ليل وقلب Poem by فدوى طوقان

ليل وقلب

هو الليل يا قلب ، فانتشر شراعك{#spc}، و اعبر خضّم الظلام العميق
وجذف بأوهامك الراعشات {#spc}في زورق ما به من رفيق
وأنك كالليل شيء كبير{#spc}.. بعيد القرار سحيق سحيق
وفيك كألغازة المبهمات {#spc} أفانين من كل لغز دقيق
هواجس مختلفات رؤاها {#spc}تهوّم طوراً و طوراً تفيق
ولليل يا قلب أي امتدادٍ {#spc}يحيط بهذا الوجود العظيم
سرى و احتوى الكون في عمقه {#spc} فلف ّالبحار ولفّ الأديم
وكالليل أنت ، حويت وجوداً {#spc}من العاطفات كبيراً جسم
ففيك السماء ، وفيك الخضمّ{#spc} وفيك الجديد ، وفيك القديم
وتنتظم الكون في خفقةٍ {#spc} وأنت بجنبي هنا لا تريم
و دونك يا قلب هذا الفضاء {#spc} تجوز به السحب العابرة
مراكب تمخر إثر مراكب {#spc}تدفها قوّة قاهرة
كأني أرى في شكول السحاب{#spc} نواتيّ أبصارهم حائره
أضلّوا المنار فهم تائهون{#spc} يغذون في اللجج الكافره
كذلك أنت ببحر الحياة{#spc} توهان في ظلم سادره
ورجرجة النجم كم ساجلتك{#spc} بصدر السماء خفوق الحنين
أبا النجم ما بك من لهفة {#spc}أبا النجم مثلك شوق دفين؟
أتجهش في قلبه الذكريات{#spc} وتأخذ منه بحبل الوتين؟
فما باله قلقاً خافقاً{#spc} يراعي الدجى في سهوم حزين
لعلّ أليفاً له قد هوى {#spc} وبات كخذنك في الآفلين
وأصغ معي في السكون الرياض {#spc}وقد لفّها غسق الغيهب
طيور توشوش جنح الدجى{#spc} وتكشف عن همّها المختبي
فهذا الخريف تدبّ خطاه {#spc} ليعصف بالزهر المعجب
ويخنق ألحان أشواقها{#spc} ويلوي بترجيعها المطرب
و كيف تغنّي لزهر ذوى {#spc} بروضٍ سليب الحلى مجذب
وأنت ... وأنت تخاف الخريف {#spc} و تشفق من ريحه العاتيه
تخاف على زهرات الصبّى{#spc} تبدّدها كفّه القاسيه
فلا نور يشتاق طل الصباح{#spc} و يوحي بأنغامك الظاميه
تخاف تزايلك الملهبات{#spc} و تخمد أشواقك الطاغيه
ويفرغ نايك من لحنه {#spc}ويثوى حطاماً بأضلاعه
وسعت عوالم يا قلب ماجت{#spc} يحم الطيوف وشتّى الصور
أحاسيس حيرى تهيج وتطغى{#spc} هياج العباب اذا ما غمر
وأخرى تهبّ ، هبوب النسيم{#spc} تنفّس في جانحيه الزهر
وتظلم يا قلب حتى كأنك {#spc} ليل بصدري الكظيم اعتكر
وتشرق حتى إخال الضياء{#spc} بأقطار نفسي منك انتشر
وتخصب طوراً فكلك حبّ {#spc}يعانق قلب الوجود الرحيب
تفيض سلاما كأن يد الله {#spc}مرّت عليك بنفخ رطيب
تحبّ العدوّ وتحنو عليه{#spc} وخنجره منك دام خضيب
وطوراً تغيض سوى من رواسب {#spc}كرهٍ عصيٍ وبغض رهيب
كأنّ أكفّ الشياطين غلغلن{#spc} فيك فأنت مخوف جديب
فيا قلب ، يا أحد الأصغرين{#spc} كيف اتسّعت لهذا الوجود
وكيف احتمالك هذا الزحام {#spc}ومن خلجاتٍ كثار العديد
تحبّ وتبغض حراً طليقاً {#spc}فلا من سدود ولا من قيود
تصدّ نداء المحب القريب{#spc} وتهوى نداء العدو البعيد
فيا لك أعمى يقود زمامي {#spc} كما شاء فعل اللجوج العنيد
هو الليل يا قلب ، فانشر شراعك {#spc}واعبر خضمّ الظلام العميق
وجذف بأوهامك الراعشات {#spc}في زورقٍ ما به من رفيق

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
فدوى طوقان

فدوى طوقان

فلسطين
Close
Error Success