علا مفرقي بعد الشباب مشيب Poem by جبران خليل جبران

علا مفرقي بعد الشباب مشيب {#spc} ففودي ضحوك والفؤاد كئيب
إذا ما مشى هذا الشرار{#spc} بلمة فما هي إلا فحمة ستذوب
أراعك إصباح يطارد ظلمة {#spc} بها كان أنس ما تشاء وطيب
فما بال ضوء في دجى الرأس مؤذن {#spc} بأن زمانا مر ليس يؤوب
غنمنا به أمن الحياة ويمنها {#spc} كليل به يلقى الحبيب حبيب
شباب تقضى بين لهو ونعمة {#spc} إذ الدهر مصغ والسرور مجيب
وإذ لا تعد المعصيات على الفتى {#spc} خطايا ولا تحصى عليه ذنوب
وإذ كل صعب لا يرام مذلل {#spc} وكل مضيق لا يجاز رحيب
وإذ كل أرض روضة عبقرية {#spc} وكل جديب في الديار خصيب
وإذ كل ذي قلب خفوق بصبوة {#spc} على الجهل منه شاعر وأديب
وإذ كل ذي قلب خفوق بصبوة {#spc} على الجهل منه شاعر وأديب
وإذ يثب الفكر البطيء فيرتقي {#spc} إلى الأوج لا يثنيه عنه لغوب
وإذ نستلذ اآلقر وهو كريهة {#spc} وإن نستطيب الحر وهو مذيب
وإذ نستبينا كل ذات ملاحة {#spc} لها فتنة بالملاعبين لعوب
وإذ تتلقانا الصروف برحمة {#spc} وينحاز عنا السهم وهو مصيب
تقينا الرزايا رأفة الله بالصبا {#spc} وتدرأ عنا الحادثات غيوب
فكنا كأفراخ تعرض وكرها {#spc} وللنوء هطل والرياح هبوب
فلم تؤذها الأمطار وهي مهالك {#spc} ولم يردها الإعصار وهو شعوب
بل اهتز مثواها ليهنئها الكرى {#spc} وبلت لإمراء الطعام حبوب
وكنا كوسى يوم أمسى وفلكه {#spc} على النيل عشب يابس ورطيب
مشت فوق تيار البوار تخطرا {#spc} تراءى بصافي الماء وهو مريب
يعض الردى أطرافها بنواجذ {#spc} من الموج تبدو تارة وتغيب
ويبسم وجه الغور من رقة لها {#spc} وما تحته إلا دجى وقطوب
فجازت به الأخطار والطفل نائم {#spc} تراعي سراها شمأل وجنوب
إلى حيث ينجي من مخالب حتفه {#spc} غريق ويوقي الظالمين غريب
إلى ملتقى أم ومنجاة أمة {#spc} إلى الطور يدعى الله وهو قريب
رعى الله ذاك العهد فالعيش بعده {#spc} وجوم على أيامه ووجيب
يقولون ليل جاءنا بعده الهدى {#spc} صدقتم هدى لكن أسى وكروب
إذا ما انجلى صبح بصادق نوره {#spc} وبدد من وهم الظلام كذوب
وحصحص حق الشيء راع جماله {#spc} ولم تخف عورات به وعيوب
وأضحى ذليلا للنواظر مشهد {#spc} رأته بنور الشهب وهو مهيب
فهل في الضحى إلا ابتذال مجدد {#spc} تثوب به الأنوار حين تثوب
وهل في الضحى طيف يسر بزورة {#spc} إذا ساءنا ممن نحب مغيب
وهل في الضحى إلا جروح وغارة {#spc} لحوح وإلا سالب وسليب
وهل في الضحى كأس صفوح عن العدى {#spc} إذا رابت الكاسات ليس تريب
وهل في الضحى راح حمول على الندى {#spc} تصب فراحات الكرام تصوب
أبا الصخب الساعي به كل مغتد {#spc} إلى الرزق يرضي مسمعيه طروب
أتمكننا من بارح الأنس عزل {#spc} وجارا رضانا ناقم وغضوب
أيهنئنا للشمس وجه ودونه {#spc} دخان مثار للأذى وحروب
أتأوي إلى ضوضاء سوق صبابة {#spc} وتلك نفور كالقطاة وثوب
إليكم عني بالحقائق إنني {#spc} على الكره مني بالحياة طبيب
أعيدوا إلى قلبي عذير شبابه {#spc} فما الشيب إلا عاذل ورقيب
ولا غركم مني ابتسام بلمتي {#spc} فرب ابتسام لاح وهو شبوب
أليست نجوم الليل أشبه بالندى {#spc} على أنها جمر ذكا ولهيب