يموت في الغاب أو في غيره الأسد Poem by أحمد شوقي

يموت في الغاب أو في غيره الأسد

يموت في الغابِ أو في غيرِه الأسدُ {#spc}كلُّ البلادِ وسادٌ حين تتَّسدُ
قد غيَّبَ الغربُ شمساً لا سقامً بها {#spc}كانت على جَنَباتِ الشرقِ تَتَّقِد
حدا بها الأجلُ المحتومُ فاغتربتْ {#spc}إن النفوسَ إلى آجالها تفد
كلُّ اغترابٍ متاعٌ في الحياة ِ سوى {#spc}يومٍ يفارقُ فيه المهجة َ الجسد
نعى الغمامَ إلى الوادي وساكنهِ {#spc}برقٌ تمايلَ منه السهلُ والجَلد
برقُ الفجيعة ِ لما ثار ثائِرُه {#spc}كادتْ كأَمسٍ له الأَحزابُ تَتَّحِد
قام الرجالُ حيارى منصتين له {#spc}حتى إذا هدَّ من آمالهم قعدوا
علا الصعيدَ نهارٌ كلُّه شجنٌ {#spc}وجلَّل الريفَ ليلٌ كلُّه سُهُدُ
لم يُبْقِ للضاحكين الموتُ ما وجدوا {#spc} ولم يَرُدَّ على الباكين ما فقدوا
وراءَ ريبِ الليالي أو فجاءتها {#spc}دمعٌ لكلِّ شماتٍ ضاحكٍ رصد
باتت على الفكِ في التابوتِ جوهرة ٌ {#spc}تكادُ بالليل في ظلِّ البِلَى تقِدُ
يفاخرُ النيلُ أصداف الخليج بها {#spc} وما يدبُّ إلى البحرين أَو يَرِدُ
إنّ الجواهر أسناها وأكرمها {#spc}مايقذفُ المهدُ ، لا ما يقذفُ الزَّبدُ
حتى إذا بلغ الفلكُ المدى انحدرتْ {#spc} كأنها في الأكفِّ الصارمُ الفرد
تلك القيَّة ُ من سيف الحمى كسرٌ {#spc}على السرير ، ومن رمح الحمى قصد
قد ضمّها فزكا نعشٌ يطاف به {#spc}مُقدَّمٌ كلِواءِ الحقِّ مُنفرِد
مشتْ على جانبيه مصرُ تَنْشُدُه{#spc} كما تدَلَّهَت الثَّكْلَى ، وتَفتقِد
وقد يموت كثيرٌ لا تحسُّهمُ {#spc}كأَنهم من هَوانِ الخطب ما وُجِدوا
ثكلُ البلاد له عقلٌ ، ونكبتها {#spc}هي النجابة ُ في الأولاد ، لا العدد
مكلِّل الهامِ بالتصريح ، ليس له {#spc}عودٌ من الهام يَحويه ولا نَضد
وصاحبُ الفضل في الأَعناقِ ليس له {#spc} من الصنائعِ أَو أَعناقهم سَنَد
خلا من المِدْفَع الجبَّارِ مَركَبُهُ {#spc}وحلّ فيه الهدى والرفقُ والرَّشَد
إن المدافِعَ لم يُخْلَقْ لصُحبتها {#spc}جندُ السلام، ولا قُوّادُه المُجُد
يا بانِيَ الصرح لم يَشغَله مُمتدِحٌ {#spc}عن البناءِ، ولم يصرفه مُنتقِد
أَصمَّ عن غضبٍ مِنْ حَوْلِه ورِضًى {#spc} في ثورة ٍ تَلِدُ الأَبطالَ أَو تَئِد
تصريحك الخطوة ُ الكبرى ومرحلة ٌ {#spc} يدنو على مثلها ، أو يبعد الأمد
الحقُّ والقوة ُ ارتدّا إلى {#spc}حكمٍ من القياصل ، ما في دينه أود
لولا سِفارتُك المهديّة ُ اختصما {#spc}وملَّ النِّضالِ الذئبُ والنَّقد
ما زِلْت تَطرقُ بابَ الصلح بينهما {#spc}تفتحت الأبوابُ والسُّدد
