ابن سينا في مشفاه Poem by محمد الماغوط

ابن سينا في مشفاه

سنابل حمراء متصالبة
كإشارات منع المرور أو التدخين
ماذا وراءها؟
طبعاً ليست الطيور المغردة والحدائق الغناء
بل الشقاء المنتهك لكل الحرمات والمتربص
بكل شاردة وورادة على مر العصور
لو تعرف الزهرة مصيرها بعد أن تقطف عن غصنها
والنحلة الشغالة بعد أن تكل أجنحتها ويضعف بصرها
والكلب عندما يفقد فراسته وحاسة الشم لديه
والجندي عندما تهتز يداه ولا يميز بين الصديق والعدو
وتفقد الغانية سحرها وعشاقها
والقطيع شهيته وراعيه
لو عرف الجميع ما ينتظرهم على الشاطئ الآخر
لما صعد صياد إلى مركب
ولما ذهب تلميذ إلى مدرسة
أو فلاح إلى حقل
أو عامل إلى مصنع
أو جندي إلى معركة
أكبر عقاب لنا هو ذاكرتنا
فلو كان جارنا الحداد يعرف مصيره بعد دقائق
لما جادلني ساعات حول تركيب صنبور أو تسليك بالوعة
ولكن الحداد يجب أن يأكل وأولاده يجب أن يأكلوا
وكذلك الجندي
والخياط
والدهان
والراكب
والسائق
والمطرب
والمستمع
وبواب الفندق
وصاحب الفندق
ونزلاء الفندق
والغيوم تشح
والأرض تبور
لقد صارت الأسنان
أكثر من السنابل

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success