بنى الأرض هل من سامع فأبثَّهُ Poem by معروف الرصافي

بنى الأرض هل من سامع فأبثَّهُ {#spc} حديث بصير بالحقيقة عالم
جُبِلنا على حب الحياة وإنها {#spc} مخيفة أحلام أطافت بحالم
سعى الناس والاقدار مخبوءَة لهم {#spc} وناموا وما ليل الخطوب بنائم
جرت سفن الايام مشحونة ً بنا {#spc} على بحر عيش بالردى متلاطم
تأملت في الاحياءِ طراً فلم اجد {#spc} بهم باسماً إلا على ألف واجم
وربَّ سعيد واحد تمَّ سعده {#spc} بالف شقيّ في المعيشة راغم
وما المرءُ إلا دَوْحة في تنوفة {#spc} مُلَوَّحة ُ أغصانها بالسمائم
لها ورَقٌ قد جف إلا أقله {#spc} وعيدانها بين النُّيوب العواجم
ولا بد أن تُجْتَثَّ يوما جُذورها {#spc} وتَقلعها إحدى الرياح الهواجم
ارى العمر مهما ازداد يزداد نقصه {#spc} إذن نحن في نقص من العمر دائم
ولولا انهدام في بناء جسومنا{#spc} لما احتيج في تعميرها للمطاعم
لحى الله بأْساءَ الحياة كأننا {#spc} نُكبَّلُ من حاجاتها بالأداهم
نروح كما نغدو تجاهد دونها {#spc} أموراً دعتنا لارتكاب الجرائم
فلو كنت في هذا الوجود مخيراً{#spc} وفي عدمي لاخترته غير نادم
هل الموت إلا سالك وحياتنا {#spc} إليه سبيل مستنبين المعالم
وما زال هذا الدهرُ غضبانَ آخذاً {#spc} على الناس من سيف النون بقائم
تبصّر تجد هذه البسيطة منزلاً{#spc} كثير اليتامَى عامراً بالمآتم
وليس الذي آسى له فقد هالكٍ {#spc} ولكن ضياع المفجّعات الكرائم
أراملُ تستذرى الدموع وحولها{#spc} يتامى كأفراخ القطا والحمائم
وكائن ترَى مخدومة في جلالها {#spc} سعتْ حيث أبكاها الردَى سعي خادم
فليت المنايا حين قوَّضن بيتها {#spc} بدا خُلبَّا والشرّ ضربة َ لازم
أرى الخيرَ في الأحياء ومْضَ سحابة

إذا ما رأينا واحداً قام بانيا {#spc} هناك رأينا خلفه ألفَ هادم
وما جاء فيهم عادل يستميلهمْ {#spc} الى الحق الا صدَّه الف ظالم
جهِلت كجهل الناس حكمة َ خالق {#spc} على الخلق طراً بالتعاسة حاكم
وغاية جهدي انني قد علمته {#spc} حكيما تعالى عن ركوب المظالم
دأبت لنفسي في الحياة كأنني {#spc} من العيش مُلقى ً في شدوق الضراغم
يخاصمني منها على غير طائلٍ {#spc} اناس فابدي الصفح غير مخاصم
وأقنع بالقوت الزهيد لطيبه {#spc} حذار وقوعي في خبيث المطاعم
وأترك ما قد تشتهي النفس نَيْلَه {#spc} وما انا في شئٍ عليه يجارم
إذا جئت بالقلب السليم يجيئني {#spc} بقلب له من كثرة الحِقد وارم