محمود غنيم

محمود غنيم Poems

أيُّ ركب دبَّ في جوْف الفلاةْ
يَقْتَفي التاريخُ في شوق خطاهْ؟
...

من وحــي البحـــر
يالجَمَال المنظر الخلاَّب
...

صوت من العالم العلويِّ ناداني
لبَّيْكَ لبَّيْكَ لا آنٍ، ولا واني
...

بابُ النَّبيِّ، وبابُه لا يُقْفَل
أبدًا، هو الملكُ المعظَّم فيصل
...

وكنتَ إذا عَرَاك عضالُ داء
وأنت فَتى، وَثقْتَ من الشفاء
...

دعِيني أَنْجُ من دنيا الهُمُوم
وفي ملكَوت عرشِ الله هِيمِي
...

الله أكبر! شعبٌ قام شاعرُه
يَشْدُو، فأَنْصَت الأيكِ طائرْ
...

أدْركْ بفجرك عالَمًا مكروبَا
عوَّذتُ فجرك أن يكون كذوبا
...

زُفَّت الدنيا إليه كَاعبَا
منذ أن سُوِّيَ طفلاً، بل جنينا
...

قلْ لِلْكُوَيْتِ -إذا نزَلْتَ بأرضها-
طُوبَى لواديك المقدس طوبى
...

قالوا لنا: شاعرٌ في البصرةِ انقلَبا
فقلتُ: مالَ مِن استقبالها طرَبا
...

لَيهْنك، يا أبولُّوا، الانتصارُ
بربك: كيف طرْت بهم وطَاروا؟
...

غُزَاةَ السمواتِ، حُثُّوا الرِّكابا
إلى النجم؛ قد أصبح النجم قَابا
...

نيسانُ، أنتَ لعين الدهر إنسانُ
يا ليت كلَّ ليالي الدهر نيسانُ
...

علــى شاطـــئ البحـــر
يا رُبَّ جارية في البحر كالعلم
...

تلك السماءُ، وذاك سَطْحُ المَاءِ
كلٌّ بدا في الحُلَّةِ الزَّرْقَاءِ
...

هُمْ جميعًا في الحبِّ عندي سواءُ
لا امتيازٌ كلاّ، ولا استثناءُ
...

وأَصبرُ في الحياة على هُمُوم
تَضيقُ ببعضها ذرْعُ الحليم
...

لعمرك، ما صارت رسوما بواليا
ولكن بلِينا نـحن، وَهْي كما هيا
...

أشيــــع أصحابــي
أُشَيِّعُ مَن حانتْ مَنِيَّتُه قبلي
...

