يا أيها الدمع الوفي Poem by أحمد شوقي

يا أيها الدمع الوفي

يا أيها الدمعُ الوفيُّ ، بدارِ {#spc} نقضي حقوقَ الرفقة ِ الأَخيار
أَنا إن أَهنتُك في ثراهم فالهوى {#spc} والعهدُ أن يبكوا بدمعٍ جاري
هانوا وكانوا الأكرمين ، وعودروا {#spc}بالقَفْر بعدَ منازلٍ وديار
لهفي عليهم؛ أُسْكِنوا دورَ الثرى{#spc} من بعد سكنى السمع والأبصار
أين البشاشة ُ في وسم وجهوهم{#spc} والبشرُ للندماءِ والسُّمّار؟
كنا من الدنيا بهم في رَوْضة ٍ {#spc}مروا بها كنسائم الأسحار
عطفاً عليهم بالبكاءِ وبالأَسى{#spc} فتعهدُ الموتى من الإيثار
يا غائبينَ وفي الجوانح طيفهم{#spc} أَبكيكُمُ من غُيَّبٍ حُضَّار
بيني وبينكمُ وإن طال المدى{#spc} سفرٌ سأزمعُه من الأسفار
إني أَكادُ أَرى محلِّيَ بينكم{#spc} هذا قَرارُكُمُ، وذاك قَراري
أوَ كلَّما سمح الزمان وبشِّرتْ {#spc} مصرٌ بفردٍ في الرجال مَنار
فُجعَتْ به، فكأَنه وكأَنها {#spc} نجمُ الهداية لم يدمْ للساري ؟
إنّ المصيبة َ في الأَمين عظيمة ٌ{#spc} محمولة ٌ لمشيئة ِ الأقدار
في أَرْيَحيٍّ ماجدٍ مُسْتَعْظَمٌ {#spc} رُزْءُ الممالكِ فيه والأَمصار
أوفى الرجالِ لعهدهِ ولرأيهِ {#spc} وأبرّهم بصديقهِ والجار
وأَشَدُّهم صَبراً لمعتقَداتِه {#spc} وتأَدُّباً لمجادلٍ ومماري
يَسقي القرائحَ هادئاً مُتواضعاً {#spc}كالجَدول المُترقْرِقِ المتواري
قلْ للسَّماءِ تَغُضُّ من أَقمارها {#spc} تحت الترابِ أحاسنُ الأقمار
من كل وضَّاءِ المآثر فائتٍ {#spc}زُهرَ النجومِ بزهْره السيّار
تمضي الليالي لا تنال كماله{#spc} بمعيب نقصٍ أو مَشِينِ سرار
آثاره بعدَ المواتِ حياته {#spc}إنّ الخلودَ الحقَّ بالآثار
يا منْ تفرَّد بالقضاءِ وعلمهِ {#spc}إلا قضاءَ الواحد القهّار
ما زِلتَ ترجوه، وتخشى سهْمَه {#spc} حتَّى رمَى فأَحطْتَ بالأَسرار
هلا بُعثتَ فكنت أَفصحَ مخْبَراً {#spc} عمّا وراءَ الموتِ من لازار؟
انفضْ غبارَ الموتِ عنكَ وناجني{#spc} فعَسَايَ أَعلمُ ما يكون غُباري
هذا القضاءُ الجِدُّ، فارْوِ، وهات عن{#spc} حكمِ المنية ِ أصدقَ الأخبار
كلُّ وإن شغفتهُ دنياه هوى ً{#spc} يوماً مطلقها طلاقَ نوار
لله جامعة ٌ نَهضْتَ بأَمرها {#spc}هي في المشارقِ مَصدرُ الأَنوار
أمنية ُ العقلاءِ قد ظفروا بها {#spc}بعد اختلافِ حوادثٍ وطواري
والعقلُ غاية ُ جَرْيه لأَعنَّة ٍ{#spc} والجهلُ غاية ُ جريه لعثار
لو يعلمون عظيمَ ما ترجى له {#spc}خرجَ الشحيحُ لها من الدينار
تشْرِي الممالكُ بالدَّم استقلالَهَا {#spc} قوموا اشتروه بفضَّة ٍ ونُضار
بالعلم يُبنى الملكُ حقَّ بِنائه{#spc} وبه تُنال جلائلُ الأَخطار
ولقد يُشاد عليه من شُمِّ العُلا {#spc} ما لا يُشادُ على القنا الخطَّار
إن كان سَرَّك أَن أَقمتَ جِدارها {#spc} قد ساءَها أَن مالَ خيرُ جِدار
أضحت من الله الكريم بذمّة ٍ{#spc} مَرْموقة ِ الأَعوانِ والأَنصار
كُلِئَتْ بأَنظار العزيزِ، وحُصِّنَتْ {#spc}بفؤادَ: فهي مَنيعة الأَسوار
وإذا العزيزُ أَعارَ أَمراً نظرة{#spc} ً فاليمنُ أَعجلُ، والسُّعودُ جَواري
ماذا رأَيتَ من الحجاب وعُسرِه{#spc} فدعوتنا لترفُّقِ ويسارِ ؟
رأيٌ بَدا لك لم تجدْه مُخالفاً {#spc}ما في الكتاب وسنَّة ِ المختار
والباسِلان: شجاعُ قلبٍ في الوَغى{#spc} وشجاعُ رأيٍ في وغى الأفكار
أوددتُ لو صارتْ نساءُ النيلِ ما {#spc} كانت نساءُ قُضاعة ٍ ونِزار؟
يَجمعن في سلم الحياة ِ وحربِها {#spc} بأْسَ الرِّجالِ وخَشية َ الأَبكار
إن الحجابَ سماحة ٌ ويسارة ٌ {#spc} لولا وحوشٌ في الرجال ضواري
جَهِلوا حقيقتَه وحِكْمة حُكمه {#spc} فتجاوزوه إلى أَذى ً وضِرار
يا قبّة الغوري تحتكِ مأتمُ {#spc} تَبقى شعائرُه على الأَدهار
يُحييه قومٌ في القلوب على المدى{#spc} إن فاتهم إحياؤه في دار
هيهات! تُنسَى أُمة ٌ مدفونة ٌ{#spc} في أَربعين من الزمان قِصار
إن شئتَ يوماً أَو أَردت فحقبة{#spc} ً كلٌّ يمرُّ كليلة ٍ ونهار
هاتوا ابنَ ساعدة ً يؤبِّنُ قاسماً {#spc}وخذوا المراثِيَ فيه من بَشَّار
من كلِّ لائقة ٍ لباذخ قدرِه{#spc} عصماءَ بينَ قلائد الأشعار

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
أحمد شوقي

أحمد شوقي

القاهرة
Close
Error Success