكتور الماطري حذر الشابي على أية حال من عواقب الإجهاد الفكري والبدني وبناء على رأي الدكتور الماطري وامتثالاً لرغبة والده عزم الشابي على الزواج وعقد قرانه. يبدو أن الشابي كان مصاباً بالقلب منذ نشأته وأنه كان يشكو انتفاخاً وتفتحاً في قلبه ولكن حالته ازدادت سوءاً فيما بعد بعوامل متعددة منها التطور الطبيعي للمرض بعامل الزمن والشابي كان في الأصل ضعيف البنية ومنها أحوال الحياة التي تقلّب فيها طفلاً ومنها الأحوال السيئة التي كانت تحيط بالطلاب عامة في مدارس السكنى التابعة للزيتونة. ومنها الصدمة التي تلقاها بموت محبوبته الصغيرة ومنها فوق ذلك إهماله لنصيحة الأطباء في الاعتدال في حياته البدنية والفكرية ومنها أيضاً زواجه فيما بعد. لم يأتمر الشابي من نصيحة الأطباء إلا بترك الجري والقفز وتسلق الجبال والسياحة ولعل الألم النفساني الذي كان يدخل عليه من الإضراب عن ذلك كان أشد عليه مما لو مارس بعض أنواع الرياضة باعتدال. يقول بإحدى يومياته الخميس 16-1-1930 وقد مر ببعض الضواحي: "ها هنا صبية يلعبون بين الحقول وهناك طائفة من الشباب الزيتوني والمدرسي يرتاضون في الهواء الطلق والسهل الجميل ومن لي بأن أكون مثلهم ؟ ولكن أنى لي ذلك والطبيب يحذر علي ذلك لأن بقلبي ضعفاً ! آه يا قلبي ! أنت مبعث آلامي ومستودع أحزاني وأنت ظلمة الأسى التي تطغى على حياتي المعنوية والخارجية". وقد وصف الدكتور محمد فريد غازي مرض الشابي فقال: " إن صدقنا أطباؤه وخاصة الحكيم الماطري قلنا إن الشابي كان يألم من ضيق الأذنية القلبية أي أن دوران دمه الرئوي لم يكن كافياً وضيق الأذنية القلبية هو ضيق أو تعب يصيب مدخل الأذنية فيجعل سيلان الدم من الشرايين من الأذنية اليسرى نحو البطينة اليسرى سيلاناً صعباً أو أمراً معترضاً (سبيله) وضيق القلب هذا كثيرا ما يكون وراثياً وكثيراً ما ينشأ عن برد ويصيب الأعصاب والمفاصل وهو يظهر في الأغلب عند الأطفال والشباب ما بين العاشرة والثلاثين وخاصة عند الأحداث على وشك البلوغ ". وقد عالج الشابي الكثير من الأطباء منهم الطبيب التونسي الدكتور محمود الماطري ومنهم الطبيب الفرنسي الدكتور كالو والظاهر من حياة الشابي أن الأطباء كانوا يصفون له الإقامة في الأماكن المعتدلة المناخ. قضى الشابي صيف عام 1932 في عين دراهم مستشفياً وكان يصحبه أخوه محمد الأمين ويظهر أنه زار في ذلك الحين بلدة طبرقة برغم ما كان يعانيه من الألم، ثم أنه عاد بعد ذلك إلى توزر وفي العام التالي اصطاف في المشروحة إحدى ضواحي قسنطينة من أرض القطر الجزائري وهي منطقة مرتفعة عن سطح البحر تشرف على مساحات مترامية وفيها من المناظر الخلابة ومن البساتين ما يجعلها متعة الحياة الدنيا وقد شهد الشابي بنفسه بذلك ومع مجيء الخريف عاد الشابي إلى تونس الحاضرة ليأخذ طريقة منها إلى توزر لقضاء الشتاء فيها. غير أن هذا التنقل بين المصايف والمشاتي لم يجد الشابي نفعاً فقد ساءت حاله في آخر عام 1933 واشتدت عليه الآلام فاضطر إلى ملازمة الفراش مدة. حتى إذا مر الشتاء ببرده وجاء الربيع ذهب الشابي إلى الحمّة أو الحامه (حامة توزر) طالباً الراحة والشفاء من مرضه المجهول وحجز الأطباء الاشتغال بالكتابة والمطالعة. وأخيراً أعيا الداء على التمريض المنزلي في الآفاق فغادر الشابي توزر إلى العاصمة في 26-8-1934 وبعد أن مكث بضعة أيام في أحد فنادقها وزار حمام الأنف، أحد أماكن الاستجمام شرق مدينة تونس نصح له الأطباء بأن يذهب إلى أريانة وكان ذلك في أيلول واريانة ضاحية تقع على نحو خمس كيلومترات إلى الشمال الشرقي من مدينة تونس وهي موصوفة بجفاف الهواء. ولكن حال الشابي ظلت تسوء وظل مرضه عند سواد الناس مجهولاً أو كالمجهول وكان الناس لا يزالون يتساءلون عن مرضه هذا: أداء السل هو أم مرض القلب؟. ثم أعيا مرض الشابي على عناية وتدبير فرديين فدخل مستشفى الطليان في العاصمة التونسية في اليوم الثالث من شهر أكتوبر قبل وفاته بستة أيام ويظهر من سجل المستشفى أن أبا القاسم الشابي كان مصاباً بمرض القلب أو القلاب. توفي أبو القاسم الشابي في المستشفى في التاسع من أكتوبر من عام 1934 فجراً في الساعة الرابعة من صباح يوم الأثنين الموافق لليوم الأول من رجب سنة 1353 هـ تمثال للشابي نحت على الصخر في توزر نقل جثمان الشابي في أصيل اليوم الذي توفي فيه إلى توزر ودفن فيها، وقد نال الشابي بعد موته عناية كبيرة ففي عام 1946 تألفت في تونس لجنة لإقامة ضريح له نقل إليه باحتفال جرى يوم الجمعة في السادس عشر من جماد الثانية عام 1365 هـ. ويعبر الشابي أجمل تعبير عن أنوار تونس والمغرب العربي التي استفادت منها بلاد المشرق كما هي الحال مع ابن خلدون والحصري القيرواني وابن رشيق وغيرهم المعبرين أنصع تعبير عن خصوصية المدرسة المغاربية أو مدرسة الغرب الإسلامي الذي تؤهله جغرافيته أن يكون الجسر بين الغرب والشرق والذي ظل مدافعا عن الثغور ولم يمح رغم الداء والأعداء كما يقول الشابي)

