في الظلام Poem by إبراهيم ناجي

في الظلام

أليلاي ما أبقى الهوى فيّ من رشدِ {#spc}فردي على المشتاقِ مهجتَه ردِّي
أينسى تلاقينا وأنت حزينةٌ {#spc} ورأسك كابٍ من عياءٍ ومن سهدِ
أقول وقد وسّدتُه راحتي كما {#spc} توسّد طفلٌ متعبٌ راحة المهدِ..
تعاليْ إلى صدرٍ رحيبٍ وساعدٍ {#spc} حبيبٍ وركنٍ في الهوى غير منهدِ
بنفسي هذا الشعر والخُصَل التي {#spc} تهاوت على نحرٍ من العاجِ مُنقدِ
ترامتْ ما شاءتْ وشاء لها الهوى{#spc} تميل على خدٍّ وتصدفُ عن خدِ
وتلك الكروم الدانيات لقاطفٍ {#spc}بياض الأماني من عناقيدها الرّبْدِ
فيا لك عندي من ظلامٍ محببٍ {#spc} تألق فيه الفرقُ كالزمن الرغد
ألا كُلُّ حسنٍ في البرية خادمٌ {#spc} لسلطانة العينين والجيدِ والقدِّ
وكل جمالٍ في الوجود حياله {#spc} به ذلةُ الشاكي ومرحمةُ العبدِ
وما راع قلبي منك إلا فراشةٌ {#spc}من الدمعِ حامتْ فوق عرش من الوردِ
مجنحةٌ صيغتْ من النور والندى {#spc}ترفُّ على روضٍ وتهفو إلى وردِ
بها مثل ما بي يا حبيبي وسيِّدي {#spc} من الشجن القتال والظمأ المُردي
لقد أقفر المحرابُ من صلواته{#spc} فليس به من شاعرٍ ساهرٍ بعدي
وقفنا وقد حان النوى أي موقفٍ {#spc} نحاول فيه الصبرَ والصبرُ لا يجدي
كأن طيوفَ الرعبِ والبين موشكٌ {#spc} ومزدحمَ الآلامِ والوجدُ في حشدِ
ومضطرمَ الأنفاسِ والضيقُ جاثمٌ {#spc} ومشتبك النجوى ومعتنق الأيدي
مواكب حُرس في جحيم مؤبد {#spc} بغير رجاءٍ في سلام ولا برد
فيا أيكة مدّ الهوى من ظلالها {#spc} ربيعاً على قلبي وروضاً من السعد
تقلصتِ إلا طيفَ حبٍّ محيّرٍ {#spc} على درجٍ خابي الجوانب مسودِّ
تردَّدَ واستأنى لوعد وموثقٍ {#spc}وأدبرَ مخنوقاً وقد غص بالوعدِ
وأسلمني لليلٍ كالقبرِ بارداً {#spc} يهب على وجهي به نفسُ اللحدِ
وأسلمني للكون كالوحش راقداً {#spc} تمزقني أنيابُه في الدجى وحدي
كأن على مصر ظلاماً معلقاً {#spc} بآخر من خابي المقادير مربدِ
ركودُ وإبهامٌ وصمتٌ ووحشةٌ {#spc} وقد لفها الغيبُ المحجبُ في بُردِ
أهذا الربيعُ الفخمُ والجنةُ التي {#spc} أكاد بها أستافُ رائحةَ الخلدِ
تصيرُ إذا جن الظلامُ ولفها {#spc} بجنحٍ من الأحلام والصمتِ ممتدِّ
مباءةَ خمّارٍ وحانوتَ بائعٍ{#spc} شقيِّ الأماني يشتري الرزق بالسهدِ
وقد وقف المصباحُ وقفة حارس {#spc}رقيب على الأسرارِ داعٍ إلى الجدِّ
كأن تقياً غارقاً في عبادةٍ {#spc}يصوم الدجى أو يقطع الليلَ في الزهدِ
فيا حارس الأخلاق في الحيِّ نائمٌ {#spc} قضي يومَه في حومة البؤسِ يستجدي
وسادته الأحجارُ والمضجعُ الثرى {#spc} ويفترش الافريزَ في الحر والبردِ
وسيارةٌ تمضي لامر محجبٍ {#spc} محجبة الأستار خافية القصدِ
إلى الهدف المجهولِ تنتهبُ الدجى {#spc}وتومض ومض البرق يلمع عن بُعدِ
متى ينجلي هذا الضنى عن مسالكٍ {#spc}مرنقة بالجوع والصبرِ والكدِّ
ينقبُ كلبٌ في الحطام وربما {#spc} رعى الليل هوٌّ وساهرٌ وغفا الجندي
أيا مصر ما فيك العشية سامرٌ {#spc} ولا فيك من مصغِ لشاعرك الفردِ
أهاجرتي، طال النوى فارحمي الذي {#spc} تركتِ بديدَ الشملِ منتثرَ العقدِ
فقدتكِ فقدانَ الربيعِ وطيبَهُ {#spc} وعدتُ إلى الإعياء والسقم والوجدِ
وليس الذي ضيعتُ فيك بِهَيِّنٌ {#spc} ولا أنتِ في الغيّاب هينة الفقدِ
بعينيك استهدي فكيف تركتني بهذا {#spc} الظلام المطبق الجهم أستهدي
بورْدِكِ أستسقي فكيف تركتني {#spc} لهذي الفيافي الصم والكثب الجردِ
بحبكِ استشفي فكيف تركتني {#spc}ولم يبق غير العظم والروح والجلدِ
وهذي المنايا الحمر ترقص في دمي {#spc} وهذي المنايا البيض تختل في فودي
وكنت إذا شاكيت خففت محملي {#spc} فهان الذي ألقاه في العيش من جهدِ
وكنت إذا انهار البناءُ رفعتُهُ {#spc} فلم تكنِ الأيامُ تقوى على هَدِّي
وكنت إذا ناديتُ لبيْتِ صرختي{#spc} فوا أسفاً كم بيننا اليوم من سدِّ
سلامٌ على عينيك ماذا اجنتا {#spc}من اللطف والتحنان والعطف والودِّ
إذا كان في لحظيك سيفٌ ومصرعٌ {#spc} فمنكِ الذي يحي ومنكِ الذي يردي
إذا جُرِّد لم يفتكا عن تعمدٍ {#spc} وإن أغمدا فالفتك أروع في الغمدِ
هنيئاً لقلبي ما صنعتِ ومرحبا {#spc} وأهلا به إن كان فتكُكِ عن عمدِ
فإني إذا جن الظلامُ وعادني {#spc} هواك فأبديتُ الذي لم أكن أبدي
وملتُ برأسي باكياً أو مواسياً{#spc} وعندي من الأشجان والشوقِ ما عندي
أُقبِّلُ في قلبي مكاناً حللتِه {#spc} وجرحاً أناجيه على القرب والبعدِ
ويا دار من أهوى عليكِ تحية {#spc}على أكرم الذكرى على أشرف العهدِ
على الأمسيات الساحرات ومجلسٍ {#spc} كريمِ الهوى عفِّ المآرب والقصدِ
تنادُمنا فيه تباريحُ معشرٍ {#spc}على الدم والأشواك ساروا إلى الخلدِ
دموعٌ يذوب الصخر منها فإن مضوا {#spc} فقد نقشوا الأسماءَ في الحجرِ الصلدِ
وماذا عليهم إن بكوا أو تعذبوا{#spc} فإن دموعَ البؤسِ من ثمنِ المجدِ

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success