تستيقظ (لارا) في ذاكرتي: قطًّا تتريًّا, يتربص بي, يتمطَّى, يتثاءب
يخدش وجهي المحموم ويحرمني النوم. أراها في قع جحيم المدن
...
صيحاتك كانت فأس الحطاب الموغل في
غابات اللغة العذراء, وكانت ملكًا أسطوريًّا
...
داروا مع الشمس فانهارت عزائمهم {#spc} وعاد أولهم ينعي على الثاني
وسارق النارِ لم يبرح كعادته{#spc} يسابق الريح من حان إلى حان
...
يشرب بالمجان والدين - ولا يدفع - في بيروت
فإن صحا، فالشام
...
عبد الوهّاب البياتي شاعر وأديب عراقي (1926 - 1999) ويعد واحدا من أربعة أسهموا في تأسيس مدرسة الشعر العربي الجديد في العراق رواد الشعر الحر وهم على التوالي نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وشاذل طاقه تخرج بشهادة اللغة العربية وآدابها 1950 م، واشتغل مدرسا من عام 1950-1953م. مارس الصحافة عام 1954م في مجلة الثقافة الجديدة لكنها أغلقت، وفصل عن وظيفته، واعتقل بسبب مواقفه الوطنية. فسافر إلى سورية ثم بيروت ثم القاهرة. وزار الاتحاد السوفييتي ما بين عامي 1959 و1964 م، واشتغل أستاذاً في جامعة موسكو، ثم باحثاً علمياً في معهد شعوب آسيا، وزار معظم أقطار أوروبا الشرقية والغربية. وفي سنة 1963 م أسقطت منه الجنسية العراقية، ورجع إلى القاهرة 1964 م وأقام فيها إلى عام 1970 م وفي الفترة (1970-1980)م أقام الشاعر في إسبانيا, وهذه الفترة يمكن تسميتها المرحلة الأسبانية في شعره, صار وكأنه أحد الأدباء الإسبان البارزين, إذ أصبح معروفا على مستوى رسمي وشعبي واسع, وترجمت دواوينه إلى الإسبانية. وكانت له صداقات ادبية مع العديد من الشعراء مثل نزار قباني من الشام و محمد الفيتوري (شاعر) من السودان و بدر شاكر السياب من العراق و فالح البياتي من العراق و محمود درويش من فلسطين و بلند الحيدري من العراق وغيرهم من اعلام الشعر في العالم العربي. يمتاز شعر عبد الوهاب البياتي بنزوعه نحو عالمية معاصرة مُتأنية من حياته الموزعة في عواصم مُتعددة وعلاقاته الواسعة مع أدباء وشعراء العالم الكبار، مثل الشاعر التركي ناظم حكمت والشاعر الإسباني رفائيل ألبرتي والشاعر الروسي يفتشنكو والمقام الكبير فالح البياتي، وكذلك بامتزاجه مع التُراث والرموز الصوفية والأسطورية التي شكلت إحدى الملامح الأهمّ في حضوره الشعري وحداثته.)
قمري الحزين
قمري الحزينْ
البحر مات وغيّبت أمواجُهُ السوداء قلع السندبادْ
ولم يعد أبناؤه يتصايحون مع النوارس والصدى
المبحوح عاد
والأفق كَفَّنَهُ الرمادْ
فَلِمَنْ تغنّي الساحراتْ ؟
والعشب فوق جبينه يطفو وتطفو دنيوات
كانت لنا فيها ، إذا غنى المغنّي ، ذكريات
غرقت جزيرتنا وما عاد الغناء
إلا بكاءْ
والقُبَّرَاتْ
طارت ، فيا قمري الحزين
الكنز في المجرى دفين
في آخر البستان ، تحت شجيرة الليمون ، خبأهُ هناك السندبادْ
لكنه خاوٍ ، وها أنَّ الرماد
والثلجَ والظلمات والأوراق تطمره وتطمر بالضباب الكائنات
أكذا نموت بهذه الأرض الخراب ؟
ويجفّ قنديلُ الطفولةِ في التراب ؟
أهكذا شمس النهار
تخبو وليس بموقد الفقراءِ نارْ ؟
مُدنٌ بلا فجرٍ تنامْ
ناديتُ باسمكَ في شوارعِها ، فجاوبني الظلام
وسألتُ عنكَ الريحَ وهي تَئِنّ في قلبِ السكون
ورأيتُ وجهَكَ في المرايا والعيون
وفي زجاجِ نوافذِ الفجرِ البعيدْ
وفي بطاقاتِ البريدْ
مُدُنٌ بلا فجرٍ يُغطّيها الجليد
هجرتْ كنائسَهَا عصافيرُ الربيعْ
فَلِمَنْ تُغَنِّي ؟ والمقاهي أوصدتْ أبوابَهَا
وَلِمَنْ تُصَلِّي ؟ أيها القلبُ الصَّدِيع
والليلُ ماتْ
والمركبات
عادتْ بلا خيلٍ يُغَطِّيهَا الصَّقِيع
وسائقوها ميتون
أهكذا تمضي السنون ؟
ونحنُ مِنْ مَنْفَى إلى مَنْفَى ومن بابٍ لبابْ
نَذْوِي كَمَا تَذْوِي الزَّنَابِقُ في التُّرَابْ
فُقَرَاء ، يا قَمَرِي ، نَمُوت
وقطارُنا أبداً يَفُوت