بسيفك يعلو الحق Poem by أحمد شوقي

بسيفك يعلو الحق

بِسَيفِكَ يَعلو الحَقُّ وَالحَقُّ أَغلَبُ {#spc}وَيُنصَرُ دينُ اللَهِ أَيّانَ تَضرِبُ
وَما السَيفُ إِلّا آيَةُ المُلكِ في الوَرى{#spc} وَلا الأَمرُ إِلّا لِلَّذي يَتَغَلَّبُ
فَأَدِّب بِهِ القَومَ الطُغاةَ فَإِنَّهُ {#spc}لَنِعمَ المَرَبي لِلطُغاةِ المُؤَدِّبُ
وَداوِ بِهِ الدولاتِ مِن كُلِّ دائِها {#spc} فَنِعمَ الحُسامُ الطِبُّ وَالمُتَطَبِّبُ
تَنامُ خُطوبُ المُلكِ إِن باتَ ساهِراً {#spc}وَإِن هُوَ نامَ اِستَيقَظَت تَتَأَلَّبُ
أَمِنّا اللَيالي أَن نُراعَ بِحادِثٍ {#spc}وَأَرمينيا ثَكلى وَحَورانَ أَشيَبُ
وَمَملَكَةُ اليونانِ مَحلولَةُ العُرى {#spc}رَجاؤُكَ يُعطيها وَخَوفُكَ يُسلَبُ
هَدَدتَ أَميرَ المُؤمِنينَ كَيانَها{#spc} بِأَسطَعَ مِثلِ الصُبحِ لا يَتَكَذَّبُ
وَمازالَ فَجراً سَيفُ عُثمانَ صادِقاً {#spc}يُساريهِ مِن عالي ذَكائِكَ كَوكَبُ
إِذا ما صَدَعتَ الحادِثاتِ بِحَدِّهِ تَكَشَّفَ {#spc}داجي الخَطبِ وَاِنجابَ غَيهَبُ
وَهابَ العِدا فيهِ خِلافَتَكَ الَّتي {#spc}لَهُم مَأرَبٌ فيها وَلِلَّهِ مَأرَبُ
سَما بِكَ يا عَبدَ الحَميدِ أُبُوَّةٌ{#spc} ثَلاثونَ خُضّارُ الجَلالَةِ غُيَّبُ
قَياصِرُ أَحياناً خَلائِفُ تارَةً{#spc} خَواقينُ طَوراً وَالفَخارُ المُقَلَّبُ
نُجومُ سُعودِ المَلكِ أَقمارُ زُهرِهِ {#spc}لَوَ اَنَّ النُجومَ الزُهرَ يَجمَعُها أَبُ
تَواصَوا بِهِ عَصراً فَعَصراً {#spc}فَزادَهُ مُعَمَّمُهُم مِن هَيبَةٍ وَالمُعَصَّبُ
هُمُ الشَمسُ لَم تَبرَح سَماواتِ عِزِّها{#spc} وَفينا ضُحاها وَالشُعاعُ المُحَبَّبُ
نَهَضتَ بِعَرشٍ يَنهَضُ الدَهرُ بِهِ {#spc} خُشوعاً وَتَخشاهُ اللَيالي وَتَرهَبُ
مَكينٍ عَلى مَتنِ الوُجودِ مُؤَيَّدٍ {#spc}بِشَمسِ اِستِواءٍ مالَها الدَهرَ مَغرِبُ
تَرَقَّت لَهُ الأَسواءُ حَتّى اِرتَقَيتَهُ {#spc} فَقُمتَ بِها في بَعضِ ما تَتَنَكَّبُ
فَكُنتَ كَعَينٍ ذاتِ جَريٍ كَمينَةٍ {#spc}تَفيضُ عَلى مَرِّ الزَمانِ وَتَعذُبُ
مُوَكَّلَةٍ بِالأَرضِ تَنسابُ في الثَرى {#spc} فَيَحيا وَتَجري في البِلادِ فَتُخضِبُ
فَأَحيَيتَ مَيتاً دارِسَ الرَسمِ غابِراً {#spc} كَأَنَّكَ فيما جِئتَ عيسى المُقَرَّبُ
وَشِدتَ مَناراً لِلخِلافَةِ في الوَرى {#spc} تُشَرِّقُ فيهِم شَمسُهُ وَتُغَرِّبُ
سَهِرتَ وَنامَ المُسلِمونَ بِغَبطَةٍ {#spc}وَما يُزعِجُ النُوّامَ وَالساهِرُ الأَبُ
فَنَبَّهَنا الفَتحُ الَّذي ما بِفَجرِهِ {#spc}وَلا بِكَ يا فَجرَ السَلامِ مُكَذِّبُ
حُسامُكَ مِن سُقراطَ في الخَطبِ أَخطَبُ {#spc}وَعودُكَ مِن عودِ المَنابِرِ أَصلَبُ
وَعَزمُكَ مِن هوميرَ أَمضى بَديهَةً{#spc} وَأَجلى بَياناً في القُلوبِ وَأَعذَبُ
وَإِن يَذكُروا إِسكَندَراً وَفُتوحَهُ {#spc}فَعَهدُكَ بِالفَتحِ المُحَجَّلِ أَقرَبُ
وَمُلكُكَ أَرقى بِالدَليلِ حُكومَةً {#spc}وَأَنفَذُ سَهماً في الأُمورِ وَأَصوَبُ
ظَهَرتَ أَميرَ المُؤمِنينَ عَلى العِدا {#spc} ظُهوراً يَسوءُ الحاسِدينَ وَيُتعِبُ
سَلِ العَصرَ وَالأَيّامَ وَالناسَ هَل نَبا {#spc} لِرَأيِكَ فيهِم أَو لِسَيفِكَ مَضرِبُ
هُمُ مَلَئوا الدُنيا جَهاماً وَراءَهُ{#spc} جَهامٌ مِنَ الأَعوانِ أَهذى وَأَكذَبُ
