أيّ مضنى يمدّها باكتئاب Poem by معروف الرصافي

أيّ مضنى يمدّها باكتئاب

أيّ مضنى يمدّها باكتئاب {#spc} أنة ً تترك الحشا في التهاب
يتشكى والليل وحف الاهاب {#spc} ضمن بيت جثا على الاعقاب
صفعتْه فمال{#spc} كفُّ الخراب
تسمع الأذْن منه صوتاً حزيناً {#spc} راجفاً في حشا الظلام كمينا
يملأ الليل بالدعاء أنينا {#spc} ربّ كن لي على الحياة معينا
ربِّ إن الحياة {#spc}أصل عذابي
وجعٌ في مفاصلي دقَّ عظمي {#spc} ودهاني ولم يرِق لعُدمي
عاقني عن تكسبي قوت يومي {#spc} ربِّ فارحم فقري بصحة جسمي
أن فقري اشد{#spc} من اوصابي
يا طبيباً وأين منيّ الطبيب {#spc} حال دون الطبيب فقرٌ عصيب
لا أصاب الفقيرَ داء مصيب {#spc} إن سقم الفقير شيء عجيب
بطلت فيه{#spc} حكمة الأسباب
رجل معسر يسمى بشيرا {#spc} طرفها كالسها يَبين ويخفي
كاسبا قوته زهيداً يسيرا {#spc} مالكاً في المعاش قلباً شكورا
راجياً في المعاد{#spc} حسن المآب
عانساً جاوز {#spc}الزواج سنيها
لزمت بيت أمها وأبيها {#spc} مع أخيها تعيش عند أخيها
مثله في طعامه{#spc} والشراب
كلّ يوم له ذهاب ومأتى {#spc} في معاش من كدّه يتأتى
هكذا دأبه مَصيفاً ومشتى{#spc} فاعتراه داء المفاصل حتى
عاقه عن {#spc}تعيش واكتساب
بينما كان في فواه صحيحاً {#spc} ساعيا في ارتزاقه السقام طريحا
جسمه من سقامه {#spc}في اضطراب
بات يبكي إذا له الليل آوى {#spc} بعيون من السهاد نشاوى
فترى وهو بالبكا يتداوى {#spc} قطرات من عينه تتهاوى
كشهاب ينقض {#spc}أثر شهاب
إن سقماً به وعُقماً ألمَّا {#spc} تركاه يذوب يوماً فيوما
فهو حيناً يشكو الى السقم عُدما {#spc} وهو يشكو حيناً إلى العدم سقماً
باكياً من{#spc} كليهما بانتخاب
ظل يشكو للأخت ضعفاً وعجزاً {#spc} اذ تعزيه وهو لا يتعزى
أيها الأخت عزَّ صبرَى عزّا {#spc} إن للداء في المفاصل وخزا
مثل طعن القنا {#spc}ووخز الحراب
قد تمادى به السقام وطالا {#spc} في فِراش به على الموت أوفى
اذ قلاباً به السقام استحالا {#spc} كانَ هيناً فصار داء عضالا
ناشباً في {#spc}الفوآد كالنشاب
ظلَّ ملقى واعوزته المطاعم {#spc} موثقاً من سقامه بالداهم
منفقا عند ذاك بعض دراهم {#spc} ربحتها من غزالها الاخت فاطم
قبل أن يبتلى {#spc}بهذا المصاب
قال والأخت أخبرته بأن قد {#spc} كرَبت عندها الدراهم تنفَدْ
اخبري السقم علَّه يتبعَّد {#spc} أيها السقم خلّ عيشي المنكد
لا تعقني مرضيني او {#spc}على الناس للمبيع اعرضيتي
أنمشَّي{#spc} بشارع المَيْدان
رام خبزاً والجوع أذكى الأوارا {#spc} في حشاه فعلَّلتهُ انتظارا
ثم جاءت بالماء تبدي اعتذارا {#spc} وهل الماء وهو يطفىء نارا
يطفىء الجوع {#spc}ذاكيا في التهاب
خرجتْ فاطمٌ إلى جارتيها {#spc} وهي تُذرى الدموع من مقلتيها
فأبانت برقَّة حالتيها {#spc} من سَقام ومن سعار لديها
