أطل صباح العيد Poem by معروف الرصافي

أطل صباح العيد

أطلَّ صباح العيد في الشرق يسمع {#spc} ضجيجاً به الافراح تمضي وترجعُ
صباح به تُبدى المسرة َ شمسها {#spc} وليس لها إلا التوهم مطلعُ
صباح به يختال بالوشى ذو الغنى {#spc} ويعوزُ ذا الإعدامِ طمر مرقَّع
صباح به يكسو الغنيُّ وليده {#spc} ثياباً لها يبكى اليتيمِ المضَّيع
صباح به تغدو الحلائل بالحُلى {#spc} وترفضُّ من عين الأرامل أدمع
الاليت يوم العيد لا كان انه {#spc} يجدد للمحزون حزنا فيجزع
يرينا سروراً بين حزن وانما {#spc} به الحزن جد والسرور تصنُّع
فمن بؤساء الناس في يوم عيدهم {#spc} نحوس بها وجه المسرة اسفع
قد ابيضَّ وجهُ العيد لكنَّ بؤسهم {#spc} رمى نكتاً سوداً به فهو ابقع
خرجتُ بعيد النحر صبحاً فلاح لي {#spc} مسارحُ للأضداد فيهنَّ مرتع
خرجت وقرص الشمس قد ذرّ شارقا {#spc} ترى النور سيالاً به يتدفع
هي الشمس خَوْدٌ قد أطلَّت مصيخة {#spc} على افق العلى تتطلع
كأن تفاريق الأشعة حولها {#spc} على الافق مرخاة ً ذوائب اربع
ولما بدت حمراء أيقنت أنها {#spc} بها خجل مما تراه وتسمع
فرحت وراحت ترسل النور ساطعاً {#spc} وسرت وسارت في العُلى تترفَّع
بحيث تسير الناس كل لوجهة {#spc} فهذا على رسلٍ وذلك مسرع
وبعضٌ له أنفٌ أشمٌ من الغنى {#spc} وبعض له أنف من الفقر أجدع
وفي الحيّ مذمار لمشجي نعيره {#spc} غدا الطبل في دردابه يتقعقع
فجئت وجوف الطبل يرغو وحوله {#spc} شباب وولدان عليه تجمعوا
ترى ميعة الاطراب والطبل هادرٌ{#spc} تفيض وفي أسماعهم تتميع
فقد كانت الافراح تفتح بابها {#spc} لمن كان حول الطبل والطبل يقرع
وقعت اجيل الطرف فيهم فراعني {#spc} هناك صبى بينهم مُترعرع
صبى صبيح الوجه أسمر شاحب {#spc} نحيف المباني أدعج العين أنزع
يزين حجاجيه اتساعُ جبينه {#spc} وفي عينيه برق الفطانة يلمع
عليه دريسٌ يعصر اليتم ردنه {#spc} فيقطرُ فقر من حواشيه مُدقِع
يليح بوجهٍ للكآبة فوقهُ {#spc} غبارٌ به هبت من اليتم زعزع
على كثر قرع الطبل تلقاه واجماً {#spc} كأن لم يكن للطبل ثمَّة مَقرع
كأن هدير الطبل يقرع سمعه {#spc} فلم يلف رجعاً للجواب فيرجع
يرد ابتسام الواقفين بحسرة {#spc} تكاد لها احشاؤه تتقطع
ويرسل من عينيه نظرة مجهش {#spc} وما هو بالباكي ولا العين تدمع
له رجفة تنتابه وهو واقف {#spc} على جانب والطقسبالبرد يلسع
يرى حوله الكاسين من حيث لم يجد {#spc} على البرد من برد به يتلفع
فكان ابتسام القوم كالثلج قارساً {#spc} لدى حسرات منه كالجمر تلذع
فلما شجاني حاله وافزّني {#spc} وقفت وكلِّي مجزع وتوجع
ورحت أعاطيه الحنان بنظرة ِ {#spc} كما راح يرنو العابد المتخشع
وافتح طرفي مشبعاً بتعطف {#spc} فيرتد طرفي وهو بالحزن مُشبَع
هناك على مهل تقدمت نحوه {#spc} وقلت بلطف قول من يتضرع
أيابن أخي من أنت ما اسمك ما الذي {#spc}عراك فلم تفرح فهل انت موجع
فهبَّ أمامي من رقاد وُجومه {#spc} كما هبَّ مرعوبُ الجنان المهجِّع
وأعرض عني بعد نظرة يائس {#spc} وراح ولم ينبسْ الى حيث يهرع
فعقَّبتهُ مستطلعاً طلعَ أمره {#spc} على البعد اقفو الاثر منه واتبع
