عن الصمود Poem by محمود درويش

عن الصمود

لو يذكر الزيتون غارسه
لصار الزيت دمعا
يا حكمة الأجداد
لو من لحمنا نعطيك درعا
لكنّ سهل الريح
لا يعطي عبيد الريح زرعا
إنّا سنقلع بالرموش
الشوك و الأحزان ... قلعا
و إلام نحمل عارنا و صليبنا
و الكون يسعى
سنظل في الزيتون خضرته
و حول الأرض درعا
إنّا نحبّ الورد
لكنّا نحبّ القمح أكثر
و نحبّ عطر الورد
لكن السنابل منه أطهر
فاحموا سنابلكم من الأعصار
بالصدر المسمّر
هاتوا السياج من الصدور
من الصدور ؛ فكيف يكسر ؟؟
إقبض على عنق السنابل
مثلما عانقت خنجر
الأرض ، و الفلاح ، و الإصرار
قل لي : كيف تقهر
هذي الأقانيم الثلاثة
كيف تقهر ؟
عيناك يا صديقتي العجوز، يا صديقتي المراهقة
عيناك شحّاذان في ليل الزوايا الخانقة
لا يضحك الرجاء فيهما ، و لا تنام الصاعقة
لم يبق شيء عندنا ... إلّا الدموع الغارقة
قولي : متى ستضحكين مرة ، و إن تكن منافقة ؟
كفاك يا صديقتي ذئبان جائعان
مصّي بقايا دمنا ، و بعدنا الطوفان
و إن سغبت مرة ، لا تتركي الجثمان
و إن سئمت بعدها ، فعندك الديدان
إنّا خلقنا غلطة ... في غفلة من الزمان
و أنت يا صديقي العجوز... يا صديقتي المراهقة
كوني على أشلائنا ، كالزنبقات العابقة
الغاب يا صديقتي يكفّن الأسرار
و حولنا الأشجار لا تهرّب الأخبار
و الشمس عند بابنا معمية الأنوار
واشية ، لكنها لا تعبر الأسوار
إن الحياة خلفنا غريبة منافقة
فابني على عظامنا دار علاك الشاهقة
أسمع يا صديقتي ما يهتف الأعداء
أسمعهم من فجوة في خيمة السماء
' يا ويل من تنفست رئاته الهواء
من رئة مسروقة
ياويل من شرابه دماء
و من بنى حديقة ... ترابها أشلاء
يا ويله من وردها المسموم

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
محمود درويش

محمود درويش

الجليل / فلسطين
Close
Error Success