بيت بنته لي الحياة Poem by أبو القاسم الشابي

بيت بنته لي الحياة

بيْتٌ، بَنَتْه ليَ الحياة ُ من الشذَى {#spc} والظلّ، والأَضْواءِ، والأنغامِ
بيتٌ، من السِّحرِ الجميلِ، مشَيَدٌ {#spc} للحبِّ، والأحلامِ، والالهامِ
في الغابِ سِحْرٌ، رائعٌ متجدِّدٌ {#spc} باقٍ على الأَيامِ والأعْوامِ
وشذًى كأجنحة الملائكِ، غامضٌ {#spc} سَاهٍ يُرفرف في سُكونٍ سَامِ
وجداولٌ، تشْدو بمعسول الغِنا {#spc} وتسيرُ حالمة ً، بغيرِ نِظَامِ
ومخارفٌ نَسَجَ الزمانُ بساطَها {#spc} من يابسِ الأوراقِ والأكمامِ
وَحَنَا عليها الدّوّحُ، في جَبَرُوتِهِ {#spc} بالظلِّ، والأغصان والنسام
في الغاب، في تلك المخارف، والرُّبى {#spc} وعلى التِّلاع الخُضرِ، والآجامِ
كم من مشاعرِ، حلْة ٍ، مجْهولة ٍ{#spc} سَكْرَى ، ومِنْ فِكَرٍ، ومن أوهامِ
غَنَّتْ كأسرابِ الطُّيورِ، ورفرفت {#spc} حولي، وذابتْ كالدّخان، أمامي
ولَكَمْ أَصَخْتُ إلى أناشيد الأسى {#spc}وتنهُّدِ الآلام والأسقامِ
وإلى الرياحِ النائحاتِ كأنّها{#spc} في الغاب تبكي ميِّت الأيَّامِ
وإلَى الشبابِ، مُغَنَّياً، مُتَرَنِّماً {#spc} حوْلي بألحان الغَرامِ الظَّامي
وسمعتُ للطير، المغرِّد في الفضا {#spc} والسِّنديانِ، الشامخ، المتَسامي
وإلى أناشيد الرّعاة ِ، مُرِفَّة ً{#spc} في الغاب، شَادية ً كسِرْبِ يَمامِ
وإلى الصّدى ، المِمراح، يهتفُ راقصاً {#spc} بين الفِجَاجِ الفيحِ والآكامِ
حتى غَدَا قلبي كنَايٍ، مُترَع{#spc} ثَمِلٍ من الألحان والنغامِ
فَشَدَوْتُ باللَّحنِ الغَريب {#spc}مجنَّحاً بكآبة ِ الأحلامِ والآلامِ
في الغاب، دنيا للخيال، وللرُّؤى {#spc} والشِّعرِ، والتفكيرِ، والأحلامِ
لله يومَ مضيتُ أوّلَ مرّة ٍ{#spc} للغابِ، أرزحُ تحت عبءِ سَقامي
ودخَلتُه وحدي، وحوْلي موكبٌ {#spc}هَزِجٌ، من الأحلامِ والأوهامِ
ومشيْتُ تحت ظِلاله مُتَهَيِّباً كالطفل{#spc} في صضمتٍ، وفي استسلامِ
أرنو إلى الأّدْوَاحِ، في جبروتها {#spc} فإخَالُها عَمَدَ السَّماءِ، أمامي
قَد مسَّها سِحْرُ الحياة ، فأوْرَقَتْ {#spc} وتَمَايَلَتْ في جَنَّة ِ الأحلامِ
وأُصِيخُ للصّمتِ المفكّر، هاتِفاً {#spc} في مِسْمعي بغرائب الأنغامِ
فإذا أنا في نَشْوَة ٍ شعرّية ٍ {#spc} فَيَّاضة ٍ بالوحي والإلهامِ
ومشاعري في يقظة ٍ مسحورة ٍ {#spc} .......
وَسْنَى كيقظة ِ آدَمٍ لمَّا سَرَى{#spc} في جسمه، رُوحُ الحياة ِ النّامي
وشَجَتْه مْوسيقى الوجودِ، وعانـ {#spc} ـقتُ أحلامَهُ، في رِقّة ٍ وسلامِ
ورأى الفَراديسَ، الأَنيقة َ، تنثني {#spc} في مُتْرَفِ الأزهار والكمامِ
ورأى الملائكَ، كالأشعَّة في الفَضَا {#spc} تنسابُ سابحة ً، بغير نظامِ
وأحسّ رُوحَ الكون تخفقُ حوله {#spc} في الظِّلِّ، والأضواءِ، والأنسامِ
والكائناتِ، تحوطُهُ بِحَنَانها وبحبِّها{#spc} الرَّحْبِ، العميقِ، الطَّامي
حتى تملأَ بالحياة كِانُه {#spc} وسَعى وراءَ مواكبِ الأيامِ
ولَرُبَّ صُبْحٍ غائمٍ، مُتَحجِّبٍ {#spc}في كِلَّة ٍ من زَعْزَعٍ وغَمامِ
تتنفَّسُ الدُّنيا ضَباباً، هائماً {#spc} مُتدفِّعاً في أفْقه المُترامي
