النفس الضائعة Poem by سيد قطب

أئنّـي أنا ؟ أم ذاك رمزٌ لغابرِ {#spc} لأنكرتُ من نفسي أخصّ شعائري
لأنكرتُ إحساسي وأنكرتُ منزعي {#spc}وأنكرتُ آمالي ، وشتّى خواطري
وأنكرتُ شعري : وهو نفسي بريئةٌ{#spc} ممحضة من كل خلطٍ مخامرِ
وتفصلني عما مضى من مشاعري {#spc} عهـود وآباد طوال الدياجرِ
وأحسبها ذكرى ، ولكنّ بُعدها{#spc} يخيل لي : أن لم تمر بخاطري
أنقبُ عن ماضيّ بين سرائري{#spc} فألمحهُ كالوهمِ ، أو طيف عابرِ
أعيشُ بلا ماضٍ كأنيَ نبتةٌ على {#spc}السطح تطفو في مهب الأعاصر
وما غابرُ الإنسان إلا جذورهُ {#spc} فهل تمّ نبتٌ دون جذرٍ مؤازر ؟
وقد يتعزّى المرء عن فقد قابلِ {#spc}فكيف عزاء المرء عن فقد غابرِ ؟
أنقب عن نفسي التي قد فقدتها {#spc} بنفسي التي أحيا بها غير شاعرِ
وأطلبها في الروض إذ كان{#spc} همها تأمله يفضي بتلك الأزاهر
وفي الليل إذ يغشى ، وكانت إذا{#spc} غفا تيقّظ فيها كل غاف و سادر
وفي الليلة القمراء إذ تهمس الرؤى{#spc} وتومئ للأرواح إيماء ساحرِ
وفي الفجر والأنداء يقطرن والشذى {#spc} يفوح ، ويشجى سمعَهُ لحن طائر
وفي الحب إذ كانت شواظا {#spc}وحرقة ومهبط آمال ومطمح ثائر
وفي النكبة النكباءُ والغبطة التي{#spc} تجود بها الأقدار جود المحاذرِ
ولكنني أيئستُ أن ألتقي بها {#spc} وتاهت بواد غامر التيهِ غائر
سأحيا إذن كالطيف ليست تحسه {#spc} يدان ولا يجلوهُ ضـوء لناظرِ