فَلَمّا اِستَلَلتَ السَيفَ أَخلَبَ بَرقُهُم {#spc} وَما كُنتَ يا بَرقَ المَنِيَّةِ تُخلِبُ
أَخَذتَهُمُ لا مالِكينَ لِحَوضِهِم{#spc} مِنَ الذَودِ إِلّا ما أَطالوا وَأَسهَبوا
وَلم يَتَكَلَّف قَومُكَ الأُسدُ أُهبَةً {#spc} وَلَكِنَّ خُلقاً في السِباعِ التَأَهُّبُ
كَذا الناسُ بِالأَخلاقِ يَبقى صَلاحُهُم {#spc}وَيَذهَبُ عَنهُم أَمرُهُم حينَ تَذهَبُ
وَمِن شَرَفِ الأَوطانِ أَلّا يَفوتَها {#spc} حُسامٌ مُعِزٌّ أَو يَراعٌ مُهَذَّبُ
مَلَكتَ سَبيلَيهِم فَفي الشَرقِ مَضرِبٌ {#spc}لِجَيشِكَ مَمدودٌ وَفي الغَربِ مَضرِبُ
ثَمانونَ أَلفاً أُسدُ غابٍ ضَراغِمٌ {#spc}لَها مِخلَبٌ فيهِم وَلِلمَوتِ مَخلِبُ
إِذا حَلِمَت فَالشَرُّ وَسنانُ حالِمٌ {#spc} وَإِن غَضِبَت فَالشَرُّ يَقظانُ مُغضِبُ
فَيالِقُ أَفشى في البِلادِ مِنَ الضُحى{#spc} وَأَبعَدُ مِن شَمسِ النَهارِ وَأَقرَبُ
وَتُصبِحُ تَلقاهُم وَتُمسي تَصُدُّهُم {#spc}وَتَظهَرُ في جِدِّ القِتالِ وَتَلعَبُ
تَلوحُ لَهُم في كُلِّ أُفقٍ وَتَعتَلي{#spc} وَتَطلُعُ فيهِم مِن مَكانٍ وَتَغرُبُ
وَتُقدِمُ إِقدامَ اللُيوثِ وَتَنثَني{#spc} وَتُدبِرُ عِلماً بِالوَغى وَتُعَقِّبُ
وَتَملِكُ أَطرافَ الشِعابِ وَتَلتَقي{#spc} وَتَأخُذُ عَفواً كُلَّ عالٍ وَتَغصِبُ
وَتَغشى أَبِيّاتِ المَعاقِلِ وَالذُرا {#spc} فَثَيِّبُهُنَّ البِكرُ وَالبِكرُ ثَيِّبُ
يَقودُ سَراياها وَيَحمي لِواءَها {#spc} سَديدُ المَرائي في الحُروبِ مُجَرِّبُ
يَجيءُ بِها حيناً وَيَرجِعُ مَرَّةً {#spc} كَما تَدفَعُ اللَجَّ البِحارُ وَتَجذِبُ
وَيَرمي بِها كَالبَحرِ مِن كُلِّ جانِبٍ{#spc} فَكُلُّ خَميسٍ لُجَّةٌ تَتَضَرَّبُ
وَيُنفِذُها مِن كُلِّ شِعبٍ فَتَلتَقي {#spc} كَما يَتَلاقى العارِضُ المُتَشَعِّبُ
وَيَجعَلُ ميقاتاً لَها تَنبَري لَهُ {#spc} كَما دارَ يَلقى عَقرَبَ السَيرِ عَقرَبُ
فَظَلَّت عُيونُ الحَربِ حَيرى لِما {#spc}تَرى نَواظِرَ ما تَأتي اللُيوثُ وَتُغرِبُ
تُبالِغُ بِالرامي وَتَزهو بِما رَمى{#spc} وَتُعجَبُ بِالقُوّادِ وَالجُندُ أَعجَبُ
وَتُثني عَلى مُزجي الجُيوشِ بِيَلدِزٍ{#spc} وَمُلهِمِها فيما تَنالُ وَتَكسِبُ
وَما المُلكُ إِلّا الجَيشُ شَأناً وَمَظهَراً {#spc} وَلا الجَيشُ إِلّا رَبُّهُ حينَ يُنسَبُ
تُحَذِّرُني مِن قَومِها التُركِ زَينَبُ{#spc} وَتُعجِمُ في وَصفِ اللُيوثِ وَتُعرِبُ
وَتُكثِرُ ذِكرَ الباسِلينَ وَتَنثَني{#spc} بِعِزٍّ عَلى عِزِّ الجَمالِ وَتُعجَبُ
وَتَسحَبُ ذَيلَ الكِبرِياءِ وَهَكَذا {#spc} يَتيهُ وَيَختالُ القَوِيُّ المُغَلِّبُ
وَزَينَبُ إِن تاهَت وَإِن هِيَ فاخَرَت{#spc} فَما قَومُها إِلّا العَشيرُ المُحَبَّبُ
يُؤَلِّفُ إيلامُ الحَوادِثِ بَينَنا{#spc} وَيَجمَعُنا في اللَهِ دينٌ وَمَذهَبُ
نَما الوُدُّ حَتّى مَهَّدَ السُبلَ لِلهَوى{#spc} فَما في سَبيلِ الوَصلِ ما يُتَصَعَّبُ
وَدانى الهَوى ما شاءَ بَيني وَبَينَها{#spc} فَلَم يَبقَ إِلّا الأَرضُ وَالأَرضُ تَقرُبُ
رَكِبتُ إِلَيها البَحرَ وَهوَ مَصيدَةٌ{#spc} تُمَدُّ بِها سُفنُ الحَديدِ وَتُنصَبُ
تَروحُ المَنايا الزُرقُ فيهِ وَتَغتَدي{#spc} وَما هِيَ إِلّا المَوجُ يَأتي وَيَذهَبُ
وَتَبدو عَلَيهِ الفُلكُ شَتّى كَأَنَّها {#spc} بُؤوزٌ تُراعيها عَلى البُعدِ أَعقُبُ
