بأهل اسكندرية بعض ما بى Poem by زكي مبارك

بأهل اسكندرية بعض ما بى

بأهل اسكندرية بعض ما بى {#spc}من الأحزان للثغر المصاب
أدار هواي ما قلبي بناس {#spc} هُيامى فوق أثباج العباب
وهل ينسى أخو كرمٍ وعهد {#spc} رحيق الراح يمزج بالرضاب
فإن تكن الكوارثُ آثمات {#spc}صببنَ عليك أسواط العذاب
فلن ينسى لك التاريخ عهداً {#spc}ضحوك الوجه مرهوب الجناب
حماك اللَه يا دار التنادى {#spc} إلى الهيجاء أو دار التصابى
ألم تمرح بساحتك الجوازى {#spc}لواعب في حمى الأسد الغضاب
ألم تلفى مع الأقدار يوماً {#spc} كتائب من لحاظ أو حراب
وكيف يطيب للدنيا وجودٌ {#spc} إذا هدّدت ظلماً بالخراب
وأين تجول أفراس المعالي {#spc} وأين تصول أحلامُ الشباب
عروس البحر والدنيا سفينٌ {#spc} تروّع بالقواصف والضّباب
أعندك أن دار المجد تنجو {#spc} على الأيام من كرب الصعاب
أعندك أن في الدنيا رياضاً {#spc}تصان من الأفاعي والذباب
عروس البحر ما هذي الرزايا {#spc} تصبُّ على بنيك بلا حساب
أكنت جنيت والدنيا مجال {#spc} لمفروض الثواب أو العقاب
جمالك فاتنٌ والحسن ذنب {#spc}لأهل الحسن في شرع الذئاب
فما شكواك من ظلماء طالت{#spc} وتلك جناية المجد اللباب
عروس البحر يا مهوى فتوني {#spc} ويا مغنى أمانيّ العذاب
عقلت بأرضك العزّاء عاما {#spc} فكان أعز عام في شبابي
دخلتك عانياً في أسر ليل {#spc} أصم القلب زنجي الإهاب
فأقبل نورك الروحي يسري {#spc} إلى أرواحنا من كل باب
رأى العقّال أن نحيا أسارى {#spc} حياة السيف في سدف القراب
فلا ندرى لوجه البحر لونا{#spc} سوى الموهوم من لمع السراب
ولا نقتات من زاد الأماني{#spc} سوى المظنون من يوم المآب
فهل سمع الشقيّ بما أفاءت {#spc} علينا اسكندرية من ثواب
هدير البحر كان يعجّ عمدا{#spc} ليطربنا على بعد المثاب
وحبّ الزمل صار لنا مهاداً {#spc} مطرّزةً بأزهارِ الروابى
فأمسى الاعتقال على اجتواهُ {#spc} رخيّ القيد مأنوس الرحاب
عروس البحر حدّثني شهودٌ {#spc}بأن الشط صار إلى تبات
فلا غيداءُ تخطر في حماه {#spc} كرقص البدر من خلف السحاب
ولا صبّ ختور العهد يمشى {#spc}على جنباته مشى الحباب
ولا صهباء يحسوها بنوه{#spc} وقد قبست من الذهب المذاب
إذا طافت بهم هاموا فخفوا{#spc} لمقبول المجانة والدعاب
وأمسوا والكواكب في علاها {#spc} لهم أسلاب فتك وانتهاب
سلاف صانها باكوس عما {#spc} يشوب الراح من إيم وعاب
ألم يثقل على حكماء قومى {#spc}وقد عاقرتها وزر اغتيابي
أمير الشط كنتُ فأين عهدى {#spc} برعي الحسن في الشط العجاب
وأين رماله منى وكانت {#spc}مناسك صبوتي في كل آب
إليها كان حجّى واعتمار {#spc} وفيها كان ختلى واختلابي
فكيف أذوقُ للصبوات طعما {#spc} وعن عرفاتها طال احتجابي
ندامى البحر سوف أعود يوماً {#spc} لأطفىء ما بقلبي من لؤاب
نشيدي في التصوف كان لحناً {#spc}نقلت صداه عن قصف العباب
سواي يرى الوجود إن اجتلاه {#spc} سطوراً ثاويات في كتاب
ويجلوه لوجداني وروحي {#spc}إذا ما شئتُ إظلال السحاب
وهل كانت حياة الناس إلا {#spc} قلائد صاغها ربّ الرباب
عشقت البحر والصحراء عشقا {#spc} به طال اندفاعي وانجذابي
أطلّ على الفضاء فتزدهيني {#spc} رحابٌ غارقاتٌ في رحاب
وأنظر للوجود فلا أراه {#spc}سوى خمرٍ تعاقر أو رضاب
أخلّائي هنالك حدّثوني{#spc} حديث الثغر وانتظروا إيابي
أفوق ربوعه غامت سماءٌ {#spc} مؤججةٌ بأقباس اللهاب
