إلى دودة Poem by ميخائيل نعيمة

إلى دودة

تدبّين دبَّ الوهنِ في جسميَ الفاني {#spc} وأجري حثيثاً خلف نعشي وأكفاني
فأجتاز عمري راكضاً متعثّراً {#spc} بأنقاض آمالي وأشباح أشجاني
وأبني قصوراً من هباءٍ وأشتكي {#spc} إذا عبثتْ كفُّ الزمانِ ببنياني
ففي كل يومٍ لي حياةٌ جديدةٌ {#spc} وفي كلّ يومٍ سكرةُ الموتِ تغشاني
ولولا ضبابُ الشكّ يا دودةَ الثرى{#spc} لكنتُ أُلاقي في دبيبِكِ إيماني
فأترك أفكاري تُذيع غرورَها {#spc} وأترك أحزاني تكفّن أحزاني
وأزحف في عيشي نظيرَكِ جاهلاً {#spc} دواعيَ وجدي أو بواعثَ وجداني
ومستسلماً في كلّ أمرٍ وحالةٍ {#spc}لحكمةِ ربّي لا لأحكام إنسان

فها أنتِ عمياءٌ يقودكِ مُبصرٌ {#spc} وأمشي بصيراً في مسالك عُميان
لكِ الأرضُ مهدٌ والسماءُ مظلّةٌ {#spc} ولي فيهما من ضيق فكريَ سِجْنان
لئن ضاقتا بي لم تضيقا بحاجتي {#spc} ولكنْ بجهلي وادّعائي بعرفاني
ففي داخلي ضدّان: قلبٌ مُسلِّمٌ {#spc} وفكرٌ عنيد بالتساؤل أضناني
توهّم أن الكونَ سِرٌّ وأنّهُ {#spc} يُنال ببحثٍ أو يُباح ببرهان
فراح يجوب الأرضَ والجوَّ والسَّما {#spc} يُسائل عن قاصٍ ويبحث عن دان
وكنتُ قصيداً قبل ذلك كاملاً {#spc}فضعضع ما بي من معانٍ وأوزان

وأنتِ التي يستصغر الكلُّ قدرَها {#spc} ويحسبها بعضٌ زيادةَ نقصان
تدبّين في حضن الحياةِ طليقةً {#spc} ولا همَّ يُضنيكِ بأسرارِ أكوان
فلا تسألين الأرضَ مَنْ مدَّ طولَها {#spc}ولا الشمسَ من لظّى حشاها بنيران
ولا الريحَ عن قصدٍ لها من هبوبها {#spc} ولا الوردةَ الحمراءَ عن لونها القاني
وما أنتِ في عين الحياةِ دميمةٌ {#spc}وأصغرُ قَدْراً من نسورٍ وعُقبان
فلا التبرُ أغلى عندها من ترابها {#spc}ولا الماسُ أسنى من حجارةِ صَوّان
هل استبدلتْ يوماً غراباً ببلبلٍ {#spc} وهل أهملتْ دوداً لتلهو بغزلان؟
وهل أطلعتْ شمساً لتحرقَ عوسجاً {#spc} وتملأ سطحَ الأرضِ بالآس والبان؟
لعمركِ، يا أختاه، ما في حياتنا {#spc} مراتبُ قَدْرٍ أو تفاوتُ أثمان
مظاهرها في الكون تبدو لناظرٍ {#spc} كثيرةَ أشكالٍ عديدةَ ألوان
وأُقنومُها باقٍ من البدء واحداً {#spc} تجلّتْ بشُهبٍ أم تجلّتْ بديدان
وما ناشدٌ أسرارَها، وهو كشفُها{#spc} سوى مشترٍ بالماء حرقةَ عطشان

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success