حَوامِلُ أَعلامِ القَياصِرِ حُضرٌ {#spc}عَلَيها سَلاطينُ البَرِيَّةِ غُيَّبُ
تُجاري خُطاها الحادِثاتِ وَتَقتَفي{#spc} وَتَطفو حَوالَيها الخُطوبُ وَتَرسُبُ
وَيوشِكُ يَجري الماءُ مِن تَحتِها {#spc}دَماً إِذا جَمَعَت أَثقالَها تَتَرَقَّبُ
فَقُلتُ أَأَشراطُ القِيامَةِ ما أَرى{#spc} أَمِ الحَربُ أَدنى مِن وَريدٍ وَأَقرَبُ
أَماناً أَماناً لُجَّةَ الرومِ لِلوَرى {#spc} لَوَ اَنَّ أَماناً عِندَ دَأماءَ يُطلَبُ
كَأَنّي بِأَحداثِ الزَمانِ مُلِمَّةً {#spc} وَقَد فاضَ مِنها حَوضُكِ المُتَضَرِّبُ
فَأُزعِجَ مَغبوطٌ وَرُوِّعَ آمِنٌ {#spc}وَغالَ سَلامَ العالَمينَ التَعَصُّبُ
فَقالَت أَطَلتَ الهَمَّ لِلخَلقِ مَلجَأٌ {#spc} أَبَرُّ بِهِم مِن كُلِّ بَرٍّ وَأَحدَبُ
سَلامُ البَرايا في كَلاءَةِ فَرقَدٍ{#spc} بِيَلدِزَ لا يَغفو وَلا يَتَغَيَّبُ
وَإِنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ لَوابِلٌ {#spc} مِنَ الغَوثِ مُنهَلٌ عَلى الخَلقِ صَيِّبُ
رَأى الفِتنَةَ الكُبرى فَوالى اِنهِمالَهُ {#spc} فَبادَت وَكانَت جَمرَةً تَتَلَهَّبُ
فَما زِلتُ بِالأَهوالِ حَتّى اِقتَحَمتُها {#spc}وَقَد تُركِبُ الحاجاتُ ما لَيسَ يُركَبُ
أَخوضُ اللَيالي مِن عُبابٍ وَمِن دُجىً {#spc} إِلى أُفقٍ فيهِ الخَليفَةُ كَوكَبُ
إِلى مُلكِ عُثمانَ الَّذي دونَ حَوضِهِ {#spc} بِناءُ العَوالي المُشمَخِرُّ المُطَنَّبُ
فَلاحَ يُناغي النَجمَ صَرحٌ مُثَقَّبٌ{#spc} عَلى الماءِ قَد حاذاهُ صَرحٌ مُثقَبُ
بُروجٌ أَعارَتها المَنونُ عُيونَها{#spc} لَها في الجَواري نَظرَةٌ لا تُخَيَّبُ
رَواسي اِبتِداعٍ في رَواسي طَبيعَةٍ{#spc} تَكادُ ذُراها في السَحابِ تُغَيَّبُ
فَقُمتُ أُجيلُ الطَرفَ حَيرانَ قائِلاً {#spc} أَهَذى ثُغورُ التُركِ أَم أَنا أَحسَبُ
فَمِثلَ بِناءِ التُركِ لَم يَبنِ مُشرِقٌ{#spc} وَمِثلَ بِناءِ التُركِ لَم يَبنِ مَغرِبُ
تَظَلُّ مَهولاتُ البَوارِجِ دونَهُ{#spc} حَوائِرَ ما يَدرينَ ماذا تُخَرِّبُ
إِذا طاشَ بَينَ الماءِ وَالصَخرِ سَهمُها{#spc} أَتاها حَديدٌ ما يَطيشُ وَأَسرَبُ
يُسَدِّدُهُ عِزريلُ في زِيِّ قاذِفٍ {#spc}وَأَيدي المَنايا وَالقَضاءُ المُدَرَّبُ
قَذائِفُ تَخشى مُهجَةُ الشَمسِ كُلَّما {#spc} عَلَت مُصعِداتٍ أَنَّها لا تُصَوَّبُ
إِذا صُبَّ حاميها عَلى السُفنِ اِنثَنَت {#spc} وَغانِمُها الناجي فَكَيفَ المُخَيَّبُ
سَلِ الرومَ هَل فيهِنَّ لِلفُلكِ حيلَةٌ{#spc} وَهَل عاصِمٌ مِنهُنَّ إِلّا التَنَكُّبُ
تَذَبذَبَ أُسطولاهُمُ فَدَعَتهُما{#spc} إِلى الرُشدِ نارٌ ثَمَّ لا تَتَذَبذَبُ
فَلا الشَرقُ في أُسطولِهِ مُتقى الحِمى{#spc} وَلا الغَربُ في أُسطولِهِ مُتَهَيَّبُ
وَما راعَني إِلّا لِواءٌ مُخَضَّبٌ {#spc}هُنالِكَ يَحميهِ بَنانٌ مُخَضَّبُ
فَقُلتُ مَنِ الحامي أَلَيثٌ غَضَنفَرٌ {#spc}مِنَ التُركِ ضارٍ أَم غَزالٌ مُرَبَّبُ
أَمِ المَلِكُ الغازي المُجاهِدُ قَد بَدا{#spc} أَمِ النَجمُ في الآرامِ أَم أَنتِ زَينَبُ
رَفَعتِ بَناتَ التُركِ قالَت وَهَل بِنا{#spc} بَناتِ الضَواري أَن نَصولَ تَعَجُّبُ
إِذا ما الدِيارُ اِستَصرَخَت بَدَرَت لَها{#spc} كَرائِمُ مِنّا بِالقَنا تَتَنَقَّبُ
تُقَرِّبُ رَبّاتُ البُعولِ بُعولَها{#spc} فَإِن لَم يَكُن بَعلٌ فَنَفساً تُقَرِّبُ