محمود غنيم Biography

محمود غنيم (25 ديسمبر 1901 - 1972) شاعر مصري ولد في قرية مليج التابعة لمحافظة المنوفية بمصر ولد "محمود غنيم" عام 1902م في قرية "مليج" وهي إحدى قرى محافظة المنوفية، وتفتَّحت عيناه على خضرة الريف وهدوئه ونقائه وقيمه فتأثر بهذه الطبيعة البكر، فكانت بمثابة رافد من روافد الأصالة والانحياز إلى الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وقد نشأ في أسرة يحترف أفرادُها مهنتَي الزراعة والتجارة، وهي من أكثر المِهَن شيوعًا في الريف المصري بدأ محمود غنيم حياته التعليمية- شأنها شأن الكثيرين من عمالقة الأدب والفكر المسلمين في القرن العشرين- في الكُتاب، وحفِظ القرآن الكريم، ثم نهل من علوم العربية والعلوم الشرعية، وبعد مرحلة الكتَّاب التحق وهو ابن الثالثة عشرة بالمعهد الأحمدي الأزهري بطنطا، وظل به أربع سنوات، ثم التحق بمدرسة القضاء الشرعي، وقد ظل فيها أعوامًا ثلاثة، وقبل أن يحصل على شهادتها تم إلغاء دراسته بها، لكنَّه لم يقف عند هذا الحد، فإلتحق بأحد المعاهد الدينية ونال منه الشهادة الثانوية، وبعد ذلك التحق بمدرسة دار العلوم، وكان ذلك عام 1925م، وتخرَّج فيها عام 1929م. اشتغل بالتدريس بدأ "محمود غنيم" رحلته مع الشعر منذ صباه المبكر، واشتدَّ عوده في فن الشعر حتى استوى على سوقه وتبارت المجلات المختلفة في نشر أشعاره ومن هذه المجلات والجرائد ما هو داخل القطر المصري ومنها ما هو خارجه، فمن المجلات والجرائد داخل مصر: السياسة الأسبوعية، والبلاغ الأسبوعي، والرسالة، والثقافة، والأهرام، والمصري، وأبولو، ودار العلوم...، ومن المجلات خارج القطر المصري: مجلة الحج السعودية، والعُصبة الأندلسية، وكانت تصدُر في البرازيل جمع "محمود غنيم" أشعاره ونَشَرها في دواوين، وكان قد جمع ديوانه الأول وهو "صرخة في واد" عام 1947م، وتقدم به لأول مسابقة شعرية يُعدها مجمع اللغة العربية بالقاهرة ففاز بالجائزة الأولى أما ديوانه الثاني فكان بعنوان: "في ظلال الثورة"، وقد جمعه مماكان ينشره في الصحف والمجلات في المناسبات المتعددة، ونال عنه جائزة الدولة التشجيعية عام 1963م ومن دواوينه كذلك ديوان "رجع الصدى"، وقد اجتهد الشاعر في طباعته لكن القدَر لم يمهله، فانتقل إلى جوار ربه، وتمت طباعة الديوان بعد وفاته (طبع هذا الديوان عام 1399هـ = 1979م، وقد طبعته دار الشعب)، ومن سمات هذا الديوان البارزة تمجيد الكثير من قصائده للمبادئ والقيم الإسلامية التي تأثَّر فيها الشاعر بتاريخ الإسلام العظيم على مر عصوره.زنتا كان "محمود غنيم" من الشعراء مرهفي الحس الذين يتأثرون بكل ما حولهم من أشياء وكائنات، وأحداث صغيرة أو كبيرة، أو مؤثرات نفسية يرى الشاعر أنها تجربة حركت نفسه وهزت مشاعره، وفي دواوينه المختلفة نجد صدى يبرز الحروب وأهوالها، كما نجده يكتب الكثير من القصائد التي تتميز بالخفة والدعابة والفكاهة، ونجد فيها العَبَرات والرثاء، كما نجد فيها المديح والوصف، ونجد فيها كذلك القصائد الوطنية والإسلامية، والكثير من القضايا الاجتماعية، والأدبية والنقدية، وقد قال الشاعر الكبير "عزيز أباظة" عن ديوان "محمود غنيم" الثاني "في ظلال الثورة" وهو يقدم له: "إنك تحس وأنت تطالع هذا الديوان أنك في متحف رائع للطبيعة تعرض فيه كل ما يخلب اللب ويأسر المشاعر من صور، فكل قصيدة من قصائده أشبه بلوحة رائعة أبدعتها يد صناع، وهيهات أن تجد في بيانه المحكم السبك ما يتجافى عنه الذوق السليم، وتنبو عنه النفس الشاعرة، ومرد ذلك إلى مكونات الشاعر، من ثقافة واسعة متنوعة، وموهبة فطرية تفاعلت معها أسرار الحياة، فلا عجب وقد تكاملت له عناصر الشاعرية المبدعة أن يهيم في كل واد من أودية الشعر، وأن يصبح بحق دعامة راسخة من الدعائم التي ارتفع عليها صرح النهضة الأدبية المعاصرة." جمع "محمود غنيم يذكر الأستاذ الدكتور "محمد أحمد سلامة" في تقدمته لديوان "رجع الصدى" أن لـ"محمود غنيم" العديد من المسرحيات الشعرية فيقول: "ومما هو جدير بالذكر أن الشاعر الراحل "محمود غنيم" ربما غاب عن كثير من النقاد والأدباء خمس مسرحيات تسلكه في عداد الشعراء المسرحيين، تسلكه مع "شوقي" و"عزيز أباظة"، وقد سألته في لقائي معه: لماذا لم تمثل مسرحياتك كمسرحيات "شوقي" و"عزيز أباظة"؟ وكان رده: أما "شوقي" فقد مثل له بحكم نفوذه، وأما "عزيز أباظة" فقد مثل له بحكم نفوذ أسرته، أما أنا فلا قريب ولا رحم"، وأكثر هذه المسرحيات مستمد من التاريخ العربي الإسلامي)

