هي الأخلاق تنبت كالنبات Poem by معروف الرصافي

هي الأخلاق تنبت كالنبات

هي الاخلاقُ تنبتُ كالنبات {#spc} اذا سقيت بماء المكرماتِ
تقوم إذا تعهدها المُربي {#spc} على ساق الفضيلة مُثمِرات
وتسمو للمكارم باتساقٍ {#spc} كما اتسقت أنابيبُ القناة
وتنعش من صميم المجد رُوحا {#spc} بازهارٍ لها متضوعات
ولم أر للخلائق من محلِّ {#spc} يُهذِّبها كحِضن الأمهات
فحضْن الأمّ مدرسة تسامتْ {#spc} بتربية ِ البنين أو البنات
واخلاقُ الوليدِ تقاس حسناً {#spc} باخلاق النساءِ الوالداتِ
وليس ربيبُ عالية ِ المزايا {#spc} كمثل ربيب سافلة الصفات
وليس النبت ينبت في جنانٍ {#spc} كمثل النبت ينبت في الفَلاة
فيا صدرَ الفتاة ِ رحبت صدراً {#spc} فأنت مَقرُّ أسنى العاطفات
نراك إذا ضممتَ الطفل لوْحا {#spc} يفوق جميع الواح الحياة
اذا استند الوليد عليك لاحت {#spc} تصاوير الحنان مصورات
لأخلاق الصبى بكُّ انعكاس {#spc} كما انعكس الخيالُ على المِراة
وما ضَرَبانُ قلبك غير درس {#spc} لتلقين الخصال الفاضلات
فأوِّل درس تهذيب السجايا {#spc} يكون عليك يا صدر الفتاة
فكيف نظنُّ بالأبناء خيراً {#spc} اذا نشأوا بحضن الجاهلات
وهل يُرجَى لأطفالِ كمال {#spc} اذا ارتضعوا ثديّ الناقصات
فما للأمهات جهلن حتى {#spc} أتَيْن بكل طيَّاش الحصاة
حَنوْنَ على الرضيع بغير علم {#spc} فضاع حنوّ تلك المرضعات
أأمُّ المؤْمنين إليك نشكو {#spc} مصيبتنا بجهل المؤمنات
فتلك مصيبة يا أمُّ منها {#spc} «نَكاد نغصُّ بالماءِ الفراتِ»
تخذنا بعدك العادات ديناً {#spc} فأشقى المسلمون المسلمات
فقد سلكوا بهنَّ سبيلَ خُسرٍ {#spc} وصدّوهنَّ عن سبل الحياة
بحيث لزِمْن قعرَ البيت حتى {#spc} نزلنَ به بمنزلة الأدَاة
وعدّوهن اضعف من ذباب {#spc} بلا جنح وأهون من شذاة
وقالوا شرعة الاسلام تقضي {#spc} بتفضيل «الذين على اللواتي»
وقالوا إن معنى العلم شيء {#spc} تضيق به الصدور الغانيات
وقالوا الجاهلات أعفُّ نَفساً {#spc} عن الفحشا من المتعلمات
لقد كذبوا على الاسلام كذباً{#spc} تزول الشمُّ منهُ مُزَلزَلات
اليس العلم في الاسلام فرضاً {#spc} على ابنائه وعلى البنات
وكانت أمنا في العلم بحراً {#spc}تحل لسائليها المشكلات
وعلمها النبيُّ اجلَّ علمٍ {#spc} فكانت من اجلّ العالمات
لذا قال ارجِعُوا أبداً إليها {#spc} بثلثيْ دينكم ذي البينات
وكان العلم تلقيناً فأمْسى {#spc} يحصل بانتياب المدرسات
وبالتقرير من كتب ضخام {#spc} وبالقلم الممَدِّ من الدواة
ألم نر في الحسان الغيد قبلاً {#spc} أوانسَ كاتبات شاعرات
وقد كانت نساء القوم قدماً {#spc} يرُحْنَ إلى الحروب مع الغزاة
يكنَّ لهم على الأعداء عونا {#spc} ويضمِدن الجروح الداميات
وكم منهن من أسِرَت وذاقت {#spc} عذاب الهُون في أسر العُداة
فما ذا اليوم ضرّ لو التفتنا {#spc} الى اسلافنا بعض التفات
فهم ساروا بنهج هُدى وسرنا {#spc} بمنهاج التفرق والشتات
نرى جهل الفتاة لها عفافاً {#spc} كأن الجهل حصن للفتاة
ونحتقر الحلائلَ لا لجرمٍ {#spc} فنؤذيهنَّ انواعَ الاذاة ِ
ونلزمهن قعر البيت قهرا {#spc} ونحسبهن فيه من الهَنات
لئن وأدوا البنات فقد قبرنا {#spc} جميع نسائنا قبل الممات
حجبناهن عن طَلب المعالي {#spc} فعشن بجهلهنَّ مهتلكات
ولو عَدمت طباع القوم لؤما {#spc} لما غدت النساء محجبات
وتهذيب الرجال أجل شرط {#spc} لجعل نسائهم مُتهذبات
وما ضر العفيفة كشفُ وجه {#spc} بدا بين الأعفّاء الأباة
فِدى لخلائق الأعراب نفسي {#spc} وإن وُصفوا لدينا بالجُفاة
فكم برزت بحيهم الغواني {#spc} حواسر غير ما متريبات
وكم خشف بمربعهم وظبي {#spc} يَمرُّ مع الجداية والمهاة

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success