وَلاحَت بِآفاقِ العَدُوِّ سَرِيَّةٌ {#spc} فَوارِسُ تَبدو تارَةً وَتُحَجَّبُ
نَواهِضُ في حُزنٍ كَما تَنهَضُ القَطا {#spc}رَواكِضُ في سَهلٍ كَما اِنسابَ ثَعلَبُ
قَليلونَ مِن بُعدٍ كَثيرونَ إِن دَنَوا {#spc} لَهُم سَكَنٌ آناً وَآناً تَهَيُّبُ
فَقالَت شَهِدتَ الحَربَ أَو أَنتَ موشِكٌ {#spc}فَصِفنا فَأَنتَ الباسِلُ المُتَأَدِّبُ
وَنادَت فَلَبّى الخَيلُ مِن كُلِّ جانِبٍ {#spc} وَلَبّى عَلَيها القَسوَرُ المُتَرَقِّبُ
خِفافاً إِلى الداعي سِراعاً كَأَنَّما{#spc} مِنَ الحَربِ داعٍ لِلصَلاةِ مُثَوِّبُ
مُنيفينَ مِن حَولِ اللِواءِ كَأَنَّهُم {#spc}لَهُ مَعقِلٌ فَوقَ المَعاقِلِ أَغلَبُ
وَما هِيَ إِلّا دَعوَةٌ وَإِجابَةٌ {#spc}أَنِ اِلتَحَمَت وَالحَربُ بَكرٌ وَتَغلِبُ
فَأَبصَرتُ ما لَم تُبصِرا مِن مَشاهِدٍ {#spc} وَلا شَهِدَت يَوماً مَعَدٌّ وَيَعرُبُ
جِبالَ مَلونا لا تَخوري وَتَجزَعي {#spc} إِذا مالَ رَأسٌ أَو تَضَعضَعَ مَنكِبُ
فَما كُنتِ إِلّا السَيفَ وَالنارَ مَركَباً {#spc} وَما كانَ يَستَعصي عَلى التُركِ مَركَبُ
عَلَوا فَوقَ عَلياءِ العَدُوِّ وَدونَهُ {#spc}مَضيقٌ كَحَلقِ اللَيثِ أَو هُوَ أَصعَبُ
فَكانَ صِراطُ الحَشرِ ما ثَمَّ ريبَةٌ {#spc} وَكانوا فَريقَ اللَهِ ما ثَمَّ مُذنِبُ
يَمُرّونَ مَرَّ البَرقِ تَحتَ دُجُنَّةٍ {#spc} دُخاناً بِهِ أَشباحُهُم تَتَجَلبَبُ
حَثيثينَ مِن فَوقِ الجِبالِ وَتَحتِها كَما {#spc}اِنهارَ طَودٌ أَو كَما اِنهالَ مِذنَبُ
تُمِدُّهُمُ قُذّافُهُم وَرُماتُهُم {#spc}بِنارٍ كَنيرانِ البَراكينِ تَدأَبُ
تُذَرّى بِها شُمُّ الذُرا حينَ تَعتَلي{#spc} وَيَسفَحُ مِنها السَفحُ إِذ تَتَصَبَّبُ
تُسَمَّرُ في رَأسِ القِلاعِ كُراتُها {#spc} وَيَسكُنُ أَعجازَ الحُصونِ المُذَنَّبُ
فَلَمّا دَجى داجي العَوانِ وَأَطبَقَت {#spc} تَبَلَّجَ وَالنَصرَ الهِلالُ المُحَجَّبُ
وَرُدَّت عَلى أَعقابِها الرومُ بَعدَما{#spc} تَناثَرَ مِنها الجَيشُ أَو كادَ يَذهَبُ
جَناحَينِ في شِبهِ الشِباكَينِ مِن قَنا{#spc} وَقَلباً عَلى حُرِّ الوَغى يَتَقَلَّبُ
عَلى قُلَلِ الأَجبالِ حَيرى جُموعُهُم {#spc}شَواخِصُ ما إِن تَهتَدي أَينَ تَذهَبُ
إِذا صَعَدَت فَالسَيفُ أَبيَضُ خاطِفٌ {#spc} وَإِن نَزَلَت فَالنارُ حَمراءُ تَلهَبُ
تَطَوَّعَ أَسراً مِنهُمُ ذَلِكَ الَّذي{#spc} تَطَوَّعَ حَرباً وَالزَمانُ تَقَلُّبُ
وَتَمَّ لَنا النَصرُ المُبينُ عَلى العِدا {#spc}وَفَتحُ المَعالي وَالنَهارُ المُذَهَّبُ
فَجِئتُ فَتاةَ التُركِ أَجزي دِفاعَها {#spc}عَنِ المُلكِ وَالأَوطانِ ما الحَقُّ يوجِبُ
فَقَبَّلتُ كَفّاً كانَ بِالسَيفِ ضارِباً {#spc}وَقَبَّلتُ سَيفاً كانَ بِالكَفِّ يَضرِبُ
وَقُلتُ أَفي الدُنيا لِقَومِكِ غالِبٌ {#spc}وَفي مِثلِ هَذا الحِجرِ رُبّوا وَهُذِّبوا
رُوَيداً بَني عُثمانَ في طَلَبِ العُلا {#spc} وَهَيهاتَ لَم يُستَبقَ شَيءٌ فَيُطلَبُ
أَفي كُلِّ آنٍ تَغرِسونَ وَنَجتَني{#spc} وَفي كُلِّ يَومٍ تَفتَحونَ وَنَكتُبُ
وَما زِلتُمُ يَسقيكُمُ النَصرُ حُمرَهُ {#spc}وَتَسقونَهُ وَالكُلُّ نَشوانَ مُصأَبُ
إِلى أَن أَحَلَّ السُكرَ مَن لا يُحِلُّهُ {#spc}وَمَدَّ بِساطَ الشُربِ مَن لَيسَ يَشرَبُ