والرِّيحُ تخفقُ في الفضاءِ، وفي الثَّرى {#spc}وعلى الجبال الشُّمِّ، والآكام
باكَرْتُ فيه الغابَ، مَوْهُونَ القُوى َ{#spc} متخاذِلَ الخُطُواتِ والأَقدامِ
وجلستُ تحتَ السّنديانة ِ، واجماً {#spc} أرنو إلى الأفُق الكئيب، أمامي
فأرى المبانيَ في الضباب، كأنها {#spc} فِكْرٌ، بأرضِ الشَّكِّ والإبهامِ
أو عَالَمٌ، ما زال يولَدُ في فضا{#spc} الكونِ، بين غياهبٍ وسِدامِ
وأرى الفجاجَ الدامساتِ، خلالَه{#spc} ومشاهدَ الوديان والآجامَ
فكأنها شُعَبُ الجحيم،رهيبة ُ{#spc} ملفوفَة في غُبشة ٍ وظَلامِ
صُوَرٌ، من الفنِّ المُرَوِّعِ، أعجزت {#spc} وَحْيَ القريضِ وريشة َ الرسّامِ
وَلَكَمْ مَسَاءٍ، حَالمٍ متوَشِّحٍ بالظّلِ{#spc} والضّوءِ الحزين الدامي
قدْ سِرْتُ في غابي، كَفِكرٍ، هَائمٍ {#spc} في نشوة ِ الأحلام والإلهامِ
شَعَري، وأفكاري، وكُلُّ مشاعري {#spc} منشورة ٌ للنُّور والأنسام
والأفق يزخَرُ بالأشعَّة ِ والشَّذَى {#spc} والأرضُ بِالأعشابِ والأكمامِ
والغابُ ساجٍ، والحياة ُ مصيخة ٌ {#spc} والأفقُ، والشفقُ الجميلُ، أمامي
وعروسُ أحلامي تُداعبُ عُودَها {#spc} فيَرنُّ قلبي بالصَّدَى وعِظامي
روحٌ أنا، مَسْحُورة ٌ، في {#spc}عَالمٍ فوق الزمان الزّاخر الدَّوَّامِ
في الغابِ، في الغابِ الحبيبِ، وإنَّه {#spc} حَرَمُ الطَّبيعة ِ والجمالِ السَّامي
طَهَّرْتُ فينار الجمال مشاعِري {#spc}ولقِيتُ في دنيا الخيال سَلامي
ونسيتُ دنيا النّاس، فهي سخافة ٌ {#spc}سَكْرَى من الأَوهامِ والآثامِ
وَقَبسْتُ من عَطْفِ الوجود وحُبِّه {#spc} وجمالهِ قبساً، أضاءَ ظلامي
فرأيتُ ألوانَ الحياة ِ نضيرة ً {#spc} كنضارة ِ الزّهرِ الجميلِ النّامي
ووجدتُ سحْرَ الكون أسمى عنصراً {#spc} وأجلَّ من حزني ومن آلامي
فأهَبْتُ ـ مسحورَ المشاعر، حالماً{#spc} نشوانَ ـ بالقلب الكئيب الدّامي:
'المعبدُ الحيُّ المقدَّسُ هاهنا‍ {#spc} يا كاهنَ الأحزان والآلامِ
«فاخلعْ مُسُوحَ الحزنِ تحت ظِلالِهِ {#spc} والبسْ رِدَاءَ الشِّعرِ والأَحلامِ»
«وارفعْ صَلاَتكَ للجمالِ، عَميقة ً{#spc} مشبوبة ً بحرارة الإلهامِ
واصدحْ بألحان الحياة ، جميلة ً{#spc} كجمال هذا العالم البسَّامِ
واخفقْ مع العِطْر المرفرفِ في الفضا {#spc} وارقصْ مع الأضواء والأنسامِ
ومعَ الينابيعِ الطليقة ِ، والصَّدَى{#spc} ......
وَذَرَوْتُ أفكاري الحزِينة َ للدّجى {#spc} ونَثَرْتُها لِعَواصِفِ الأَيَّامِ
ومَضَيْتُ أشدُو للأشعَّة ِ ساحراً {#spc}من صوت أحزاني، وبطش سقامي
وهتفتُ: 'ياروحَ الجمالِ‍ تدَفَّقِي {#spc} كالنَّهرِ في فِكرِي، وفي أحْلامي»
وتغلغلي كالنّور، في رُوحي التي {#spc} ذَبُلتْ من الأحزان والآلامِ
أنتِ الشعورُ الحيُّ يزخرُ دافقاً {#spc} كالنّار، في روح الوجودِ النَّامي»
ويصوغ أحلامَ الطبيعة ِ، فاجعـ {#spc} ـلي عُمري نشيداً، ساحِرَ الأتغامِ
«وشذًى يَضُوعُ مع الأشعَّة ِ والرُّؤى {#spc} في معبد الحق الجليل السامي'

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success