رسالة 1 * إلى أمّي Poem by RAED WAHESH

رسالة 1 * إلى أمّي

1
العسكري الذي رَكَز بارودته مكان قضيبه،
وكأنّه يقول لكلّ من يمرون بالشارع:
'سأثقب مؤخراتكم بالرصاص'؛
يشبه الولد الذي ضربني على باب المدرسة،
أو ربما عليّ اعتباره ذلك الصبي
كي أجد مبرراً للركض إليك الآن.
يومها عدتُ إليكِ باكياً فبكيتِ معي..

العسكري ذو القضيب المعدنيّ المنتصب،
لا يعيدني كما عُدْتُكِ طفلاً خائفاً،
لكنْ رجلاً يسأل: هل لك أمٌّ أيها الخوف..؟

2
وحيدٌ يا وحيدة..
حزينٌ يا حزينة..
غريبٌ يا غريبة..
كذبتْ عليّ القصائدُ والقصص وسِيَر المغامرين. كذبت نداءات الحياة التي ركضتُ خلفها كمضبوعٍ. لطالما حذرتني من شخّة الضبع التي تنتهي بأعتى الرجال عشاءً في مغارة، دون أن تدرين أن الحياة نفسها أكبر الضباع.
كل حياة خارج البيت مهانة..!

3
لماذا ليس لديك أم يا أمي؟
أم بعيدة، في منزل معزول، ليس لديها إلا بضع دجاجات، وآمالُ حياتها تتلخص في عودة الأولاد الغائبين. أحتاج إلى تلك الأم يا أمي كي أجد الطريقة المباشرة التي أقول لك فيها: حظّي في الدنيا أقلُّ من حظّ دجاجة!

4
المقهى ليس مقهاي، الشارع ليس شارعي، الأصدقاء ليسوا أصدقائي، الخوف لي..
أتذكّر شاعراً كتب 'لن يفهمني أحدٌ إلا الزيتون'، ومثله لا أشعر، حتى بيني وبيني، إلا بتلك اللغة الزيتونية..

في حضنكِ،
في العناق العظيم،
غداً سوف أزرع بستان الزيتون الكبير.

5
من ظلٍّ تعلّمْتُ.
كان المشهد على الشّكل التالي: ظلُّ إنسانٍ على الرصيف، وما من إنسانٍ. ظلَّ شاردَ البال، أو قلقاً، لا أدري.
عندما تجمّع الناس راح كلٌّ منهم يزعم أن الظلّ له، فالظّلال إن تُركت تثير شهوة الامتلاك.
'تخيّل أنّ ظلين لك، تضع واحداً في البيت كأثرٍ لسلطاتك، وتخرج متأنقاً بالآخر!!'، كلهم فكّروا على هذا النحو.
وما من لبيبٍ أخذ الإشارة: الظلّ رفض الذهاب مع صاحبه المهاجر، ليقين قلبه الظليّ أن بلاداً لا أمهات لنا فيها لن تمنح جنسياتها للظلال.

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success