اليوم أصعد دون قبرك منبراً Poem by أحمد شوقي

اليوم أصعد دون قبرك منبراً

اليومَ أَصْعَدُ دونَ قبرِكَ مِنْبَرا{#spc} وأُقلِّدُ الدنيا رِثاءَك جَوْهَرَا
وأَقصُّ مِن شِعري كتابَ محاسنٍ {#spc} تتقدم العماء فيه مسطَّرا
ذكراً لفضلك عندَ مصرَ وأَهلِها{#spc} والفضلُ من حُرُماتِه أَن يُذْكَرا
العلمُ لا يعلي المراتبَ وحده {#spc}كم قدم العملُ الرجالَ وأخَّرا
والعلمُ أَشبهُ بالسماءِ رجالُه خُلِطَتْ{#spc} جَهاماً في السحابِ ومُمْطِرا
طفنا بقبركَ، واستلمنا جندلاً {#spc} كالركنِ أَزْكَى ، والحَطيمِ مُطهَّرا
بين التشرُّفِ والخشوع، كأَنما{#spc} نستقبل الحرمَ الشريفَ منورا
لو أنصفوكَ جنادلاً وصفائحاً {#spc}جعلوكَ بالذكر الحكيم مُسَوَّرا
يا منْ أراني الدهرُ صحة َ ودِّه {#spc} والودُّ في الدنيا حديثٌ مفترى
وسمعتُ بالخُلُقِ العظيمِ رواية ً{#spc} فأراني الخلقَ العظيمَ مصَّورا
ماذا لقيتَ من الرُّقاد وطوله؟ {#spc} أَنا فيك أَلقى لوعة ً وتحسُّرا
نمْ ما بدا لك آمناً في منزلٍ الدهرُ{#spc} أَقصرُ فيه من سِنَة ِ الكرَى
ما زلتَ في حمد الفراشِ وذمِّه {#spc} حتى لقيتَ به الفِراشَ الأَوْثرا
لا تَشكُوَنّ الضُّرَّ من حشراته {#spc}حشراتُ هذا الناسِ أَقبحُ مَنظرا
يا سيّدَ النادي وحاملَ همِّه{#spc} خلَّفته تحت الرزية موقرا
شهدَ الأعادي كم سهرتْ لمجده {#spc}وغدَوْتَ في طلب المزيد مُشمِّرا
وكم اتَّقيْتَ الكَيْدَ واستدفعْته {#spc} ورميتَ عدوانَ الظنونِ فأقصرا
ولَبِثْتَ عن حَوْضِ الشَّبيبة ذائداً {#spc}حتى جزاكَ الله عنه الكَوْثرا
شبانُ مصرَ حيالَ قبركَ خشعٌ ل{#spc}ا يملكون سوى مدامعهم قِرى
جمعَ الأسى لك جمعهم في واحدٍ {#spc}كان الشبابَ الواجدَ المستعبرا
لولاك ما عرفوا التعاون بينهم{#spc} فيما يسُرُّ، ولا على ما كدَّرا
حيث التفتَّ رأيتَ حولكَ منهمُ {#spc} آثارَ إحسانٍ وغرساً مثمراً
كم منطقٍ لك في البلاد وحكمة ٍ {#spc} والعقلُ بينهما يُباع ويُشْترَى
تمشي إلى الأَكواخ تُرشِد أَهلَها {#spc} مشيَ الحواريينَ يهدون القرى
متواضعاً لله بينَ عباده {#spc}واللهُ يبغض عبده المتكبرا
لم تدرِ نفسك: ما الغرور؟ وطالما {#spc}دخل الغُرورُ على الكبار فصغّرا
في كلِّ ناحية ٍ تَخُطُّ نِقابة ً فيها {#spc}حياة ُ أَخي الزراعة ِ لو دَرَى
هي كيمياؤكَ، لا خرافة ُ جابرٍ {#spc}تذرُ المقلَّ من الجماعة مكثرا
والماُ لا تجني ثمارَ رؤوسه {#spc} حتى يصيبَ من الرؤوس مُدَبِّرا
والملكُ بالأموالِ أمنعُ جانباً {#spc}وأَعزُّ سلطاناً، وأَصدقُ مَظهرا
إنا لفي زمنٍ سِفاهُ شعوبِه {#spc} في ملكهم كالمرءِ في بيت الكرا
أسواكَ من أهل المبادىء ِ منْ دعا {#spc} للجدِّ، أو جمعَ القلوب النُّفَّرا؟
الموتُ قبلك في البرية لم يهبْ{#spc} طڑه الأَمين، ولا يسوع الخيِّرا
لما دعيتُ أتيتُ انثرُ مدمعي ولو{#spc} استطعت نثرتُ جفني في الثرى
أبكي يمينك في التراب غمامة {#spc} والصدرَ بحراً، والفوادَ غضنفرا
لم أُعْطَ عنك تَصَبُّراً، وأَنا الذي {#spc}عزَّيتُ فيك عن الأمير المعشرا
أزنُ الرجالَ، ولي يراعٌ طالما {#spc}خلع الثناءَ على الكرامِ محبَّرا
بالأمسِ أرسلتُ الرثاءَ ممسكاً {#spc}واليومَ أَهتِفُ بالثناءِ مُعَنْبَرا
غيَّرْتَني حزناً، وغيَّرك البِلَى {#spc} وهواك يأْبَى في الفؤاد تغيُّرا
فعليّ حفظُ العهد حتى نلتقي {#spc} وعليك أَن ترعاه حتى نُحشَرا

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success