صوت المتنبي Poem by علي أحمد باكثير

صوت المتنبي

من الملأ العلوي من عالم الخلدِ {#spc} أهل عليكم بالتحيات والحمد
تقحمتُ حُجب الغيب حتى أتيتكم {#spc} لأجزيكم عن بعض إحسانكم عندي
قطعتُ حدود (الأين) في متطاولٍ {#spc} من اللوح يفنى البعد فيه من البعد
كأن الفضاء اللانهائي سائرٌ {#spc} على كرةٍ لا حد فيها سوى حدي
إذا ما ركضت السير في فلواته {#spc} تشابه ما قبلي عليّ وما بعدي
إلى أن تجاوزت النجوم جواذباً إليهن{#spc} عطفي غير أن لسن من قصدي
يناشدني - والنور ثمّ - لسانها {#spc} لأنشدها شعري وأصفيها ودي
ولو لم تكن (مصرٌ) و(جلّق) الهوى{#spc} و(بغداد) لم أبخل عليها بما عندي
معانٍ قضى فيها الشباب مآربي {#spc} وسلّت بها كبرى العزائم إفرندي
وأمليتُ فيها الدهر غرّ قصائدي{#spc} فغنى بها الأجيال في السهل والنجد
قطعتُ حدود (الأين) حتى أتيتكم {#spc} فمن (لمتى) ما بيننا قام كالسد
أجل، ألف عامٍ حال بيني وبينكم {#spc} فلولا سبقتم أو تأخر بي عهدي
سعدتُ بلقياكم وفزتم برؤيتي{#spc} لو أن يد المقدار ألغته في العدّ
ألا فتزحزح يا زمان لشاعرٍ{#spc} يريد فلا تقوى الجبال على صدي
أغرّك أنّ الأرض قد شربت دمي؟ {#spc} وأنّ عيون الشهب قد شهدت لحدي؟
رويدك قد خلدتُ في الشعر محضه {#spc} ولم يبق منه للتراب سوى الدُردي
فها هو في الأجيال ينساب صافياً إلى {#spc}ابنٍ .. إلى ابنٍ .. من أبيه .. من الجد
يزيد على الأيام كالخمر سورةً {#spc} لو أن حُميا الخمر تهدي كما يهدي
أنا الخالد الساري بأعصاب شعبه {#spc} وما شعبه بالنزر أو ضرِع الخدّ
بني مصر أنفاس الخلود عليكم {#spc} ونشر الخزامى والرياحين والورد
سبقتم إلى تكريم ذكراي غيركم {#spc} وقدماً سبقتم للمكارم والمجد
رأيت (بلاد الضاد) عقداً منظماً {#spc} ولكن (مصراً) فيه واسطة العقد
قضيت لمصر بالإمامة بينها {#spc}وهل لقضاء شئته أنا من ردّ؟
ومن غيركم أهدى إلى (الضاد) شاعراً{#spc} كشوقي ومنطيقاً كجباركم سعدِ؟
أحبهما لا بل أقدس فيهما {#spc} مشابه من عزمي وأصداء من وجدي
أعدتم إلى (الفصحى) الحياة فزحزحت {#spc} بأيديكم كابوس تُبّت والصُغدِ
هي الضاد لن يذوي على الدهر عودها {#spc} وقد خصها (الذكر) المقدسُ بالخلدِ
ستبدأ من حيث انتهت سائر اللغى {#spc} خطاها إلى حدّ يجل عن الحدّ
ولا تعتبوها فهي بعد صغيرةٌ {#spc} ولم يتنفس صدرها بعد عن نهدِ
علىأنها بالرغم من صغر سنها{#spc} لناعسة الجفنين مياسة القدِ
يكاد يصيح الحب بين شفاهها {#spc} 'أنا الحب ما أخفيه فوق الذي أبدي'
تمنٍ يلذ المستهام بمثله' {#spc} ' وإن كان لا يغني فتيلاً ولا يجدي
وغيظٌ على الأيام كالنار في الحشا' {#spc} ' ولكنه غيظ الأسير على القِدّ
فلو عشتُ في هذا الزمان وأهله {#spc}لغيرت من نهجي وضاعفتُ من جهدي
وكنتُ تنكبتُ الملوك ومدحها {#spc}فليسوا بأكفائي وإن نالهم حمدي
وأتعس خلق الله من زاد همه' ' وقصّر{#spc} عما تشتهي النفس في الوُجدِ
