بِمَدْحِ المصطفى تَحيا القلوبُ Poem by محمد البوصيري

بِمَدْحِ المصطفى تَحيا القلوبُ

بِمَدْحِ المصطفى تَحيا القلوبُ {#spc} وتُغْتَفَرُ الخطايا والذُّنُوبُ
وأرجو أن أعيشَ بهِ سعيداً{#spc} وَألقاهُ وَليس عَلَيّ حُوبُ
نبي كامل الأوصافِ تمت {#spc} محاسنه فقيل له الحبيبُ
يُفَرِّجُ ذِكْرُهُ الكُرُباتِ عنا {#spc} إذا نَزَلَتْ بساحَتِنا الكُروبُ
مدائحُه تَزِيدُ القَلْبَ شَوْقاً {#spc} إليه كأنها حَلْيٌ وَطيبُ
وأذكرهُ وليلُ الخطبِ داجٍ {#spc} عَلَيَّ فَتَنْجلِي عني الخُطوبُ
وَصَفْتُ شمائلاً منه حِساناً{#spc} فما أدري أمدحٌ أمْ نسيبُ
وَمَنْ لي أنْ أرى منه محَيًّاً {#spc} يُسَرُّ بحسنِهِ القلْبُ الكئِيبُ
كأنَّ حديثَه زَهْرٌ نَضِيرٌ{#spc} وحاملَ زهرهِ غصنٌ رطيبُ
ولي طرفٌ لمرآهُ مشوقٌ {#spc} وَلِي قلب لِذِكْراهُ طَروبُ
تبوأ قاب قوسين اختصاصاً {#spc} ولا واشٍ هناك ولا رقيبُ
مناصبهُ السنيّة ليس فيها {#spc} لإنسانٍ وَلاَ مَلَكٍ نَصِيبُ
رَحِيبُ الصَّدْرِ ضاقَ الكَوْنُ عما {#spc} تَضَمَّنَ ذلك الصَّدْرُ الرحيبُ
يجدد في قعودٍ أو قيامٍ {#spc} له شوقي المدرس والخطيبُ
على قدرٍ يمد الناس علماً {#spc} كما يُعْطِيك أدْوِيَة ً طبيبُ
وَتَسْتَهْدِي القلوبُ النُّورَ منه {#spc} كما استهدى من البحر القليبُ
بدت للناس منه شموسُ علمٍ {#spc} طَوالِعَ ما تَزُولُ وَلا تَغِيبُ
وألهمنا به التقوى فشقتْ {#spc} لنا عمَّا أكَنَّتْهُ الغُيُوبُ
خلائِقُهُ مَوَاهِبُ دُونَ كَسْبٍ {#spc} وشَتَّانَ المَوَاهِبُ والكُسُوبُ
مهذبة ٌ بنور الله ليست {#spc} كأخلاق يهذبها اللبيبُ
وَآدابُ النُّبُوَّة ِ مُعجزاتٌ {#spc} فكيف يَنالُها الرجُلُ الأديبُ
أَبْيَنَ مِنَ الطِّباعِ دَماً وَفَرْثاً {#spc} وجاءت مثلَ ما جاء الحليبُ
سَمِعْنا الوَحْيَ مِنْ فِيه صريحاً {#spc} كغادية عزاليها تصوبُ
فلا قَوْلٌ وَلا عَمَلٌ لَدَيْها{#spc} بفاحِشَة ٍ وَلا بِهَوى ً مَشُوبُ
وَبالأهواءُ تَخْتَلِفُ المساعي {#spc} وتَفْتَرِق المذاهب وَالشُّعوبُ
ولما صار ذاك الغيث سيلاً {#spc} علاهُ من الثرى الزبدُالغريبُ
فلاتنسبْ لقول الله ريباً {#spc} فما في قولِ رَبِّك ما يَرِيبُ
فإن تَخُلُقْ لهُ الأعداءُ عَيْباً {#spc} فَقَوْلُ العَائِبِينَ هو المَعيبُ
فَخالِفْ أُمَّتَيْ موسى وَعيسى {#spc} فما فيهم لخالقه منيبُ
فَقَوْمٌ منهم فُتِنُوا بِعِجْلٍ {#spc} وَقَوْماً منهمْ فَتَنَ الصَّليبُ
وَأحبارٌ تَقُولُ لَهُ شَبِيهٌ {#spc} وَرُهْبَانٌ تَقُولُ لَهُ ضَرِيبُ
وَإنَّ محمداً لرَسولُ حَقٍّ{#spc} حسيبٌ فينبوته نسيبُ
أمين صادقٌ برٌّ تقيٌّ {#spc} عليمٌ ماجِدٌ هادٍ وَهُوبُ
يريك على الرضا والسخط وجهاً {#spc} تَرُوقُ به البَشَاشَة ُ وَالقُطوبُ
