قصة التمثال من آشور Poem by محمود البريكان

قصة التمثال من آشور

في غرفة الزجاج
في متحف
يقبع في مدينة ضائعة
ترسب في بلاد
مهجورة
في قارة واسعة
هذا انا، مرتفع، أواجه العيون
أشلّها
أنفض في نهاية السكون
حوادث الدهر، ورعب المائة التاسعة
معبود نينوي
سيدها
في لحظه غامضة
برزت للوجود
على صدى ازميل
في راحتي نحات
في قاعة الاحجار والسجيل
قبائل الأموات
تنحر لي ذبائح الرعبِ
وكم اصوات
تهتز بالكابوس في ذبذبة الترتيل
سميت الواناً من الأسماء
بخرت بالعطور والأنداء
ختمت بالخواتم
عيناي ماستان
تخترقان الليل، من مناجم
لم يكتشف اسرارها انسان
يعترف الزمن
بهذه الذاكرة
انا رأيت القمر الناعم
عند ابتداء الليل
وضجة الزلزال قبل الساعة العاشرة
انا رأيت الخيل
تقتحم الخدور
رأيتها ترتفع الرماحُ بالجماجم
رأيتها تختلج الرؤوس
بعد سقوط السيف
رأيت كيف ترقص العروس
في زفة الموت
وكيف تطفئ الشموس
زوبعة العواصم
يعترف الزمن
بهذه الذاكرة
تساقط القلاع والأسوار
والقحط والأمطار
والقمح والحديد
والبدء من جديد
وقوة السيف الذي يحدجه الرجال
برهبة، في غمده الجلدي
يعترف الزمن
بذلك الواقع أو بذلك الخيال
الموعد السري
لموت اسطورة
وبدء مشروع من المحال
أو بئة التاريخ
دورتها المجهولة التقويم
اشعة الحرائق
تلون الوجه والسماء والحدائق
ارادة القوة
وشهوة التحطيم
فقدت ماساتي
جردت من خواتمي ... جزت ذؤاباتي
دحرجت من قاعدتي
نقلت من مكانْ
إلى مكان
حاورتني البوم والعقبانْ
تسلقت اضلاعي الصبيان
ُجّرب فأس ما
في جسدي يوماً
ربطت بالحبالْ
سحبت ممدوداً علي وجهي
وراء زوجين من البغال
حرست سوراً مرة
ومرة آخرى
وضعت في مدخل قصر ما
قطرت في جيش من الجيوش
تركت في الصحراءْ
ممدداً، تغسلني الانواءْ
تجفف السموم
أقصى حجيراتي
محدقاً تحديقة الابد
محاجري البيضاء
مفتوحة لعالم النجوم
ينحسر البحر ولا تبقى سوى الاصداف
في باطن الارض
تهب الريح بعد الريح
تعيد توزيع الرمال الحمر
والغربان
حطت هنا، واندمجت في دورة الأفق
قوادم الصقور
رفت على العنق
واحترقت على ذرى الكثبان
عجائز الذئاب
توسدت جسمي
هاربة الي مكان ما
قوافل اللصوص
تفيأت جنبيَّ، حيث تترك الفصوصْ
أثارَها، وحيث تبني النملُ من ترابْ
مملكة التوازن الأعمى
في غرفة الزجاج
منتصب، تحدق النساء
في جسدي الخالي من التعقيد
( في وسط الحوض على التحديد )
يبتهج الاطفال
لان أذني سقطت، وحاجبي مكسور
لأن في صدري
دائرة خالية مفزعة في النور
في غرفة الزجاج
لا يصل الصوت
ولا يُلمس سطح الموت
يبدو رجال، ربما يواصلون الهمس
عن ظفري الايسر
في غرفة الزجاج
لا تسقط الاصابع الرثة
لا تصل الشمس، ولكن يصل المجهر
في غرفة الزجاج
وحيدة تنتصب الجثة

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
محمود البريكان

محمود البريكان

العراق / البصرة
Close
Error Success