وما القوم الذين عدوا عليه {#spc} كعدوان الذباب على الشراب
أكانوا جنّة صمّا فعاثوا {#spc}به عيث الأراقم بالوطاب
أكان النسر في التحليق أدنى{#spc} إلى الإسفاف من ذاك الغراب
نطاح كلّه سفهٌ ولؤم {#spc} ولو كرهَ المصانع والمحابى
أحقّ أن مغنى الثغر أقوى{#spc} واقفر من أحاديث الصحاب
فلا النشار يسال غير صاح {#spc} ولا شيبوب يحلم بالجواب
أبو شادي أفاق فمن بشيري {#spc} برجع الأمن للثغر المهاب
وكيف يعيش روح كان أنسى {#spc} وإن ألف اللجاجة في الغضاب
أكاتمُ حبّه قلبي وأمضى {#spc}فأعلن بغضه عند العتاب
هو الدنيا وقد جنّت فصاغت {#spc} رحيق هواه من شهد وصاب
بأهل اسكندرية بعض ما بى{#spc} من الأحزان للثغر المصاب
سمعت حديث نكبتهم فأمسى{#spc} فؤادي في انصداعٍ وانشعاب
ملائك من أديم الخلد صيغوا {#spc} ليوم الوجد أو يوم الغلاب
أعزّ البحر أنفسهم فعزّوا {#spc} فهم قوم اعتلاء واصطخاب
هم الحراسُ للوطن المفدّى{#spc} من العادين أبناء القلاب
فكيف تبدلوا وأدال منهم {#spc} مديل البأس من وكر العقاب
تساق إليهم الأقواتُ هلّا {#spc} تساق إليهمُ عدد الحراب
أغيثوهم بسيفٍ لا بزاد {#spc}فهم خلفُ القساورة الصلاب
أمدوهم إذا شئتم بجيش {#spc}وقاح الوجه منزوع النقاب
فما حفظ الديار سوى حسام {#spc}به ظمأٌ على يوم الضراب
أجب عبد القوى وأنت شهمٌ {#spc}صريح لا يراوغ في الجواب
أأنت ترى المخابىء وأقيات {#spc}وهنّ أذل من غار الضباب
وما شرف الفتى وقد استنامت{#spc} جوانحُه إلى مثوى الهوابى
لنا ماض نسيناهُ فضعنا {#spc} ضياع التبر في جوف التراب
لقد كنّا وكنا ثم كنا {#spc} أداة الفتك من ظفرٍ وناب
ركزنا الرعب في مهج الضوارى {#spc} فكيف تروزنا مهج الذئاب
لوادينا القوىّ عنت وجوهٌ {#spc}عززن بالانتساب والاكتساب
ألم ندفن بوادينا قروماً {#spc}أرادوا الشرب من أمواه حابى
فكيف نكولنا عن ردع قوم{#spc} لئام البغي منكودي الإصاب
همُ ظنوا الكنانة زاد يوم{#spc} كظن النمل في نسف الهضاب
فإن فازوا فسوف نكون منهم{#spc} مكان البحر من لهب الضوابي
وسوف نظل نحن كما فطرنا {#spc} أباة الضيم أحرار الرقاب
عركنا الدهر جيلا بعد جيل {#spc} وكابدنا الألوف من الصعاب
فما هنّا على الأقدار يوما {#spc}ولا أمست بوارقنا نوابى
ألم نشرق على الشرق المعنّى {#spc} فندفع عنه آصار الضباب
ولولا جدنا في الشرق صارت{#spc} بقاياه العزاز إلى الذهاب
بنا وثقت شعوب لم تواجه{#spc} بروق الغرب إلا في ارتياب
بنا استهدت بصائر لم نرضها {#spc} خداعا بالمواعيد الكداب
كدأبكم وقد مرنت نهاكم {#spc}على سرت الخيانة بالخلاب
أكان العلم في عالى سناه {#spc} ذريعة الاستراق والاستلاب
أروني منّة أسلفتموها {#spc} بلا نهب يراد ولا اغتصاب
طلائع كان علمكم ليوم {#spc} يهون بجنبه يوم الحساب
ولم يك علمنا إلا نظيراً{#spc} لضوء الشمس يزهد في الثواب
أأنتم تفتنون بما ملكتم {#spc} من العدد النذيرة بالخراب
ولا نُزهى بآراء صحاح {#spc}هي المنشود من فصل الخطاب
فإن تخلد مآثرنا وتسلم {#spc}على التاريخ من شبه المعاب
فذام لأنها آثار قوم {#spc}كرام الروح أطهار الإهاب
لنا الخلد الذي لن ترزقوه {#spc} ولو أوتيتمُ ملك السحاب
فخبّوا في المطامع كيف شئتم {#spc} وخوضوا القاتمات من العقاب
ورودوا الأرض في شرق وغرب {#spc} بكبر الليث أو زهو الغراب
وصولوا آثمين بنار حرب{#spc} تحيل المزهرات إلى يباب
