التجارب Poem by سيد قطب

شكا بؤس ماضيهِ الحفيل الجوانب {#spc} بكل مصائب فادح العبء صائب
وضاق به صدرا على طول صحبة {#spc}تمل ، ويا بئس الأسى من مصاحبِ
وود لو ان الدهر يعفيه برهة{#spc} من الغابر المملول جم النوائب
فأصغت له الأقدار في أمنياتهِ {#spc} على أنها لم تصغِ يوماً لطالبِ
وأعفته من ماضيه حتى كأنه {#spc} وليد خلي القلب من كل نائبِ
نضا عنه أعباء السنين الغواربِ {#spc} ونحّى عن الآمال قيد التجارب
وعاد طليقاً لا يعوّق خطوهُ {#spc}مراس ، ولا يثنيهِ خوف العواقبِ
وخفّض صوت الذكريات أو امّحى{#spc} وجلجل كالناقوس صوت الرغائب
وآض وليد اليوم في ميعة الصبا {#spc}جديداً بدنياهُ ، جديد المطالبِ
بعيدا عن الماضي الذي آده الأسى {#spc} وحفّت به الأحداث من كل جانب
ولكنه ألفاه أسوان موحشاً كما {#spc}أفرد الأنسيّ من كل صاحبِ
وألفاه في هذي الحياة كأنهُ{#spc} غريب عرا ، في عالم من غرائب
وألفاه مقصوص الجناح إذا هفا إلى{#spc} الأوج لم يسعفهُ عزم المغالب
وإن همّ لم يبصر له من ركيزة {#spc}تضاعف عند الوثب جهد المواثب
وقد أبصر الآمال عرجاء لم تجد لها {#spc}سند من ذكريات ذواهبِ
فعاد إلى الأقدار يشكو صنيعها {#spc} ويوسعها في شكوه عتب عاتبِ
أما يستطيع الدهر - لو شاء نصفة{#spc} له - عوضاً عن غابر منه خائب
بماضٍ سعيدِ لم يشب صفوه الأسى{#spc} فيحيا على ركنين : آت وذاهبِ
فأصغت له الأقدار في أمنياته {#spc} على أنها لم تصغ يوما لطالبِ
وأعطتهُ أنقى صفحة في كتابها{#spc} لأسعد مخلوق وأهنأ راغبِ
ولكنه ألفاه لم يغد مالكاً {#spc}لما منحتهُ من عزيز المواهبِ
وألفاه لم يكشف خبيئة نفسهِ{#spc} لذيالك الماضي الذي لم يصاحبِ
وأبصر بالآمال حيرى{#spc} كأنما تساءل عن داع لها جد دائبِ
دعاها فلما أقبلت في سمائها {#spc}رأت غيرهُ في غفلةِ غير راقب
وما الأمل ' البسّام ' إلا رغيبة لنفس{#spc} ترى من دهرها وجه ' غاضبِ '
فعاد إلى الأقدار يطلب عونها {#spc} على رجع ماضيهِ بحسرة تائب
أجل عاد ملهوفاً لمرّ التجارب{#spc} وأيامهُ الأولى الظماء السواغبِ
أجل ذلك الماضي الذي هو بضعة {#spc}من النفس دسّت في الحشا والترائبِ
فأصغت له الأقدار في أمنياته {#spc} على أنها لم تصغ يوما لطالبِ
وعاد إلى دنياه من بعد غربة {#spc} وألقت عصاها واستقرّت بآيبِ