يا نفس Poem by إيليا أبو ماضي

يا نفس لو كنت ترين الشؤون {#spc} كما يراها سائر الناس
لما رماني بعضهم بالجنون {#spc} ولم أجد في الناس من باس
بالأمس مرّ الوكب الأكبر {#spc} فيه الفتى الراكب والناعل
وأقبلت غيد الحمى تخطر {#spc} يهتفن: عاد البطل الباسل
ما لك يا هذه لا تهتفين {#spc} لصاحب الدولة والباس؟
فقلت لي ضاحكة تسخرين: {#spc} ويلك ! هذا قاتل الناس!
ومجلس دارت به الكؤوس {#spc} فشرب القوم ولم تشربي
وامتلأت بالطرب الأنفس {#spc} وأنت في صمتك لم تطربي
كأنّما غيّبك الحندس {#spc} أو تاهت اللذّات في سبسب
ما لك يا هذه لا تضحكين {#spc} للحبب الضاحك في الكاس؟
قالت : نهاني أنّ موج السنين {#spc} سيغمر الأقداح والحاسي!
وسرت في الروضة شاع الجمال {#spc} فيها، وشاع الحبّ بين الطيور
ألطلّ فيها كدموع الدلال {#spc} والشوك فيها كحديث الغرور
مشيت في أرجائها كالخيال {#spc} يطوف في الظلماء بين القبور
كأنّما لا ورد في الياسمين {#spc} كأنّما لا عطر في الآس
ويحك! لا في عزلتي تطربين {#spc} ولا إذا كنت مع الناس
كان زمان كنت تستأنسين {#spc} بكلّ وهم خادع كالسراب
حتى إذا أسفر وجه اليقين {#spc} رأيته كالوهم شيئا كذاب
دنيا الورى ليل وصبح مبين {#spc} وليس في دنياك إلاّ الضباب
ما لاحت الأشجار للناظرين {#spc} إلاّ رأيت شبح الفاس!
ولا سمعت الكاس ذات الرنين {#spc} إلا سمعت حطمة الكاس!
مسخت في عينّي لوت النهار {#spc} لّما لمحت الليل بالمرصد
ومات في إذنّي لحن الهزار {#spc} لّما سبقت الصمت للمنشد
فررت باللّذات قبل الفرار {#spc} فضاع يومي حائرا في غدي
خالفت مقياس الورى أجمعين {#spc} فكيف يرضون بمقياسي؟
ما برح الناس كما تعلمين {#spc} ولم أزل فردا من الناس