The Best Poem Of أبو القاسم الشابي

النبي المجهول

أيْها الشعبُ! ليتني كنتُ حطَّاباً {#spc} فأهوي على الجذوعِ بفأسي
ليتَني كنتُ كالسيّولِ، إذا ما سالَتْ {#spc} تهدُّ القبورَ: رمْساً برمٍسِ
ليتَني كنتُ كالريّاح، فأطوي{#spc} ورودُ الرَّبيع مِنْ كلِّ قنْس
ليتني كنتُ كالسّتاء، أُغَشِّي {#spc} كل ما أَذْبَلَ الخريفُ بقرسي
ليتَ لي قوَّة َ العواصفِ، يا شعبي{#spc} فأُلقي إليكَ ثَوْرة َ نفسي
ليت لي قوة َ الأعاصيرِ! إن ضجَّتْ {#spc} فأدعوكَ للحياة ِ بنبسي
ليت لي قوة َ الأعاصيرِ..! لكْ {#spc}أنتَ حيٌّ، يقضي الحياة برمسِ
أنتَ روحٌ غَبِيَّة ٌ، تكره النّور{#spc} وتقضي الدهور في ليل مَلْس
أنتَ لا تدركُ الحقائقَ إن طافتْ{#spc} حواليكَ دون مسّ وجسِ
في صباح الحياة ِ صَمَّخْتُ أكوابي {#spc} وأترعتُها بخمرة ِ نفسي
ثُمَّ قدَمْتُها إليكَ، فأهرقْتَ {#spc} رحيقي، ودُستَ يا شعبُ كأسي!
فتألَّمت..، ثًمَّ أسكتُّ آلامي{#spc} وكفكفتُ من شعوري وحسّي
ثُم نَضَّدْتُ من أزاهيرِ قلبي {#spc} باقة ً، لمْ يَمَسَّها أيُّ إِنْسِي
ثم قدّمْتُها إليكَ، فَمزَّقْتَ {#spc}ورودي، ودُستَها أيَّ دوسِ
ثم ألبَسْتَني مِنَ الحُزْنِ ثوباً {#spc} وبشوْك الجِبال توَّجتَ رأسي
إنني ذاهبٌ إلى الغابِ، ياشَعْبي {#spc} لأقضي الحياة َ، وحدي، بيأسي
إنني ذاهبٌ إلى الغابِ، علَّي{#spc} في صميم الغابات أدفنُ بؤسي
ثُمَّ أنْسَاكَ ما استطعتُ، فما أنت {#spc} بأهْلِ لخمرتي ولكَأسي
سوف أتلو على الطُّيور أناشيدي{#spc} وأُفضي لها بأشواق نَفْسي
فَهْي تدري معنى الحياة ، وتدري {#spc} أنّ مجدَ النُّفوسِ يَقْظَة ُ حِسِّ
ثم أقْضي هناك، في ظلمة الليل{#spc} وأُلقي إلى الوجود بيأسي
ثم تَحْتَ الصَّنَوْبَر، النَّاضر، الحلو{#spc} تَخُطُّ السُّيولُ حُفرة َ رمسي
وتظَلُّ الطيورُ تلغو على قبْرِي {#spc} ويشدو النَّسيمُ فوقي بهمس
وتظَلُّ الفصولُ تمْشي حواليَّ{#spc} كما كُنَّ في غَضارَة أمْسي
أيّها الشّعبُ! أنتَ طفلٌ صغيرٌ{#spc} لاعبٌ بالتُّرابِ والليلُ مُغْسِ
أنتَ في الكَوْنِ قوَّة ٌ، لم تَنسْسها {#spc} فكرة ٌ، عبقريَّة ٌ، ذاتُ بأسِ
أنتَ في الكَوْنِ قوة ٌ،كبَّلتْها {#spc} ظُلُمَاتُ العُصور، مِنْ أمس أمسِ
والشقيُّ الشقيُّ من كان مثلي {#spc} في حَسَاسِيَّتي، ورقَّة ِ نفسي
هكذا قال شاعرٌ، ناولَ النَّاسَ {#spc} رحيقَ الحياة ِ في خير كأسِ
فأشاحُوا عنْها، ومرُّوا غِضابا {#spc}واستخفُّوا به، وقالوا بيأس:
'قد أضاعَ الرشّادُ في ملعب الجِنّ {#spc} فيا بؤسهُ، أصيب بمسّ
طالما خاطبَ العواصفَ في الليلِ {#spc}ويَمْشي في نشوة ِ المُتَحَسِّي
طالما رافقَ الظلامَ إلى الغابِ {#spc} ونادى الأرواحَ مِن كلِّ جِنْس»
طالما حدَّثَ الشياطينَ في الوادي{#spc} وغنّى مع الرِّياح بجَرسِ»
إنه ساحرٌ، تعلِّمُه السحرَ{#spc} الشياطينُ، كلَّ مطلع شمسْ
فکبعِدوا الكافرَ الخبيثَ عن الهيكلِ {#spc} إنّ الخَبيثَ منبعُ رِجْسِ»
«أطردوه، ولا تُصيخوا إليه {#spc} فهو روحٌ شريِّرة ٌ، ذات نحْسِ
هَكَذا قَال شاعرٌ، فيلسوفٌ{#spc} عاشَ في شعبه الغبيِّ بتَعْسِ
جَهِلَ الناسُ روحَه، وأغانيها {#spc} فساموُا شعورَه سومَ بخْسِ
فَهْوَ في مَذهبِ الحياة ِ نبيٌّ {#spc} وَهْوَ في شعبهِ مُصَابٌ بمسِّ
هكذا قال، ثمّ سَار إلى الغابِ{#spc} ليَحْيا حياة شعرٍ وقُدْسِ
وبعيداً، هناك..، في معبد الغاب{#spc} الذي لا يُظِلُّه أيُّ بُؤْسِ
في ظلال الصَّنوبرِ الحلوِ، والزّيتونِ {#spc} يقْضي الحياة َ: حرْساً بحرْسِ
في الصَّباح الجميل، يشدو مع الطّير{#spc} ويمْشي في نشوة ِ المنحسِّي
نافخاً نايَه، حوالْيه تهتزُّ{#spc} ورودُ الرّبيع منْ كلِّ فنسِ
شَعْرُه مُرْسَلٌ- تداعُبه الرّيحُ {#spc}على منكبْيه مثلَ الدُّمُقْسِ
والطُّيورُ الطِّرابُ تشدو حواليه {#spc} وتلغو في الدَّوحِ، مِنْ كُلِّ جنسِ
وترا عند الأصيل، لدى الجدول{#spc} يرنو للطَّائرِ المتحسِّي
أو يغنِّي بين الصَّنوبرِ، أو يرنو {#spc} إلى سُدْفَة الظَّلامِ الممسّي
فإذا أقْبَلَ الظلامُ، وأمستْ {#spc}ظلماتُ الوجودِ في الأرض تُغسي
كان في كوخه الجميل، مقيماً {#spc} يَسْألُ الكونَ في خشوعٍ وَهَمْسِ
عن مصبِّ الحياة ِ، أينَ مَدَاهُ؟ {#spc} وصميمِ الوجودِ، أيَّان يُرسي؟
وأريجِ الوُرودِ في كلِّ وادٍ {#spc} ونَشيدِ الطُّيورِ، حين تمسِّي
وهزيمِ الرِّياح، في كلِّ فَجٍّ {#spc}وَرُسُومِ الحياة ِ من أمس أمسِ
وأغاني الرعاة ِ أين يُواريها {#spc} سُكونُ الفَضا، وأيَّان تُمْسي؟؟
هكذا يَصْرِفُ الحياة َ، ويُفْني {#spc}حَلَقات السنين: حَرسْاً بحرْسِ
يا لها من معيشة ٍ في صميم الغابِ{#spc} تُضْحي بين الطيور وُتْمْسي
يا لها مِنْ معيشة ٍ، لم تُدَنّسْهَا {#spc}نفوسُ الورى بخُبْثٍ ورِجْسِ
يا لها من معيشة ٍ، هيَ في الكون {#spc}حياة ٌ غريبة ٌ، ذاتُ قُدسِ

أبو القاسم الشابي Comments

أبو القاسم الشابي Popularity

أبو القاسم الشابي Popularity

Close
Error Success