وَأَشمَطَ سَوّاسِ الفَوارِسِ أَشيَبُ {#spc}يَسيرُ بِهِ في الشَعبِ أَشمَطُ أَشيَبُ
رَفيقاً ذَهابٍ في الحُروبِ وَجيئَةٍ {#spc} قَدِ اِصطَحَبا وَالحُرُّ لِلحُرِّ يَصحَبُ
إِذا شَهِداها جَدَّدا هِزَّةَ الصِبا{#spc} كَما يَتَصابى ذو ثَمانينَ يَطرُبُ
فَيَهتَزُّ هَذا كَالحُسامِ وَيَنثَني {#spc} وَيَنفُرُ هَذا كَالغَزالِ وَيَلعَبُ
تَوالى رَصاصُ المُطلِقينَ عَلَيهِما {#spc} يُخَضِّلُ مِن شَيبِهِما وَيُخَضِّبُ
فَقيلَ أَنِل أَقدامَكَ الأَرضَ إِنَّها {#spc} أَبَرُّ جَواداً إِن فَعَلتَ وَأَنجَبُ
فَقالَ أَيَرضى واهِبُ النَصرِ أَنَّنا{#spc} نَموتُ كَمَوتِ الغانِياتِ وَنُعطَبُ
ذَروني وَشَأني وَالوَغى لا مُبالِياً {#spc}إِلى المَوتِ أَمشي أَم إِلى المَوتِ أَركَبُ
أَيَحمِلُني عُمراً وَيَحمي شَبيبَتي {#spc} وَأَخذُلُهُ في وَهنِهِ وَأُخَيِّبُ
إِذا نَحنُ مِتنا فَاِدفِنونا بِبُقعَةٍ {#spc} يَظَلُّ بِذِكرانا ثَراها يُطَيِّبُ
وَلا تَعجَبوا أَن تَبسُلَ الخَيلُ إِنَّها لَها {#spc}مِثلُ ما لِلناسِ في المَوتِ مَشرَبُ
فَماتا أَمامَ اللَهِ مَوتَ بَسالَةٍ {#spc}كَأَنَّهُما فيهِ مِثالٌ مُنَصَّبُ
وَما شُهَداءُ الحَربِ إِلّا عِمادُها {#spc}وَإِن شَيَّدَ الأَحياءُ فيها وَطَنَّبوا
مِدادُ سِجِلِّ النَصرِ فيها دِماؤُهُم {#spc} وَبِالتِبرِ مِن غالي ثَراهُم يُتَرَّبُ
فَهَل مِن مَلونا مَوقِفٌ وَمَسامِعٌ {#spc}وَمِن جَبَلَيها مِنبَرٌ لي فَأَخطُبُ
فَأَسأَلُ حِصنَيها العَجيبَينِ في الوَرى {#spc}وَمَدخَلُها الأَعصى الَّذي هُوَ أَعجَبُ
وَأَستَشهِدُ الأَطوادَ شَمّاءَ وَالذُرا{#spc} بَواذِخَ تُلوي بِالنُجومِ وَتُجذَبُ
هَلِ البَأسُ إِلّا بَأسُهُم وَثَباتُهُم{#spc} أَوِ العَزمُ إِلّا عَزمُهُم وَالتَلَبُّبُ
أَوِ الدينُ إِلّا ما رَأَت مِن جِهادِهِم {#spc}أَوِ المُلكُ إِلّا ما أَعَزّوا وَهَيَّبوا
وَأَيُّ فَضاءٍ في الوَغى لَم يُضَيِّقوا {#spc}وَأَيُّ مَضيقٍ في الوَرى لَم يُرَحِّبوا
وَهَل قَبلَهُم مَن عانَقَ النارَ راغِباً {#spc}وَلَو أَنَّهُ عُبّادُها المُتَرَهِّبُ
وَهَل نالَ ما نالوا مِنَ الفَخرِ حاضِرٌ {#spc}وَهَل حُبِيَ الخالونَ مِنهُ الَّذي حُبوا
سَلاماً مَلونا وَاِحتِفاظاً وَعِصمَةً {#spc} لِمَن باتَ في عالي الرِضى يَتَقَلَّبُ
وَضِنّي بِعَظمٍ في ثَراكِ مُعَظَّمٍ {#spc}يُقَرِبُهُ الرَحمَنُ فيما يُقَرِّبُ
وَطِرناوُ إِذ طارَ الذُهولُ بِجَيشِها {#spc}وَبِالشَعبِ فَوضى في المَذاهِبِ يَذهَبُ
عَشِيَّةَ ضاقَت أَرضُها وَسَماؤُها{#spc} وَضاقَ فَضاءٌ بَينَ ذاكَ مُرَحِّبُ
خَلَت مِن بَني الجَيشِ الحُصونُ وَأَقفَرَت{#spc} مَساكِنُ أَهليها وَعَمَّ التَخَرُّبُ
وَنادى مُنادٍ لِلهَزيمَةِ في المَلا {#spc}وَإِنَّ مُنادي التُركِ يَدنو وَيَقرُبُ
فَأَعرَضَ عَن قُوّادِهِ الجُندُ شارِداً {#spc} وَعَلَّمَهُ قُوّادُهُ كَيفَ يَهرُبُ
وَطارَ الأَهالي نافِرينَ إِلى الفَلا {#spc}مِئينَ وَآلافاً تَهيمُ وَتَسرُبُ
نَجَوا بِالنُفوسِ الذاهِلاتِ وَما نَجَوا {#spc}بِغَيرِ يَدٍ صِفرٍ وَأُخرى تُقَلِّبُ
وَطالَت يَدٌ لِلجَمعِ في الجَمعِ بِالخَنا {#spc}وَبِالسَلبِ لَم يَمدُد بِها فيهِ أَجنَبُ
يَسيرُ عَلى أَشلاءِ والِدِهِ الفَتى {#spc}وَيَنسى هُناكَ المُرضَعَ الأُمُّ وَالأَبُ