The Best Poem Of محمود غنيم

الركب المقدس

أيُّ ركب دبَّ في جوْف الفلاةْ
يَقْتَفي التاريخُ في شوق خطاهْ؟
تحتَ جُنْحَ الليل يسري خُفْيةً
في سبيل الله والحقِّ سُراء
يقطع الليلَ مَسيرًا، فإذا
وشَت الشمسُ به، ألقى عصاه
وقريشٌ خلفَه لاهثةٌ
تسأل الركبانَ عنه والمشاة
فكأنَّ البرقَ في خَطْفَتِهِ
أعْيُنٌ شزراءُ، وَدَّتْ لو تراه
وكأن الطودَ في إطراقِهِ
سامعٌ تُنْصِتُ منه أُذُناه
وكأن الرملَ يُحْصِي خطوَه
وكأن النجمَ من بعض الوُشاة
غير أن الركبَ يمضي ثابتًا
وشعاراه: اتْئادٌ، وأناة
ويقينٌ بالذي يحرسُه
من يلذ بالله لم يَخْشَ سواه
في سبيل الله يمشي آمنًا
كيف يخشى وَهْو يمشي في حِماه؟
قِلَّةٌ لكنها في عزمةٍ
لا قليلٌ ذَرْعُها أو مُتنَاه
ما نجومُ الليل إن قيست بها؟
ما رمالُ البيد؟ ما قَطْرُ المياه؟
لا دُروعٌ سابغات، لاقنا
مشرعاتٌ، لا سيوفٌ منتضاه
قوة الإيمانِ تُغْني ربَّها
عن غِرار السيف أو سنِّ القناة
ومن الإيمان: أَمنٌ وارف
ومن التقوى: حصونٌ للتقاة
ركبُ طه وأبي بكر سَرى
في حواشي الليلِ؛ فانجابَ دجاه
ما اهتدى بالنجم في جنح الدُّجى
بل سرى النجمُ لعَمْري في سَناهْ
آه لو تعرف أطباقُ الثرى
من أقلَّت أرضُها الصمَّاءُ آه
لو دَرَتْ من حملتْهُ، لثمت
قدميه حين تخطو قدماه
واستحالت جنةً وارفةً
من نخيل بائعٍ، دان جَناه
لو دَرَى المُزنُ به ظلَّلَهُ
من هجيرٍ يشتكي الضبُّ لظاه
وهَمَي مَاءً عليه باردًا
وحميمًا فوق من يبغي أذاه
لو دَرَى الفقرُ بمن يجتازهُ
ضجَّ بالتسبيح والذكر حَصاه
لو درى الدَّوْحُ بمن مَرَّ بهِ
لحني الدوحُ له شمَّ الجبِاه
لو درى الوحش به، ما نفرت
طبيةٌ منه، ولا فَرَّت مهاه
لو درى الطير به، ما أجفلت
منه ورقاءُ، ولا ريعَتْ قطاه
من هو الركبُ؟ نبيُّ مرسَل
وحواريٌّ تهدي بهداه
رَجُلاء بهما الدارُ نَبَتُ
فغزا العالمَ طُرًّا رجلاه
ومشى التاريخُ من خلفهما
مرهفَ الآذانِ تَرْنو مُقلتاه
في يديه لَوْحُه، ما همَسَا
همسة إلا وخطتها يداه
إن يكن هاجر منها كارِهًا
فَغَدًا يأتي على رأسِ الغزاة
وغدًا يُشْعلها بيضاءَ في
بلدٍ جَارَ عليهِ ونفاه
وغدًا يعفو، ولو شاءَ غَدَا
كلُّ مكيِّ غريقًا في دماه
وغدًا يجني رءوسًا أينعت
