كل حي على المنية غادي Poem by أحمد شوقي

كل حي على المنية غادي

كلُّ حيٍّ على المنية غادي {#spc} تتوالى الركابُ والموتُ حادي
ذهب الأوّلونَ قرناً فقرناً {#spc}لم يدمْ حاضرٌ، ولم يبقَ بادي
هل ترى منهُمُ وتَسمعُ عنهم {#spc} غيرَ باقي مآثرٍ وأيادي؟
كُرَة ُ الأَرضِ كم رَمَتْ صَوْلجَانا {#spc}وطوَتْ من ملاعبٍ وجِياد
والغبارُ الذي على صفحتيها {#spc}دورانُ الرحى على الأجساد
كلُّ قبر من جانب القفرِ يبدو {#spc} علمَ الحقِّ، أو منارَ المعاد
وزِمامُ الرِّكابِ من كلِّ فَجٍّ {#spc}ومَحَطُّ الرِّحالِ من كل وادي
تطلع الشمسُ حيث تطلع نَضْخاً {#spc} وتنحَّى كمنجل الحصّاد
تلك حمراءُ في السماءِ، وهذا {#spc}أَعوجُ النَّصْلِ مِنْ مِراس الجِلاد
ليت شعري تعمَّداً وأصرّا {#spc}أَم أَعانا جناية الميلاد
أَجَلٌ لا يَنامُ بالمِرْصاد {#spc} قَدَرٌ رائحٌ بما شاءَ غادي
يا حماماً ترنمتْ مسعداتٍ{#spc} وبها فاقة ٌ إلى الإسعاد
ضاق عن ثكلها البكا، فتغنَّتْ {#spc} رُبَّ ثُكْلٍ سَمِعْتَه من شادي
الأناة َ الأناة َ، كلُّ أليفٍ {#spc}سابقُ الإلف، أو ملاقي انفراد
هل رجعتنَّ في الحياة لفهمٍ؟ {#spc}إن فهمَ الأُمورِ نِصفُ السَّداد
سَقمٌ من سلامة ٍ، وعزاءٌ {#spc} من هناءٍ ، وفرقة ٌ من وداد
يجتنى َ شهدها على إبرِ النح لِ{#spc} ، ويُمشى َ لوردها في القتاد
وعلى نائمٍ وسَهْرانَ فيها{#spc} أجلٌ لا ينامُ بالمرصار
لبدٌ صاده الردى ، وأظنّ {#spc}النسْ رَ من سَهمِهِ على ميعاد
ساقة َ النعشِ بالرئيس ، رويداً {#spc}موكبُ الموتِ موضعُ الإتئاد
كلُّ أَعوادِ منبر وسريرٍ {#spc} باطلٌ غيرَ هذه الأَعواد
تستريح المطِيُّ يوماً، وهذي {#spc}تنقلُ العالمين من عهد عادِ
لا وراءَ الجيادِ زيدتْ جلالاً {#spc}منذ كانت ولا على الأَجياد
أَسأَلتم حَقِيبة َ الموتِ: ماذا{#spc} تحتها من ذخيرة ٍ وعتاد
إنّ في طيِّها إمامَ صفوفٍ {#spc}وحواريَّ نية ٍ واعتقاد
لو تركتم لها الزِّمامَ لجاءَت {#spc} وحدَها بالشهيد دارَ الرشاد
انظروا ، هل ترونَ في الجمع مصراً{#spc} حاسراً قد تجلتْ بسواد
تاجُ أحرارها غلاماً وكهلاً {#spc}راعَها أَن تراه في الأَصفاد
وسدوه الترابَ نضوَ سفارٍ {#spc}في سبيلِ الحقوقِ نِضْوَ سُهاد
واركزوه إلى القيامة رمحاً {#spc}كان للحَشْدِ، والنَّدَى ، والطِّراد
وأَقرُّوه في الصفائح عَضْباً {#spc}لم يدنْ بالقرار في الأغماد
نازحَ الدارِ ، أقصرَ اليومَ بينٌ {#spc}وانتهتْ محنة ٌ ، وكفتْ عوادي
وكفى الموتُ ما تخاف وترجو {#spc} وشَفَى من أصادقٍ وأَعادي
من دنا أو نأى فإنّ المنايا {#spc}غاية ُ القربِ أو قصارى البعاد
سرْ معَ العمرِ حيثُ شئتَ تؤوبا {#spc} وافقد العمر لا تؤبْ من رقاد
ذلك الحقُّ لا الذي زعموه {#spc}في قديمٍ من الحديث مُعاد
وجرى لفظُه على ألسُنِ النا سِ{#spc} ، ومعناه في صدور الصِّعاد
يتحلَّى به القويُّ ولكنْ {#spc}كتحلِّي القتالِ باسم الجهاد
هل ترى كالترابِ أَحسنَ عدلاً {#spc}وقياماً على حقوق العباد
نزل الأقوياءُ فيه على {#spc}الضَّعْ فى ، وحلَّ الملوكُ بالزُّهَّاد
صفحاتٌ نقية ٌ كقلوب {#spc}الرُّسْ لِ ، مغسولة ٌ من الأحقاد
قُمْ إنِ اسْطَعْتَ من سريرك، وانظر {#spc} سِرَّ ذاك اللواءِ والأجناد
هل تراهم وأنتَ موفٍ عليهم {#spc}غيرَ بنيانِ ألفة ٍ واتّحاد
أُمة ٌ هُيِّئَتْ وقومٌ لخير الدّهْـ رِ{#spc} أَو شرِّه على استعداد
مصرُ تبكي عليك في كل خِدْرٍ {#spc}وتصوغُ الرثاءَ في كل نادي
لو تأمّلتها لراعك منها {#spc}عرَّة البرِّ في سوادِ الحداد
منتهى ما به البلادُ تعزَّى {#spc} رجُلٌ مات في سبيل البلاد
أمّهاتٌ لا تحمل الثكلَ إلا {#spc} للنجيب الجريءِ في الأَولاد
كفريدٍ، وأَين ثاني فريدٍ؟{#spc} أيُّ ثانٍ لواحدِ الآحاد؟
الرئيسِ الجوادِ فيما علمنا {#spc}وبَلوْنا وابنِ الرئيسِ الجواد؟
أكلتْ مالهُ الحقوقُ ، وأبلى {#spc} جِسمَهُ عائدٌ من الهمِّ عادِي
لك في ذلك الضنى رقَّوُ {#spc}الرو ح، وخَفْقُ الفؤادِ في العُوَّاد
علَّة ٌ لم تصلْ فراشك حتى {#spc} وطئتْ في القلوب والأكباد
صادفَتْ قُرْحة ً يُلائمها {#spc}الصبـرُ، وتأْبَى عليه غيرَ الفساد
وعَدَ الدهرُ أَن يكون ضِماداً {#spc}لك فيها، فكان شرَّ ضِماد
وإذا الرُّوح لم تنفِّسْ عن الجس م{#spc} فبقراطُ نافخٌ في رماد

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success