وَتَمضي السَرايا واطِئاتٍ بِخَيلِها {#spc}أَرامِلَ تَبكي أَو ثَواكِلَ تَندُبُ
فَمِن راجِلٍ تَهوي السِنونُ بِرِجلِهِ {#spc}وَمِن فارِسٍ تَمشي النِساءُ وَيَركَبُ
وَماضٍ بِمالٍ قَد مَضى عَنهُ {#spc}وَألُهُ وَمُزجٍ أَثاثاً بَينَ عَينَيهِ يُنهَبُ
يَكادونَ مِن ذُعرٍ تَفُرُّ دِيارُهُم{#spc} وَتَنجو الرَواسي لَو حَواهُنَّ مَشعَبُ
يَكادُ الثَرى مِن تَحتِهِم يَلِجُ الثَرى {#spc}وَيَقضِمُ بَعضُ الأَرضِ بَعضاً وَيُقضِبُ
تَكادُ خُطاهُم تَسبِقُ البَرقَ سُرعَةً {#spc}وَتَذهَبُ بِالأَبصارِ أَيّانَ تَذهَبُ
تَكادُ عَلى أَبصارِهِم تَقطَعُ المَدى {#spc}وَتَنفُذُ مَرماها البَعيدَ وَتَحجُبُ
تَكادُ تَمُسُّ الأَرضَ مَسّاً نِعالُهُم {#spc}وَلَو وَجَدوا سُبلاً إِلى الجَوِّ نَكَّبوا
هَزيمَةُ مَن لا هازِمٌ يَستَحِثُّهُ {#spc} وَلا طارِدٌ يَدعو لِذاكَ وَيوجِبُ
قَعَدنا فَلَم يَعدَم فَتى الرومِ فَيلَقاً {#spc}مِنَ الرُعبِ يَغزوهُ وَآخَرَ يَسلُبُ
ظَفِرنا بِهِ وَجهاً فَظَنَّ تَعَقُّباً {#spc}وَماذا يَزيدُ الظافِرينَ التَعَقُّبُ
فَوَلّى وَما وَلّى نِظامُ جُنودِهِ {#spc}وَيا شُؤمَ جَيشٍ لِلفَرارِ يُرَتِّبُ
يَسوقُ وَيَحدو لِلنَجاةِ كَتائِباً {#spc}لَهُ مَوكِبٌ مِنها وَلِلعارِ مَوكِبُ
مُنَظَّمَةٌ مِن حَولِهِ بَيدَ أَنَّها{#spc} تَوَدُّ لَوِ اِنشَقَّ الثَرى فَتُغَيَّبُ
مُؤَزَّرَةٌ بِالرُعبِ مَلدوغَةٌ بِهِ {#spc}فَفي كُلِّ ثَوبٍ عَقرَبٌ مِنهُ تَلسِبُ
تَرى الخَيلَ مِن كُلِّ الجِهاتِ تَخَيُّلاً{#spc} فَيَأخُذُ مِنها وَهمُها وَالتَهَيُّبُ
فَمِن خَلفِها طَوراً وَحيناً أَمامَها{#spc} وَآوِنَةً مِن كُلِّ أَوبٍ تَأَلَّبُ
فَوارِسُ في طولِ الجِبالِ وَعَرضِها {#spc} إِذا غابَ مِنهُم مِقنَبٌ لاحَ مِقنَبُ
فَمَهما تَهِم يَسنَح لَها ذو مُهَنَّدٍ {#spc}وَيَخرُج لَها مِن باطِنِ الأَرضِ مِحرَبُ
وَتَنزِل عَلَيها مِن سَماءِ خَيالِها{#spc} صَواعِقٌ فيهِنَّ الرَدى المُتَصَبِّبُ
رُؤىً إِن تَكُن حَقّاً يَكُن مِن وَرائِها{#spc} مَلائِكَةُ اللَهِ الَّذي لَيسَ يُغلَبُ
وَفِرسالُ إِذ باتوا وَبِتنا أَعادِياً {#spc}عَلى السَهلِ لُدّاً يَرقُبونَ وَنَرقُبُ
وَقامَ فَتانا اللَيلَ يَحمي لِواءَهُ{#spc} وَقامَ فَتاهُم لَيلَهُ يَتَلَعَّبُ
تَوَسَّدَ هَذا قائِمَ السَيفِ يَتَّقي{#spc} وَهَذا عَلى أَحلامِهِ يَتَحَسَّبُ
وَهَل يَستَوي القِرنانُ هَذا مُنَعَّمٌ{#spc} غَريرٌ وَهَذا ذو تَجاريبَ قُلَّبُ
حَمَينا كِلانا أَرضَ فِرسالَ وَالسَما{#spc} فَكُلُّ سَبيلٍ بَينَ ذَلِكَ مَعطَبُ
وَرُحنا يَهُبُّ الشَرُّ فينا وَفيهِمُ {#spc} وَتَشمُلُ أَرواحُ القِتالِ وَتَجنُبُ
كَأَنّا أُسودٌ رابِضاتٌ كَأَنَّهُم قَطيعٌ {#spc}بِأَقصى السَهلِ حَيرانَ مُذئِبُ
كَأَنَّ خِيامَ الجَيشِ في السَهلِ أَينَقُ {#spc} نَواشِزُ فَوضى في دُجى اللَيلِ شُزَّبُ
كَأَنَّ السَرايا ساكِناتٍ مَوائِجاً {#spc} قَطائِعُ تُعطى الأَمنَ طَوراً وَتُسلَبُ
كَأَنَّ القَنا دونَ الخِيامِ نَوازِلاً {#spc}جَداوِلُ يُجريها الظَلامُ وَيُسكَبُ
كَأَنَّ الدُجى بَحرٌ إِلى النَجمِ صاعِدٌ {#spc} كَأَنَّ السَرايا مَوجُهُ المُتَضَرِّبُ
كَأَنَّ المَنايا في ضَميرِ ظَلامِهِ {#spc}هُمومٌ بِها فاضَ الضَميرُ المُحَجَّبُ
كَأَنَّ صَهيلَ الخَيلِ ناعٍ مُبَشِّرٌ {#spc}تَراهُنَّ فيها ضُحَّكاً وَهيَ نُحَّبُ