وشكت بعد ذا{#spc} خلوَّ الوطاب
فانثنت وهي بين ذل وعزّ {#spc} تحمل التمر في يد فوق خبز
وبأخرى دهناً وبعض أرزِ {#spc} منحوها به وذو العرش يجزي
من أعان الفقير {#spc}حسن الثواب
ليلة تنشر العواطفُ ذعراً {#spc} ثكلت روح أمه وأبيه
ذا هزيمٍ يمجّ في الاذن وقرا {#spc} حين تبدى صوالج البرق تتري
فبدا لوح {#spc}أبؤس واكتئاب
مدّ فيها ذاك {#spc}المريض الأكفا
يا أخي أنت ساكن أفجوعا {#spc} حيث يغضي طرفاً ويفتح طرفا
عاجزاً عن{#spc} تكلم وخطاب
فدعته والعين تُذرى الدموعا {#spc}اخته وهي قلبها قد ريعا
يا أخي أنت ساكت أفجوعا {#spc}ساكت أنت يا أخي أم هجوعا
فاشفني يا أخي{#spc} برجع الجواب
فرأت منه أنه لا يجيب {#spc} فتدانت والدمع منها صبيب
ثم أصغت وفي الفؤاد وجيب {#spc} ثم هابت والموت شيء مهيبُ
ثم قامت{#spc} بخشية وارتياب
خرجت فاطم من البيت ليلا {#spc} حيث ارخى الظلام سدلا فسدلا
وهي يبكي والغيث يهطل هطلا {#spc} مثل دمع من مقلتيها استهلا
او كما جرى {#spc}من الميزاب
رب ادرك بالللطف منك شقيقي {#spc} وامنع الغيث ربّ إثرَ بريق
فعسى أهتدي {#spc}به في ذهابي
قرعت في الظلام باب الجار {#spc} وهي تبكي الأسى بدمع جار
ثم نادت برقة وانكسار {#spc} أُمَّ سلمى الا بحق الجوار
فافتحى إنني{#spc} أنا في الباب
فأتتها مُعْدى وقد عرفتها {#spc} وعن الخطب في الدجى سألتها
ثم سارت من بعد ما أعلمتها {#spc} تقتفيها وبنتها تبعتها
فتخطين في {#spc}الدجى بانسياب
جئن والسحب اقلعت عن حياها {#spc} وكذاك الرعود قلَّ رغاها
حيث يأتي شبه صداها {#spc} غير ان البروق كان ضياها
مومضاً في {#spc}السماء بين الرباب
فدخلن الملَّ وهو مخيف {#spc} حيث إن السكوت فيه كثيف
وضياء السراج نزر ضعيف {#spc} وبه في الفراش شخص نحيف
دب منه الحِمام{#spc} في الأعصاب
قالت الاخت أُمَّ سلمى انظريه {#spc} ثكلت روح التردد فيه
ثم قد غاله {#spc}الردى باقتضاب
وجمت حيرة وبعد قليل {#spc} رمقت فاطماً بطرف كليل
فيه حملٌ على العزاء الجميل {#spc} فعلا صوت فاطم بالعويل
وبكت طول{#spc} ليلها بانتحاب
فاستمرت حتى الصباح توالي {#spc} زفرات بنارها القلب صال
فأتاها ودمعها في انهمال {#spc} بعض جاراتها وبعض رجال
من صعاليك {#spc}أهل ذاك الجناب
وقفوا موقفاً به الفقر ألقى {#spc} منه ثِقلا به المعيشة تشقي
فرأوا دمع فاطم ليس يرقا {#spc} واخوها ميت على الارض ملقى
مدرج في {#spc}رثائث الاثواب
فغدت فاطم ترَنّ رنينا {#spc} ببكاء أبكت به الواقفينا
ثم قالت لهم مقالا حزينا {#spc} أيها الواقفون هل ترحمونا
من مصاب{#spc} دها وأي مصاب
ايها الواقفون لاغ تهملوه {#spc} دونكم أدمعي بها فاغسلوه
ثم بالثوب ضافياً كفنوه {#spc} وادفنوه لكن بقلبي ادفنوه
لا نواروا{#spc} جبينه بالتراب
بعد ان ظل لافتقاد المال {#spc} وهو ملقى الى اوان الزوال