يقول أناسٌ إنني قد هجوتكم {#spc} فإما أرادوا الشرّ أو جهلوا قصدي
ولم أهجُ إلا حالةً غاظني بها {#spc} وقوف بني الأحرار بين يدي عبدِ
ولستُ أبالي مادحاً لي وهاجياً {#spc} فقد رويت نفسي من الصيت والمجدِ
ولي منهما ما لم ينله مملكٌ {#spc}ولا شاعرٌ قبلي ولا شاعرٌ بعدي
ولكنني أصبحتُ رمزاً لمجدكم {#spc} يضمكم روضي ويجمعكم وِردي
فمن نالني بالسوء نالكم به لذاك{#spc} ويعوي ضدكم من عوى ضدي
أبى الله إلا أن مجدي مجدكم {#spc} وإن رغم الشاني ومجدكم مجدي
(أبوكم أبي يوم التنفاخر (يعربٌ {#spc}وجدكم (فرعون) اضحى بكم جدي
تألّه و(التاريخ) طفلٌ وملكه {#spc} تبسّمُ ذاك الطفل نوغي في المهد
تكلل بالريحان هامات ضيفه {#spc} وتنضح أبهاء الندام بما وردِ
وقد أعلنت فيها المجامر وجدها {#spc} فصعّدن أنفاساً من العود والندّ
تقوم عليهم في شفوفٍ رقيقةٍ {#spc} جوارٍ كمثل اللولوء النثر والنضدِ
يطفن عليهم بابنة الكرم حرّةٍ {#spc} وبالنُقلِ بعد اللحم والزُبد والشهدِ
فلا غرو في دعوى النبّوةِ مثلُه {#spc} وليس له فوق البسيطة من ندّ
ويعجبني الجبار إذ هو قوةٌ {#spc} يهيم بها قلبي وأعبدها جُهدي
كذا فلتكن فتيان يعرب إن ترد {#spc} حياةً لها ما بين أعدائها اللُدّ
حرام عليكم أن يقوموا وتقعدوا{#spc} وأن تهزلوا والقوم ماضون في الجدّ
كثيرٌ عليهم بعدُ أن تقفوهم {#spc} بني اللؤمِ منكم موقف الندّ للندّ
فكيف بأن يعلوا عليكم ويضربوا {#spc} على العُرب دون العزّ سداً على سدّ
رفعتم شباب النيل أمس لواءها {#spc} فنفستمُ كربي وبرّدتمُ وجدي
وثرتم على الحامي العتيد وصحتمُ {#spc} 'نعيش كراماً أو نُغيّب في اللحدِ'
بنفسي دماءٌ أهرقت في جهادكم {#spc} ( تحن إلى أسلافها قبل في (أحد
جريرتها أن كلفت حمل قيدها {#spc} وما خلقت إلا قضاء على القيدِ
أضاء سناها (بالشآم) فروّعت {#spc} عِداها وردتها إلى خطةٍ قصدِ
أرى الحق في الدنيا يُردّ لقاهرٍ {#spc} ولم أره يوماً يُردّ لمستجدِ
فإن لم تُنلكم نَصف قومٍ مودةً' {#spc}'أنال القنا والخوف خيرٌ من الودّ
ولن تبلغ الأعداءُ من مصر مطمعاً {#spc} وقد زأرت فيها اللبوءُ مع الأسدِ
تناهت سلالاتٌ الجبابرة الألى {#spc} بنو هيكل الدنيا إلى هيكل الفردِ
تقوم عليه أمةٌ عربيةٌ {#spc}رسالتها هدي الشعوب إلى الرشدِ
على كاهل الدنيا استقلت بموطنٍ {#spc} من (المغرب الأقصى) إلى (الشطّ) ممتدِ
إذا هتفت (مصر) بلحن جهادها {#spc} (تعالى صداه في (العراق) وفي (نجد
وخفّ له في (حضرموتَ) مهللٌ {#spc} وجلجل في آفاق (تونس) كالرّعدِ
رأيتُ (بلاد الضادِ) عقداً منظماً{#spc} ولكنّ (مصراً) فيه واسطة العقدِ
قضيتُ (لمصر) بالإمامة بينها {#spc} و ما لقضاءٍ شئتُه أنا من ردّ

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
علي أحمد باكثير

علي أحمد باكثير

سوروبايا بإندونيسيا
Close
Error Success