كَأَنَّ وُجوهَ الخَيلِ غُرّاً وَسيمَةً{#spc} دَرارِيُّ لَيلٍ طُلَّعٌ فيهِ ثُقَّبُ
كَأَنَّ أُنوفَ الخَيلِ حَرّى مِنَ الوَغى{#spc} مَجامِرُ في الظَلماءِ تَهدا وَتَلهُبُ
كَأَنَّ صُدورَ الخَيلِ غُدرٌ عَلى الدُجى{#spc} كَأَنَّ بَقايا النَضحِ فيهِنَّ طُحلُبُ
كَأَنَّ سَنى الأَبواقِ في اللَيلِ بَرقُهُ {#spc} كَأَنَّ صَداها الرَعدُ لِلبَرقِ يَصحَبُ
كَأَنَّ نِداءَ الجَيشِ مِن كُلِّ جانِبٍ {#spc}دَوِيُّ رِياحٍ في الدُجى تَتَذَأَّبُ
كَأَنَّ عُيونَ الجَيشِ مِن كُلِّ مَذهَبٍ {#spc}مِنَ السَهلِ جُنَّ جُوَّلٌ فيهِ جُوَّبُ
كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ جُنودَنا {#spc}مَجوسٌ إِذا ما يَمَّموا النارَ قَرَّبوا
كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ الرَدى قِرىً {#spc}كَأَنَّ وَراءَ النارِ حاتِمَ يَأدِبُ
كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ بَني الوَغى {#spc} فَراشٌ لَهُ مَلمَسُ النارِ مَأرَبُ
وَثَبنا يَضيقُ السَهلُ عَن وَثَباتِنا{#spc} وَتَقدُمُنا نارٌ إِلى الرومِ أَوثَبُ
مَشَت في سَراياهُم فَحَلَّت نِظامَها {#spc} فَلَمّا مَشَينا أَدبَرَت لا تُعَقِّبُ
رَأى السَهلُ مِنهُم ما رَأى الوَعرُ قَبلَهُ {#spc} فَيا قَومُ حَتّى السَهلُ في الحَربِ يَصعُبُ
وَحِصنٌ تَسامى مِن دُموقو كَأَنَّهُ {#spc}مُعَشِّشُ نَسرٍ أَو بِهَذا يُلَقَّبُ
أَشُمُّ عَلى طَودٍ أَشَمَّ كِلاهُما {#spc}مَنونُ المُفاجي وَالحِمامُ المُرَحِّبُ
تَكادُ تَقادُ الغادِياتُ لِرَبِّهِ {#spc} فَيُزجي وَتَنزُمُّ الرِياحُ فَيَركَبُ
حَمَتهُ لُيوثٌ مِن حَديدٍ تَرَكَّزَت {#spc}عَلى عَجَلٍ وَاِستَجمَعَت تَتَرَقَّبُ
تَثورُ وَتَستَأني وَتَنأى وَتَدَّني {#spc} وَتَغدو بِما تَغدي وَتَرمي وَتَنشُبُ
تَأبّى فَظَنَّ العالِمونَ اِستَحالَةً {#spc}وَأَعيا عَلى أَوهامِهِم فَتَرَيَّبوا
فَما في القِوى أَنَّ السَماواتِ تُرتَقى {#spc} بِجَيشٍ وَأَنَّ النَجمَ يُغشى فَيُغضِبُ
سَمَوتُم إِلَيهِ وَالقَنابِلُ دونَهُ {#spc} وَشُهبُ المَنايا وَالرَصاصُ المُصَوَّبُ
فَكُنتُم يَواقيتَ الحُروبِ كَرامَةً{#spc} عَلى النارِ أَو أَنتُم أَشَدُّ وَأَصلَبُ
صَعَدتُم وَما غَيرُ القَنا ثَمَّ مَصعَدٌ{#spc} وَلا سُلَّمٌ إِلّا الحَديدُ المُذَرَّبُ
كَما اِزدَحَمَت بَيزانُ جَوٍّ بِمَورِدٍ{#spc} أَوِ اِرتَفَعَت تَلقى الفَريسَةَ أَعقَبُ
فَما زِلتُمُ حَتّى نَزَلتُم بُروجَهُ وَلَم{#spc} تَحتَضِر شَمسُ النَهارِ فَتَغرُبُ
هُنالِكَ غالى في الأَماديحِ مَشرِقٌ {#spc} وَبالَغَ فيكُم آلَ عُثمانَ مَغرِبُ
وَزَيدَ حَمى الإِسلامَ عِزّاً وَمَنعَةً{#spc} وَرُدَّ جِماحُ العَصرِ فَالعَصرُ هَيِّبُ
رَفَعنا إِلى النَجمِ الرُؤوسِ بِنَصرِكُم {#spc}وَكُنّا بِحُكمِ الحادِثاتِ نُصَوِّبُ
وَمَن كانَ مَنسوباً إِلى دَولَةِ القَنا{#spc} فَلَيسَ إِلى شَيءٍ سِوى العِزِّ يُنسَبُ
فَيا قَومُ أَينَ الجَيشُ فيما زَعَمتُمُ {#spc}وَأَينَ الجَواري وَالدِفاعُ المُرَكَّبُ
وَأَينَ أَميرُ البَأسِ وَالعَزمِ وَالحِجى {#spc}وَأَينَ رَجاءٌ في الأَميرِ مُخَيَّبُ
وَأَينَ تُخومٌ تَستَبيحونَ دَوسَها {#spc} وَأَينَ عِصاباتٌ لَكُم تَتَوَثَّبُ