يُضِيءُ بِوَجْهِهِ المِحْرابُ لَيْلاً {#spc} وَتُظْلِمُ في النهارِ به الحُروبُ
تقدمَ من تقدمَ من نببيٍّ {#spc} نماهُ وهكذا البطلُ النجيبُ
وصَدَّقَهُ وحَكَّمَهُ صَبِيّاً {#spc} من الكفار شبانٌ وشيبُ
فلما جاءَهم بالحقِّ صَدُّوا {#spc} وصد أولئك العجب العجيبُ
شريعتُهُ صراطٌ مُستقيمٌ {#spc} فليس يمسنا فيها لغوبُ
عليك بها فإن لها كتاباً {#spc} عليه تحسد الحدق القلوبُ
ينوب لها عن الكتب المواضي {#spc} وليست عنه في حال تنوبُ
ألم تره ينادي بالتحدي {#spc} عن الحسن البديعِ به جيوبُ
وَدَانَ البَدْرُ مُنْشَقّاً إليه {#spc} وأفْصَحَ ناطِقاً عَيْرٌ وَذِيبُ
وجذع النخلِ حنَّ حنينَ ثكلى {#spc} لهُ فأَجابهُ نِعْمَ المُجِيبُ
وَقد سَجَدَتْ لهُ أغصانُ سَرْحٍ {#spc} فلِمَ لا يؤْمِنُ الظَّبْيُّ الرَّبيبُ
وكم من دعوة في المحلِ منها {#spc} رَبَتْ وَاهْتَزَّتِ الأرضُ الجَدِيبُ
وَروَّى عَسْكراً بحلِيبِ شاة ٍ {#spc} فعاودهم به العيش الخصيبُ
ومخبولٌ أتاهُ فثاب {#spc} عقلٌ إليه ولم نخلهُ له يثوب
وما ماءٌ تلقى وهو ملحٌ {#spc} أُجاجٌ طَعْمُهُ إلاّ يَطِيبُ
وعينٌ فارقَتْ نظراً فعادت {#spc} كما كانت وردّ لها السليبُ
ومَيْتٌ مُؤذِنٌ بِفِراقِ رُوحٍ {#spc} أقام وسرِّيَتْ عنه شعوبُ
وثَغْرُ مُعَمِّرٍ عُمراً طويلاً{#spc} تُوفي وهو منضودٌ شنيب
ونخلٌ أثمرتْ في دون عامٍ {#spc} فغارَ بها على القنوِ العسيبُ
ووفى منه سلمانٌ ديوناً {#spc} عليه ما يوفيها جريب
وجردَ من جريدِ النخلِ سيفاً {#spc} فقيل بذاك للسيفِ القضيب
وهَزَّ ثَبِيرُ عِطْفَيْهِ سُروراً {#spc} به كالغصنِ هبتهُ الجنوبُ
ورَدَّ الفيلَ والأحزابَ طَيْرٌ {#spc} وريحٌ مايطاقُ لها هبوبُ
وفارسُ خانها ماءٌ ونارٌ {#spc} فغيِضَ الماءُ وانطفَأَ اللَّهيبُ
وَقد هَزَّ الحسامَ عليه{#spc} عادٍ بِيَومٍ نَوْمُه فيه هُبوبُ
فقام المصطفى بالسيفِ يسطو {#spc} على الساطي به وله وثوبُ
وريعَ له أبو جهلٍ بفحلٍ {#spc} ينوبُ عن الهزبرِله نيوبُ
وشهبٌ أرسلتْ حرساً فخطتْ {#spc} على طرسِ الظلامِ بها شطوبُ
ولم أرَ معجزاتٍ مثل ذكرٍ{#spc} إليه كلُّ ذِي لُبٍّ يُنِيبُ
وما آياته تحصى بعدٍّ {#spc} فَيُدْرِكَ شَأْوَها مني طَلوبُ
طفقتُ أ‘دُّ منها موجَ بحرٍ{#spc} وَقَطْراً غَيْثُهُ أَبداً يَصُوبُ
يَجُودُ سَحابُهُنَّ وَلا انْقِشَاعٌ {#spc} وَيَزْخَرُ بَحْرُهُنَّ ولا نُضُوبُ
فراقك من بوارقها وميضٌ {#spc} وشاقك من جواهرها رسوبُ
هدانا للإله بها نبيٌّ {#spc} فضائله إذا تحكى ضروبُ
وأَخبَرَ تابِعِيِه بِغائِباتٍ {#spc} وليس بكائن عنه مَغيبُ
ولا كتبَ الكتابَ ولا تلاه {#spc} فيلحدَ في رسالته المريبُ
وقد نالوا على الأمم المواضي {#spc} به شرفاً فكلهم حسيبُ
