لموت الفَتى خير له من معيشة Poem by جميل صدقي الزهاوي

لموت الفَتى خير له من معيشة

لموت الفَتى خير له من معيشة {#spc} يَكون بها عبئاً ثَقيلا عَلى الناس
وأنكد من قد صاحب الناس عالم {#spc} يرى جاهلاً في العز وهو حقير
يَعيشُ رخيَّ العيش عِشرٌ من الوَرى {#spc} وَتسعة أَعشار الأنام مناكيد
أَما في بَني الأرض العَريضة قادرٌ {#spc} يخفف وَيلات الحَياة قَليلا
إذا ما رجال الشرق لم ينهضوا معاً {#spc} فأضيع شيء في الرجال حقوقها
إذا نات أوطاناً نشأت بأرضها {#spc} خراب ولم تحزن فأنت جماد
بربك قلبي أنت لا نترك الهوى {#spc} سواءٌ سلا يا قلب غيرك أم هاما
اتصلح في الشرق الحكومات شأنها {#spc} لعل الغنى والعلم يجتمعنان
أَفي الحق أَنَّ البعض يشبع بطنه {#spc} وأَن بطون الأكثرين تجوع
تقدم أهل الغرب حتى تحرروا {#spc} فما منع الشرقيَّ أن يتحرّرا
أسائلتي عَن غاية الخالق اسكتي {#spc} فَما لي عَلى هَذا السؤال جواب
إذا حيي الإنسان صادف منكراً {#spc} وإن ماتَ لاقى منكراً وَنَكيرا
ترقب سقوطاً يا ابن آدم قاتلا {#spc} فإنك لو تدري على جرف هار
لقد قال كل في الحياة برأيه {#spc} تعددت الآراء والحق واحد
إذا قلت حقاً خفت لوم مخاطبي {#spc} وإن لَم أَقل حقاً أخاف ضَميري
أَرى الناس إلا من توفر عقله {#spc} من الناس أعداءً لكل جَديد
خذ العلم إن الفضل للعلم وحدَه {#spc} وإن رجال العلم وحدهمُ الناس
إباؤُك والإدعان شرٌّ كلاهما {#spc} على أن بعض الشر أهون من بعض
لقد عاش في الدنيا كما يرتضي امرؤ {#spc} يميل مع الأيام حيث تميل
رَأَيت جياعاً يفخرون بجوعهم {#spc} فأضحكني ما قد رأَيت وأبكاني
وَما الناس إِلّاخادِع في مَقاله {#spc} يريد به الدنيا وآخر مخدوع
تأَخرت بعد الأربعين كأنما {#spc} أماميَ في سيري إليهِ ورائي
ألا لَيتَ أَعمالي إذا كنت ميتاً {#spc} وَقَد نقدوها لا عليَّ ولا ليا
لقد سار آبائي جميعاً إلى الردى {#spc} وإني على آثارهم سأَسير
يعود إلى بدءٍ له كل ذاهب {#spc} وليس لأيام الشبيبة من عود
أَتَت صور الماضي تباعاً فمثلت {#spc} لعيني لهواً مرَّ ثم اِضمحلت
أتينا إلى الدنيا فرادى وهكذا {#spc} سنمضي فرادى واحداً بعد واحد
فحصت بطون الكون فحصاً فَلَم أَجِد {#spc} سوى حركات فيه لَم أَدرِ ماهيا
ألا أيها الإنسان فيك معايب {#spc} وأكبر عيب فيك أنك فاني
إذا خلَت الدنيا من النفر الألى {#spc} أَحب فؤادي فالسَلام عَلى الدنيا
تمرُّ الليالي ليلة بعد ليلة {#spc} وحزني عَلَى ما فاتني ذلك الحزن
وكنت أرجى أن أفوز ببغيتي {#spc} فأدركني بعد الرجاء قنوط
وما أنا إن أخفقت فيما رجوته {#spc} بأوَّل سارٍ عن محجَّته ضلا
إذا كان بعض الناس يملك بلغة {#spc} ولم يختلط بالناس فهو سعيد
حياتي وإن كانت إليَّ عزيزة {#spc} إذا نالني ضيمٌ عليَّ تهون
إلى اليوم لم أحسد على شيء أمرأً {#spc} وقد كان عند الناس ما لم يكن عندي
أخو العقل يرجو نيل ما هو ممكن {#spc} وأكثر آمال الجهول محال
بنفسيَ أفدي من إذا قال ما هذي {#spc} وإن مرَّ بالعوراء مرَّ كريما
أَنا اليوم أَمري في يَدي غير أَنَّني {#spc} أُحاذر من أَن يخرج الأمر من يَدي
إذا كانَ في بيت مَريضاً عَزيزُهُ {#spc} فَسكان ذاكَ البيت كلهم مَرضى
يرجي الفَتى أَن الثراء يعينه {#spc} عَلى نائبات الدهر حين تَنوب
أَسر مَكانَ لي عَلى الارض ربوة {#spc} إلى جانبيها روضة وَغَدير
ألا ايها الناس ارحموا الناس واركنوا {#spc} إلى السلم إن السلم خير من الحرب
وأَحسن أَوقات الفَتى وقت نومه {#spc} إذا كانَ ذاكَ النوم خلواً من الحلم
وَهَل كبر الجثمان ينفع ربه {#spc} إذا كانَ فيه العقل غير كَبير
أخي إن أسرار الطبيعة جمة {#spc} وما اكتشفت منها العقول قليل
تمنيت لَو أني وَقد غبرت على {#spc} وَفاتي أَحقاب رجعت إلى الدنيا
تؤمل نفس المرء طول بقائها {#spc} وليس على نفس تؤمل من بأس
رغبت عَن الدنيا كأَني ميت {#spc} قَريباً وَفي الدنيا كأَنّي لا أَفنى
يَقولون إن الملح يصلح فاسِداً {#spc} فَما حيلة الإنسان إن فسد الملح
أقول لشيخ ينحني عند مشيه {#spc} أتنشد في هذا شبابك إذ ضاعا
وكم قد نجا باغ فما صدق الذي {#spc} يقول على الباغي تدور الدوائر
أكل امرئ يا أيها الناس إن رأى {#spc} من الصدق ما يخشى يفر إلى الكذب
لقد خاب من يخشى مقالة كاشح {#spc} وما فاز باللذات غير جسور
من الناس من إن غبت عنه فإنه {#spc} عدوّ وإن لاقيته فصديق
كذاكَ اِختلاف الناس في كل حقبة {#spc} محاسن قوم عند قوم قبائِح
أعاذلتي لا تعذليني على البكا {#spc} فإن الذي قد نابني لشديد
أحس بجسم العدل شبه حرارة {#spc} فأحرز ظنا أنه لم يمت بعد
وأحلَمُ من يمشي مع الناس صافحٌ {#spc} إذا سبه الجهال قال سلاما
لمن لاذ بالحكام من شر ظالم {#spc} كمن فر من حر الهجير إلى النار
إذا كانَ في الدنيا عدوٌّ يضرني {#spc} فَذاكَ لساني ثم ذاكَ لِساني

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success