وَأَينَ الَّذي قالَت لَنا الصُحفُ عَنكُمُ {#spc} وَأَسنَدَ أَهلوها إِلَيكُم فَأَطنَبوا
وَما قَد رَوى بَرقٌ مِنَ القَولِ كاذِبٌ {#spc}وَآخَرُ مِن فِعلِ المُحِبّينَ أَكذَبُ
وَما شِدتُمُ مِن دَولَةٍ عَرضُها الثَرى{#spc} يَدينُ لَها الجِنسانِ تُركٌ وَصَقلَبُ
لَها عَلَمٌ فَوقَ الهِلالِ وَسُدَّةٌ {#spc}تُنَصُّ عَلى هامِ النُجومِ وَتُنصَبُ
أَهَذا هُوَ الذَودُ الَّذي تَدَّعونَهُ {#spc} وَنَصرُ كَريدٍ وَالوَلا وَالتَحَبُّبُ
أَهَذا الَّذي لِلمُلكِ وَالعِرضِ عِندَكُم {#spc} وَلِلجارِ إِن أَعيا عَلى الجارِ مَطلَبُ
أَهَذا سِلاحُ الفَتحِ وَالنَصرِ وَالعُلا{#spc} أَهَذا مَطايا مَن إِلى المَجدِ يَركَبُ
أَهَذا الَّذي لِلذِكرِ خُلَّبُ مَعشَرٌ {#spc}عَلى ذِكرِهِم يَأتي الزَمانُ وَيَذهَبُ
أَسَأتُم وَكانَ السوءُ مِنكُم إِلَيكُمُ {#spc} إِلى خَيرِ جارٍ عِندَهُ الخَيرُ يُطلَبُ
إِلى ذي اِنتِقامٍ لا يَنامُ غَريمُهُ {#spc} وَلَو أَنَّهُ شَخصُ المَنامِ المُحَجَّبُ
شَقيتُم بِها مِن حيلَةٍ مُستَحيلَةٍ {#spc}وَأَينَ مِنَ المُحتالِ عَنقاءُ مُغرِبُ
فَلَولا سُيوفُ التُركِ جَرَّبَ غَيرُكُم{#spc} وَلَكِن مِنَ الأَشياءِ ما لا يُجَرَّبُ
فَعَفواً أَميرَ المُؤمِنينَ لِأُمَّةٍ دَعَت{#spc} قادِراً مازالَ في العَفوِ يَرغَبُ
ضَرَبتَ عَلى آمالِها وَمَآلِها {#spc} وَأَنتَ عَلى اِستِقلالِها اليَومَ تَضرِبُ
إِذا خانَ عَبدُ السوءِ مَولاهُ مُعتَقاً {#spc}فَما يَفعَلُ الكَريمُ المُهَذَّبُ
وَلا تَضرِبَن بِالرَأيِ مُنحَلَّ مُلكِهِم {#spc}فَما يَفعَلُ المَولى الكَريمُ المُهَذَّبُ
لَقَد فَنِيَت أَرزاقُهُم وَرِجالُهُم{#spc} وَليسَ بِفانٍ طَيشُهُم وَالتَقَلُّبُ
فَإِن يَجِدوا لِلنَفسِ بِالعَودِ راحَةً {#spc} فَقَد يَشتَهي المَوتَ المَريضُ المُعَذَّبُ
وَإِن هَمَّ بِالعَفوِ الكَريمِ رَجاؤُهُم {#spc} فَمِن كَرَمِ الأَخلاقِ أَن لا يُخَيَّبوا
فَما زِلتَ جارَ البِرِّ وَالسَيِّدَ الَّذي{#spc} إِلى فَضلِهِ مِن عَدلِهِ الجارُ يَهرُبُ
يُلاقي بَعيدُ الأَهلِ عِندَكَ أَهلَهُ {#spc}وَيَمرَحُ في أَوطانِهِ المُتَغَرِّبُ
أَمَولايَ غَنَّتكَ السُيوفُ فَأَطرَبَت {#spc} فَهَل لِيَراعي أَن يُغَنّي فَيُطرِبُ
فَعِندي كَما عِندَ الظُبا لَكَ نَغمَةٌ {#spc} وَمُختَلِفُ الأَنغامِ لِلأُنسِ أَجلَبُ
أُعَرِّبُ ما تُنشي عُلاكَ وَإِنَّهُ {#spc} لَفي لُطفِهِ ما لا يَنالُ المُعَرِّبُ
مَدَحتُكَ وَالدُنيا لِسانٌ وَأَهلُها{#spc} جَميعاً لِسانٌ يُملِيانِ وَأَكتُبُ
أُناوِلُ مِن شِعرِ الخِلافَةِ رَبَّها{#spc} وَأَكسو القَوافي ما يَدومُ فَيُقشِبُ
وَهَل أَنتَ إِلّا الشَمسُ في كُلِّ أُمَّةٍ {#spc} فَكُلُّ لِسانٍ في مَديحِكَ طَيِّبُ
فَإِن لَم يَلِق شِعري لِبابِكَ مِدحَةً{#spc} فَمُر يَنفَتِح بابٌ مِنَ العُذرِ أَرحَبُ
وَإِنّي لَطَيرُ النيلِ لا طَيرَ غَيرُهُ {#spc} وَما النيلُ إِلّا مِن رِياضِكَ يُحسَبُ
إِذا قُلتُ شِعراً فَالقَوافي حَواضِرٌ{#spc} وَبَغدادُ بَغدادٌ وَيَثرِبُ يَثرِبُ
وَلَم أَعدَمِ الظِلَّ الخَصيبَ وَإِنَّما {#spc} أُجاذِبُكَ الظِلَّ الَّذي هُوَ أَخصَبُ
فَلا زِلتَ كَهفَ الدينِ وَالهادِيَ الَّذي {#spc} إِلى اللَهِ بِالزُلفى لَهُ نَتَقَرَّبُ

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success