في القصاص العدل للناس حياه
ومن العفو: ضرارٌ، وأَذَى
ومن العفو: عقابٌ للجُناة
حلَّ ركبُ المصطفى في يثربٍ
كيف لا، واللهُ يَرْعَ من رعاه؟
رحَّبَتْ يثربُ، بل ألقت على
أُذُن الدهرِ هُتافًا؛ فَوَعاه
«طلع البدر»: نشيدٌ خالد
كلما ردَّدَه الدَّهرُ شجاه
بئِّرَ الشِّرْك بموت عاجِل
أيها الشركُ، دَنَا يومُ الوفاة
أيها الأنصارُ، هذا يومُكم
يا سيوف اللهِ في حربِ الطغاة
اذكري، يا بدرُ، ما شاهدتهِ
من جنود الله في حربِ عداه
واحكِ، يا إيوان كسرى، للوَرَى
ذلك البرج المُعَلَّى: من محاه؟
وارو، يا يرموكُ، ماذا صَنَعتْ
برءوس الرومِ أَسيافُ الكماه؟
يا طَرِيدًا، ملأ الدنيا اسمُه
وغَدَا لحنًا على كل الشفاه
وغدت سِيرتُه أُنشودةً
يتلقَّاها رُواةٌ عن رواه
ليت شعري: هل درى من طاردوا
عابدو اللات، وأتباع مناه؟
هل دَرَتْ من طاردتْه أُمةٌ
هُبَلٌ معبودُها؟ شاهَتْ وشاه
طارَدت في الغارِ مَنْ بوَّأَها
مَقْصِدًا لا يبلغ النجمُ مداه
طارَدتْ في البيد مَنْ شادَ لها
دينُه في الأرضِ جاهًا أيَّ جاه
سؤدد عالي الذُّرَا ما شادهُ
قيصرٌ يومًا، ولا كسرى بناه
ورأى التاريخُ ما أذهلهُ
فانثنى مِنْ دَهْشتِهِ يَفْغرُ فاه
هالهُ فتحٌ ترامي أفْقُه
وأَذانٌ ردَّدَ الكونُ صداه
ومحاريبٌ بشرق الأرض، أو
غربِها تَشْدُو بتكبيرِ الإله
يُهْرَع الناسُ إليها زُمَرًا
كلما نادى المنادي للصلاة
أيُّ دينٍ ذلك الدينُ الذي
حَوَّل الأفكارَ عن كلِّ اتجاه؟
صَهَرَ الأنفُسَ حتى لم تعُدْ
تدركُ الأنفسُ شيئًا ما عداه
كم أب خاصم في الله ابنَهُ
وأخٍ حارب في الله أخاه
باسمه أمْسَى يسُوسُ الأرض مَنْ
يحلبُ النوقَ، ومَنْ يرعى الشِّيَاه
ويجوبُ البحرَ من لم يَرَهُ
غيرَ طْيف من خَيالٍ في كراء
ناشِرًا من فوقه أعلامَه
تفزَعُ العِقْبانُ منها والبُزَاة
لم يكن طه لعَمْري ساحرًا
يخرِقُ العادات يَتْلو رُقاة
كلُّ ما جاءَ به من معجزٍ
سحَر الألبابَ: قرأنٌ تلاه
مُرسَلٌ نال بآي الذكرِ ما
لم ينلْ من قبلُ موسى بعصاه
وحَّد العُرْبَ، وكانوا بَدَدًا
مثلما يخرجُ طَلْعٌ منْ نواه
فإذا التيجانُ تهوِي، وإذا
بِرُعاةِ الإبْلِ للدنيا رُعاه

محمود غنيم Comments

محمود غنيم Popularity

محمود غنيم Popularity

Close
Error Success