الشاعر في وادي الموتى Poem by سيد قطب

الشاعر في وادي الموتى

من الطارق الساري خلال المقابر {#spc}كخفقة روح في الدجنات عابر ؟
من الوجل المذعور في وحشة الدجى{#spc} تقلبهُ الأوهام في كل خاطر ؟
يُنقّل في تلك الدياجير خطوهُ {#spc}ويخطر في همس كهمس المحاذر؟
وقد سكنت من حوله كل نأمة{#spc} سوى قلبهُ الخفاق بين الدياجرِ
وغشاه روع الموت ، والموت روعة{#spc} تغشى فيعنو كل نِكس وقادر؟
هو الشاعر الملهوف للحق والهدى{#spc} وللسر لم يكشفهُ ضوء لناظر
تحير في سر الحياة وما اهتدى{#spc} إليه ، ولم يقنع بتلك الظواهر
وساءل عنه الكون والكون حائر{#spc} يسير كمعصوب بأيدي المقادر
وساءل عنه الموت ، والموت سادر{#spc} وساءل عنه الشعر في حنق ثائر
وساءل عنه كل شيء ، فلم يفز{#spc} بشيء ولم يرجع بصفقة ظافر
أفي هذه الأجداث طلسم سرّه{#spc} لعل فمن يدري بسر المقابر ؟
ألم يخلع الموتى الأحابيل كلها{#spc} ؟ أحابيل أوهام الحياة الجوائر ؟
ألم يتركوا الدنيا الغَرور لأهلها {#spc}ويستوثقوا مما وراء المصائر ؟
ألا تهمس الأرواح بالسر إذ سرى {#spc} إليها ؟ ألا تهدي اليقين لحائر ؟
أجل ! ربما تعطي الجواب لسائل {#spc} وربما تجلو المصير لشـاعر
وفيما يناجي في حمى الصمت نفسهُ {#spc} تسمّع همساً من خلال الحفائر
' من الطارق الساري خلال المقابر{#spc} فأقلق منّا كل غاف وساهرِ '
' أما يقنع الأحياءُ بالرحب كله ؟ {#spc}أيا ويح للأحياء صرعى المظاهر '
' تركنا لهم دنياهمو وديارهم{#spc} ولم يدعونا في حمى غير عامرِ '
وقال فتى منهم حديث قدومه{#spc} بنغمة إشفاق ونبرةَ ساخر
' لعل الذي قد دب في ذلك الحمى{#spc} وأيقظ في أحشائه كل سادر'
' أخو صبوة ، يهفو إلى قبر ميتة {#spc} له عنده وجد وتحنان ذاكر '
يقرّبهُ منه التذكر والهوى {#spc} وتبعدهُ عنها غلاظ الستائر '
' وما أخدع الحب الذي في ديارهم {#spc} يغشى على أبصارهم والبصائر '
وقالت لهم أم وفي صوتها أسى {#spc} ونبرة تحنان ، وكتمان صابر
' ألا ربما كانت ثكولاً حزينةً {#spc}على فلذة من قلبها المتناثر '
' وربتما كانت عجوزاً تأيمت {#spc} وضاقت بدهر ناضب العون غادر
وقد ذهبوا في حدسهم كل مذهب {#spc}وفيما حوته نفسهُ من مشـاعر
وجلجل صوت الشيخ يدوي كأنما هو{#spc} الدهرُ في صوت من الروع ظاهر
' من الطارق الساري خلال{#spc} المقابر فأقلق منا كل غاف وساهر '
فقال أخو الأحياء والقلبُ خافق {#spc}من الوجل الأخاذ ، في صوت حاسر
' أنا الحي لما يدر أسباب خلقه {#spc} أنا المدلج الحيران بين الخواطر '
' دلفت إلى وادي المنايا لعلني {#spc} أفوز بسر في حناياه غائر '
' أما تعلمون السر في خلق عالم{#spc} يموت ويحيا بين حين وآخر '
' وتكنفهُ الأحداث من كل جانب {#spc}ويركب للغايات شتى المخاطر '
' وليس له غاية غير أنه{#spc} مسوق إلى تحقيق رغبة قاهر '
' ضنين بما يبغيه ليس يبيحهُ {#spc} لسائله عما وراء الظواهر '
' وماذا لقيتم بعد ما قد خلعتمو {#spc} قيود الليالي الخادعات المواكر ؟ '
' وماذا وراء الغيبِ والغيبُ {#spc}مطبقٌ وهل يتجلى مرة للنواظر ؟ '
' سؤال أخي شوق ، وقد طال شوقهٌ {#spc} وحيرتهُ ، بين الشكوك الكوافر '
أريت لو ان الهول صُور منظراً {#spc} تجلله الأخطار جد غوامر ؟
كذلك ساد الصمت بين الحفائر {#spc} وران على أرواحهم والضمائر
وأذهل هاتيك النفوس فخفضت {#spc} من البهر والإعياء دقات طافر
وجلجل صوت الشيخ يدوي كأنه{#spc} يحدّث من كون قصي المعابر
' أيا ويلها تلك الحياة وأهلها {#spc}تكشف عن بلوائها كل ساتر '
' وتطلب أسباب الشقاء لنفسها{#spc} ! فتضرب في تيه من الشك غامر '
' وتسأل عن ' سر ' وليست بحاجة {#spc} إلى السر تشريهِ بأنفس حاضر '
' لقد أغمض الموت الرحيم جفوننا{#spc} وهدّأ في أفكارنا كل نافر
' نسينا سؤالا لم يزل كل كائنٍ {#spc} يردده حيران في حرز ' حازر '
' نسيناه فارتحنا من الحيرة التي{#spc} خسرنا بها الأعمار جد نواضر '
' وهاأنت ذا تذكيه ، يا لك جائر{#spc} ويالك مخدوعا بسر المقابر '
أريت لو ان الهول صور{#spc} منظراً تجلله الأخطار جد غوامر ؟
كذلك ساد الصمت بين الحفائر{#spc} وران على أرواحهم والضمائر
وأذهل هاتيك النفوس فخفضت {#spc}زمن البهر والإعياء دقات طافر
وعاد أخو الأحياء بعطو بحسرة{#spc} ولهفة محروم ، وإعياء خائرِ
لقد كان في الموتى وفي الموت مأمل{#spc} يعلله بالكشف عن كل ضامر
فألفى سرابا ثم لا ينقع الصدى{#spc} فوا ندما عن بحثه المتواتر
فقد كان خيرا أن يعيش على المنى {#spc} ويأمل بعد الموت كشف الستائر
ويا ليت هذا الموت يسرع خطوه{#spc} فيطوي حيّا عمره ربح خاسرِ

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
سيد قطب

سيد قطب

مصر / أسيوط
Close
Error Success