وبيناه ماشٍ حيث قد رحت خلفهُ {#spc} أدبُّ دبيب الشيخ طوراً وأسرع
لمحت على بعد إشارة صاحب {#spc} ينادي أن أرجع وهو بالثوب مُلمع
فاومأت أن ذكرتهُ موعداً لنا {#spc} وقلت له اذهب وانتظر فسأرجع
وعدت فابصرت الصبي معرجاً {#spc} ليدخل داراً بابها متضعضع
فلما اتيت الدار بعد دخوله {#spc} وقمت حيالَ الباب والباب مُرجَع
دنوت إلى باب الدُّوَيرة مطرقاً {#spc} وأصغيت لا عن ريبة أتسمَّع
فحرْت وعيني ترمق الباب خلْسة {#spc} وللنفس في كشف الحقيقة مطمَع
سمعت بكاء ذا نشيج مردّد {#spc} تكاد له صمُّ الصفا تتصدّع
أأرجع ادراجى ولم اكُ عارفاً {#spc} جلية هذا الامر ام كيف اصنع
فمرّت عجوز في الطريق وخلفها {#spc} فتاة يغشِّيها إزار وبُرقع
تعرضتها مستوقفاً وسألنها {#spc} عن الإسم، قالت إنني أنا بوزع
فأدنيتها مني وقلت لها اسمعي {#spc} حنانيك ما هذا الحنين المرَّجع
فقالت وانت انة ً عن تنهدً {#spc} وفي الوجه منها للتعجب موضع
أيا ابني ما يعنيك من نوح أيم {#spc} لها من رزايا الدهر قلب مفجَّع
فقلت لها اني امرؤ لا يهمني {#spc} سوى من له قلب كقلبي مروّع
واني وان جارت على َّ مواطني {#spc} فؤادي على قطَّانهن مُوَزَّع
أبوزع مني عمرك الله بالذي {#spc} سألت فقد كادت حشاي تمزّع
فقالت أعن هذي التي طال نحبها {#spc}سألت فعندي شرح ما تتوقع
ألا إنها سَلْمى تعيسة ُ معشر {#spc} من الصيد أقوت دراهم فهي بلقع
وصارعهم بالموت حتى أبادهم {#spc} من الدهر عجَّار شديد مُصَرِّع
فلم يبق الا زوجها وشقيقها {#spc} خليلٌ واما الآخرون فودّعوا
ولم يلبث المقدور ان غال زوجها {#spc} سعيداً فأودى وهي إذ ذاك مرضع
فربي ابنها سعداً وقام بأمره {#spc} أخوها إلى أن كاد يقوى ويضلع
فاذهب عنه الخالَ دهرٌ غشمشمٌ {#spc} بما يوجع الايتام مغرى ً ومولع
جرت تنهٌ منها خاله انطوى {#spc} بقلب رئيس الشرطة الحقدُ أجمع
فزجَّ به في السجن بعد تجرُّم {#spc} عليه بجرمٍ ما له فيه مصنع
عزاه الى ايقاعه موقعاً به {#spc} وما هو يا ابن القوم للجرم موقع
ولكن غدر الحاقدين رمى به {#spc}إلى السجن فهو اليوم في السجن مودع
فحَقَّ لسلمى أن تنوح فإنها {#spc} من العيش سما ناقعاً تتجرع
فلا غَرو من أم اليتيم إذا غدت {#spc} ضحى العيد يبكيها اليتيم المضيَّع
فعُدْتُ وقلبي جازع متوجع {#spc} وقلت وعيني ثرَّة الدمع تهمع
الاليت يوم العيد لا كان انه {#spc} يجدد للمحزون حزناً فيجزع
وجئت إلى ميعادنا عند صاحبي {#spc} وقد ضمه والصحب ناد ومجمع
فأطلعتهم طِلْعَ اليتيم فأفَّفوا {#spc} وخبَّرتهم حال السجين فرجّعوا
فقلت دعوا التأفيف فالعار لاصق {#spc} بكم واتركوا الترجيع فالأمر أفظع
ألسنا الألى كانت قديماً بلادُنا {#spc} بأرجائها نور العدالة يسطع
فما بالنا نستقبل الضيم بالرضا {#spc}ونعنوا لحكم الجائرين ونخضع
شربنا حميم الذل ملء بطوننا {#spc} ولا نحن نشْكوهُ ولا نحن نَيجع
فلو أن عير الحيّ يشرب مثلَنا {#spc} هواناً لامسى قالساً يتهوع
نهوضاً الى العز الصراح بعزمة{#spc} تخرُّ لمرماها الطُّغاة وتركع
الا فاكتبوا صك النهوض الى العلى {#spc} فإني على موتي به لموقِّع

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success