وجَدْتها فرصة ً تُلْقى الحِبالُ لها {#spc}إنَّ السياسة َ فيها الصَّيْدُ والطَّرَد
طلبْتَها عندَ هُوجِ الحادثاتِ كما {#spc} يمشي إلى الصيد تحتَ العاصفِ الأَسَد
لما وجدت مُعدّاتِ البناءِ بنَتْ {#spc} يداك للقوم ما ذمُّوا وما حمدوا
بنيت صرحك من جهد البلاد ، كما {#spc} تبنى من الصخرِ الآساسُ والعمد
فيه ضحايا من الأَبناءِ قَيِّمة ٌ{#spc} وفيه سَعْيٌ من الآباءِ مُطَّرِد
وفيه ألوية ٌ عزَّ الجهادُ بهم {#spc}لولا المنيَّة ُ ما مالوا، ولا رقدوا
رميْت في وَتَدِ الذلِّ القديمِ به {#spc} حتى تَزعزعَ من أسبابه الوتِد
طوى حِمايَتَهُ المحتَلُّ، وانبسطتْ {#spc}حماية ُ اللهِ ، فاستذرى بها البلد
نمْ غيرَ باكٍ على ما شدت من كرمٍ {#spc}ما شِيدَ للحقِّ فَهْوَ السَّرْمَدُ الأَبد
يا ثروة َ الوطنِ الغالي، كفَى عظة ً {#spc} للناس أنك كنزٌ في الثرى بدد
لم يطغك الحكمُ في شتَّى مظاهره {#spc} ولا استخفَّك لينُ العيشِ والرَّغد
تغْدُو على الله والتاريخِ في ثِقة ٍ{#spc} ترجو فتُقْدِمُ، أَو تخْشَى فتَتَّئِد
نشأتَ في جبهة ِ النيا ، وفي فمها {#spc}يدورُ حيثُ تَدور المجدُ والحسَد
لكلِّ يومٍ غَدٌ يمضي برَوْعَتِهِ {#spc}وما ليومكَ يا خيرَ اللداتِ غدُ
رَمَتْكَ في قنواتِ القلبِ فانصدعَتْ {#spc} منِيَّة ً ما لها قلبٌ، ولا كَبِد
لمّا أناختْ على تامورك انفجرتْ{#spc} أَزكَى من الورْدِ، أَو من مائه الوُرُد
ما كلُّ قلبٍ غدا أو راح في دمه {#spc} فيه الصديقُ وفيه الأَهلُ والولد
ولم تطاولكَ خوفاً أن يناضلها {#spc}منك الدهاءُ ورأيٌ منقذٌ نجد
فهل رثى الموت للبرِّ الذَّبِيحِ وهل {#spc} شجاه ذاك الحنانُ الساكنُ الهَمِد؟
هَيْهَات! لو وُجِدَتْ للموت عاطفة ٌ {#spc} لم يبك من آدمٍ أحبابه أحد
مَشَتْ تَذُودُ المنايا عن وَديعتها {#spc}مدينة ُ النُّور ، فارتدَّتْ بها رمد
لو يُدفع الموتُ رَدَّتْ عنك عادِيَهُ؟{#spc} للعلم حولكَ عينٌ لم تنمْ ويد
أبا عزيز سلامُ اللهِ ، رسلٌ {#spc} إليك تحمل تسليمي ، ولا بردُ
ونفحة ٌ من قوافي الشعر كنت لها {#spc} في مجلس الراحِ والريحانِ تحتشدِ
أرسلتها وبعثتُ الدمعَ يكفنها {#spc} كما تحدَّر حولَ السَّوسن البرد
عطفتُ فيك إلى الماضي ، وراجعني{#spc} ولا تغّير في أبياتها الشُّهد
حتى لمحتُكَ مَرموقَ الهلالِ على {#spc} حداثة ٍ تععدُ الأوطانَ ما تعد
والشعرُ دمعٌ، ووجدانٌ، وعاطفة{#spc} ٌ ياليت شعريَ هل قلتُ الذي أجد

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
أحمد شوقي

أحمد شوقي

القاهرة
Close
Error Success