فسوف ترون بعد مدىً قصير {#spc} فرائس للمحاق وللذهاب
بأهل اسكندرية بعض ما بى {#spc} من الأحزان للثغر المصاب
أتلك قيامةٌ قامت فدكّت {#spc} حصون الباس من تلك الطوابى
فمن كهل سديد الرأى يمسى {#spc} لوقع الهول مفقود الصواب
ومن رشإ تصيّره الرزايا {#spc}وقيذ الشيب في شرخ الشباب
ومن عذراء يلفظها حماها {#spc}فتخرج للبلاء بلا نقاب
قوارع لم تقع إلا بأرض{#spc} يقارع أهلها وقد الحراب
فما آثام أهل الثغر حتى{#spc} يشَنَّ عليهم ويل العذاب
مضت زمرٌ إلى الأرياف منهم {#spc} مضيَّ السد من غاب لغاب
فكيف استقبلوا بعد ارتفاه{#spc} جشيب العيش في تلك الشعاب
أمن بعد الحشايا ناعماتٍ {#spc} يكون بساطهم متن التراب
على جلواتهم في الصيف كانت{#spc} تزفّ أطايب الحسن اللباب
وفي داراتهم كان التنادى {#spc} إلى الصبوات في الشط الرغاب
فكيف مضوا حيارى لم يثوبوا {#spc} إلى زادٍ يعدّ ولا ثياب
وكيف غدوا بهذا الصيف صرعى {#spc} لمشئوم الشتات والاغتراب
كذاك العيش بؤسٌ بعد لين {#spc} وشهد يستقى من بعد صاب
ومن عشق السلافه في صفاها {#spc} أحب لحبها رنقَ الصباب
عروس البحر نسرف إن رأينا {#spc}حياتك في المزاح وفي اللعاب
وكيف وفي معاهدك الخوالي {#spc} تسابقت العقول إلى الوثاب
بكل محلة وبكل أرض {#spc}مآثر منك طيبة النصاب
وما روما وآثينا إذا ما {#spc}تبارى الفاخرون بالانتساب
منار العقل كنت بلا امتراء ونار {#spc}القلب كنت بلا ارتياب
بكى التاريخ من عهد لعهد{#spc} مصاب العلم في دار الكتاب
فهل كانت بدائعها لقوم {#spc} أجانب عن مرابعك الرحاب
بناك اسكندرٌ فيما بناه {#spc} كذلك قيل رجما بالمغاب
ولو أصغى أولو الألباب يوما {#spc} لهمس الوحي في تلك الروابي
لآمنَ فتيةٌ منهم برأى {#spc}يخالك صادقا بكر العباب
وهل فينوس عند مرببيها {#spc} سوى راقود في أحلام حابي
لكيمى أنت يا دار التنادى {#spc} إلى الهيجاء أو دار التصاري
ل كيمى أنت من أيام نوح {#spc} توارثك ابنمٌ عن خير آب
مضى عهد القياصر في انزعاج {#spc} بأرض اسكندرية وانقلاب
بلادٌ لم تكن إلّا مجالاً {#spc} لمشبوب الصيال والاحتراب
بجمر الثورة الحمراء يغذى {#spc} بنوها لا بزاد أو شراب
وجاء الفتح فانقادوا لقومٍ {#spc}مساكنهم بصهوات العراب
هو الإسلام طهّرهم فأضحوا {#spc}كماء المزن في شعب اللصاب
فهل يدرى المؤرخ كيف صاروا {#spc} طلائع للجهاد وللغلاب
عليهم عوّل الإسلام فيما {#spc}أراد من المغاربة الصلّاب
فأموا الغرب يحرسهم تقاهم {#spc} وقد مشت الملائك في الركاب
وحلوا عادلين به كراماً {#spc}حلول الغيث بالبقع الجداب
فلما أن هوت شمس المعالي {#spc} بأندلس ولاذت بالحجاب
تقاطر أهلها يبغون حصناً {#spc}يقيهم شر أيام التباب
إلى جفن الحمى بالثغر عادوا {#spc} كما عاد الجراز إلى القراب
أتاريخاً يحبّره قصيدي{#spc} لماضى الثغر في عهد الشباب
وما الشمس المضيئة إن حكتها {#spc} لرائيها خيوط من لعاب
عليك اسكندرية أجّ حزنى {#spc} فطار تجلدي وهوى صوابي
إذا فكرتُ فيك غلت دمائي {#spc} وآذن جمر حقدي بالتهاب
ألا سيف أجرّدهُ وأمضى {#spc} لأدفع عنك عادية الذئاب
ألا جيش قويّ البطش ضار {#spc} يذيق عداك أكواب العذاب
سأصمت كارهاً والصمت حينا {#spc} يعدُّ من البراعة في الجواب

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
زكي مبارك

زكي مبارك

مصر / المنوفية
Close
Error Success