جاد شخص عليه بعد سؤال {#spc} بريالٍ وزاد نصف ريال
رجل حاضر {#spc}من الأنجاب
كفنوه من بعد ما تم غُسلا {#spc} وتمشوا به إلى القبر حملا
فترى نعشهُ غداة استقلا {#spc} نعش من كان في الحياة مقلا
دون سِتر {#spc}مكسِّر الأجناب
ناحت الاخت حين سار وصاحت {#spc} اختك اليوم لو قضت لاستراحت
ثم سارت مدهوشة ثم طاحت {#spc} ثم قامت ترنو له ثم راحت
تسكب الدمع {#spc}ايما تسكاب
أيها الحاملوه لامشى ركِض {#spc} ان هذا يوم الفراق الممض
فاسألوه عن قصده أين يمضي {#spc} انه قد قضى ولم يكُ يقضي
واجبات الصبا{#spc} وشرخ الشباب
إن قلبي على كريم السجايا {#spc} طاح واللَّهِ من أساه شظايا
قاتل الله يا بن امي المنايا {#spc} أنا من قبل مذ حسبت الرزايا
لم يكن زرء {#spc}موتكم في حسابي
إن ليلى وليس من رافديهِ {#spc} كلما جاءني وذكرنيهْ
قلت والدمع قائِل ليَ إيهِ {#spc} يا فقيداً أعاتب الموت فيه
ببكائي وهل {#spc}يفيد عتابي
رحت يوماً وقد مضت سنتان {#spc} اتمشى 'بشارع الميدان'
مشي حيران خطوه متدانِ {#spc} اثقلته الحياة بالاحزان
وسقته كأساً{#spc} كطعم الصاب
بينما كنت هكذا أتمشى {#spc} عرضت نظرة ٌ فابصرت نعشا
بادياً للعيون غير مغشَّى {#spc} نقش الفقر فيه للحزن نقشا
قلت سراً والنعش يقرب مني {#spc} ايها النعش أنت انعشت حزني
للأسى فيك {#spc}حالة ناسبتني
أنا للحزن دائماً {#spc}ذو انتساب
رحت أسعى وراءه مذ تعدّى {#spc} مسرعاً في خطايَ لم آل جهداً
مع رجال كأنجم النعش عدا {#spc} هم به سائرون سيرا مجدا
فتراه يمر {#spc}مر السحاب
مذ لحدنا ذاك الدفين وعدنا {#spc} قلت والدمع بلَّ مِنَى ردنا
ان هذا هو الذي قد وعدنا {#spc}فأبينوا من الذي قد لحدنا
فتصدى منهم{#spc} فتى لجوابي
قال إن الدفين أخت بشير {#spc} اخت ذاك المسكين ذاك الفقير
بقيت بعده بعيشٍ عسير {#spc} وبطرفٍ باكٍ وقلبٍ كسير
وقضت مثله {#spc}بداء القلاب
قلت أقصِر عن الكلام فحسبي {#spc} منك هذا فقد تزلزل قلبي
ثم ناجيت والضراعة ثوابي {#spc} ربِّ رحماك ربّ رحماك ربّ
ربِّ رشداً الى{#spc} طريق الصواب
رب إن العباد أضعف أن لا{#spc} وإذا مسك الطَّوى فارفضيني
فاعف عن أخذهم وإن كان عدلا {#spc} انت يا ربّ انت بالعفو اولى
منك بالأخذ{#spc} والجزا والعقاب
قد وردنا والأرض للعيش حوض{#spc} واحدٌ كلنا لنا فيه خوض
فلماذا به مشوب ومحض {#spc} عظمة حكمة الإله فبعض
في نعيم وبعضنا{#spc} في عذاب
ايها الاغنياء كم قد ظلمتم {#spc} نِعم الله حيث ما إن رحِمتم
سهر البائسون جوعاً ونمتم {#spc} بهناء من بعد ما قد طعمتم
من طعام {#spc}منوع وشراب
كم بذلتم اموالكم في الملاهي {#spc}وركبتم بها متون السفاه
وبخلتم منها بحق الله {#spc} ايها الموسورون بعض انتباه
أفتدرون انكم {#spc}في تباب

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success