وما كأميرِنا فيهم أميرٌ {#spc} ولا كنقِيبنا لهمُ نقيبُ
كأن عليمنا لهم نبيٌّ {#spc} لدعوتِهِ الخلائقُ تستجيبُ
وقد كتبتْ علينا واجباتٌ {#spc} أشَدُّ عليهمُ منها النُّدوبُ
وما تتضاعفُ الأغلالُ إلاَّ {#spc} إذا قستِ الرقابُ أو القلوبُ
ولما قيلَ للكفارِ خُشْبٌ {#spc} تحكَّمَ فيهم السيفُ الخشيبُ
حَكَوْا في ضَرْبِ أمثلة ٍ حَمِيراً {#spc} فوَاحِدُنا لألْفِهِمُ ضَرُوبُ
وما علماؤنا إلا سيوفٌ {#spc} مواضٍ لاتفلُّ لها غروبُ
سَراة ٌ لم يَقُلْ منهم سَرِيُّ {#spc} لِيَومِ كَرِيهَة ٍ يَوْمٌ عَصِيبُ
ولم يفتنهمُ ماءٌ نميرٌ {#spc} من الدنيا ولا مرعى ً خصيبُ
ولم تغمضْ لهم ليلاً جفونٌ {#spc} ولا ألفتْ مضاجعها جنوبُ
يشوقكَ منهم كل ابنِ هيجا {#spc} على اللأواء محبوبٌ مهيبُ
له مِنْ نَقْعِها طَرْفٌ كَحِيلٌ {#spc} ومِنْ دَمِ أُسْدِها كَفٌّ خَضِيبُ
وتنهالُ الكتائبُ حين يهوى {#spc} إليها مثلَ ما انهال الكثيبُ
على طرق القنا للموتِ منه {#spc} إلى مهجِ العدا أبداً دبيبُ
يُقَصِّدُ في العِدا سُمْرَ العَوالي {#spc} فيَرْجِعُ وهْوَ مسلوبٌ سَلوبُ
ذوابلُ كالعقودِ لها اطرادٌ {#spc} فليس يشوقها إلا التريبُ
يخرُّ لرمحهِ الرُّوميُّ أني {#spc} تيقنَ أنه العودُ الصليبُ
ويَخْضِبُ سَيفَهُ بِدَمِ النَّواصي {#spc} مخافة َ أن يقالَ به مشيبُ
له في الليل دمعٌ ليس يرقا {#spc} وقلبٌ ما يَغِبُّ له وجِيبُ
رسول الله دعوة َ مستقيلٍ {#spc} من التقصيرِ خاطرهُ هبوبُ
تعذَّر في المشيبِ وكان عياً {#spc} وبُردُ شبابه ضافٍ قشيبُ
ولا عَتْب على مَنْ قامَ يَجْلو {#spc} محاسِنَ لا تُرَى معها عيوبُ
دعاك لكلِّ مُعْضِلة ٍ{#spc} أَلَّمتْ به ولكلِّ نائبة ٍ تَنُوبُ
وللذَّنْبِ الذي ضاقَتْ عليه {#spc} به الدنيا وجانبُها رَحيبُ
يراقبُ منه ما كسبت يداه {#spc} فيبكيه كما يبكي الرقوبُ
وأني يهتدي للرشدِ عاصٍ {#spc} لغاربِ كل معصية ٍ ركوبُ
يَتُوبُ لسانُهُ عَنْ كلِّ ذَنْبٍ {#spc} وَلم يَرَ قلبَهُ منه يَتُوبُ
تقاضتهُ مواهبكَ امتداحاً {#spc} وَأوْلَى الناسِ بالمَدْحِ الوَهوبُ
وأغراني به داعي اقتراحٍ {#spc} عليَّ لأمرهِ أبداً وجوبُ
فقلتُ لِمَنْ يَحُضُّ عَلَى َّ فيه{#spc} لعلَّكَ في هواهُ لي نَسيبُ
دَلَلْتَ عَلَى الهَوَى قلبي فَسَهْمي{#spc} وَسَهْمُكَ في الهَوَى كلٌّ مُصيبُ
لجودِ المصطفى مُدَّت يدانا {#spc} وما مدتْ له أيدٍ تخيبُ
شفاعَتهُ لنا ولكلِّ عاصٍ{#spc} بقدرِ ذنوبه منها ذنوبُ
هُوَ الغَيْثُ السَّكُوبُ نَدًى وَعِلْماً{#spc} جَهِلْتُ وما هُوَ الغَيْثُ السَّكوبُ
صلاة ُ الله ما سارت سَحابٌ {#spc} عليه ومارسا وثوى عسيبُ

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success