أذكره وكيف لا أذكر Poem by إلياس أبو شبكة

أذكره وكيف لا أذكر

أَذكُره وَكَيفَ لا أَذكُرُ {#spc} لُبنانُ فيهِ المَسكُ وَالعَنبَرُ
هَواؤُهُ الطَيِّبُ روحُ الصِبا {#spc} وَماؤُهُ أَكدرهُ كَوثَرُ
أَشجارُهُ ذاهِبَةٌ في الفَضا {#spc} يَروعُ مِنها ذلِكَ المَنظَرُ
كَأَنَّها المَرّاد قامَت عَلى {#spc} آكامِهِ ساهِرَةً تَخفرُ
نَبعُ الصفا يقطُر مِن صَدرِهِ {#spc} وَالرَوضُ سَكرانُ فَلا يَشعُر
كَأَنَّما أَمواهُهُ خَمرَةٌ {#spc} مُذ يَستَقيها رَوضُهُ يسكُر
وَزُحلَةٌ شَوقي إِلى زحلَةٍ {#spc} كَأَنَّها في حُسنِها جُؤذَرُ
حَوراءُ وَالعشّاقُ ترتادُها{#spc} وَكُلُّ مَن يَعشَقها أَحوَرُ
كَم قَد تَبارى الشِعرُ في وَصفِها {#spc}وَكُلُّنا في وَصفِها قَصَّرُ
سَماؤُها وَحيٌ وَأَزهارُها {#spc} شعرٌ وَبردونيُّها أَسطُرُ
كَم أَنجَبتُ من شاعِرٍ نابِغٍ {#spc} إِذا اِنبَرى في مَوقِفٍ يسحرُ
كَأَنَّما هاروتُ في شِعرِهِ {#spc} بِالرُغمِ عَن إِخفائِهِ يَظهَرُ
وَالأَرزُ شَدَّ الخُلدُ أَعصابَهُ {#spc} فَكُلُّ طودٍ عِندَه يصغُر
جبابِرُ الأَيّامِ في مَجدِها مَرهونَةٌ لِأَمرِها الأَعصُر
يا أَرزُ لا يُطوى الفُخارُ الَّذي {#spc} كانَ سليمانُ لهُ ينشُرُ
فَاِصبِر عَلى الدَهرِ فَما غايَةٌ {#spc} ضاعَت لمن كانَ لَها يَصبُر
هَويتُ لبنانَ وَلا أَنثَنى {#spc} عَن حُبِّ لبنانَ ولا أُدبُر
لي فيهِ شَطرٌ مِن حَياتي وَلي {#spc} مِن مُهجَتي في صَدرِه أَشطُر
لي فيهِ بَدرٌ مُشرِقٌ نَيِّرٌ{#spc} لهُ جَمالٌ مشرِقٌ نَيِّرُ
يَبذر نوراً في رِياضِ الهَوى {#spc} فَأَنثَني أَجمَعُ ما يبذُرُ
كَم لَيلَةٍ أَحيَيتُها قُربَه {#spc} وَالحُبُّ يُعطينا وَلا يخسَرُ
كَأَنَّهُ رتشيلد في عزِّه{#spc} كَأَنَّهُ روكفلر الموسرُ
وَاللَيلُ فيهِ قَمرٌ كامِلٌ {#spc}كَأَنَّهُ عبدٌ لَنا أَعوَرُ
يا أولِغا مَرَّ الصَفا عابِراً {#spc} كلَّ صفاءٍ في الوَرى يعبُرُ
وَفي فُؤادي أَدمُعٌ كُلَّما {#spc} فاضَت في آهاتِهِ تعثُرُ
يا جُؤذَراً ما ميّ في كلّ ما {#spc} أَنظِمُ إِلّا أَنتَ يا جُؤذُر
أَنتَ الَّذي أَوحَيتَ شِعري فَلا {#spc} أَجحدُ ما توحي وَلا أُنكرُ
في عَينِكِ النَجلاءِ سرُّ الهَوى{#spc} وَفي لِماكَ العَذبِ ما يُسكرُ
وَفي ثَناياكَ هَوىً طاهِرٌ {#spc}وَبَينَ جَنبَيكَ هَوىً أَطهَرُ
سَأَذكرُ المرجةَ في الفَجرِ إِذ {#spc}أَبكَرتَ كَالحَسّونِ إِذ يُبكِرُ
مُذ شَرَّفت رِجلاكَ أَعشابها{#spc} حَنى بِلُطفٍ ذلِكَ الأَخضَرُ
أَودَعتَ عِندي مُهجَةً لَم تخن {#spc} قَلبي عَلى إِكرامِها يَسهَرُ
قَطرتَ لي الودَّ فَهَل في السَما {#spc} صَفاوَةٌ مِثل الَّتي تقطُر
لي كلُّ هذا في بِلادي وَلي {#spc} في البَيتِ أُختٌ شعرُها أَشقُر
ضَحّاكةٌ كَالزَهرِ في رَوضِهِ {#spc} رَقّاصَةٌ غَنّاجَةٌ تَخطرُ
صَغيرَةُ السنّ لَها أَعيُنٌ زرقٌ وَخدّ أَبيَضُ أَحمَرُ
وَحاجِبٌ كَالسَيفِ إِن حَدَّقت {#spc} عَن غَضبٍ يَخافُها عَنتُر
الأَسودُ الحالِكُ في لَونِهِ {#spc} إِذا مَشى أَمامَها يَفخَرُ
هرٌّ لَهُ في عَينِها جاذِب {#spc} وَفي حَشاها جاذِبٌ آخرُ
إِن وَفَّق الحَظُّ لهُ فارَةً {#spc} يُسرِعُ في ساعَتِهِ يخبرُ
كَأَنَّهُ وَهوَ عَلى كَتفِها {#spc} إِسكَندَرُ الأَكبَرُ أَو قَيصرُ
أَو غَليمُ الثاني عَلى عَرشِهِ {#spc} اللَهُ مِن سَطوَتِهِ أَكبَرُ
أخت وَيا لِلَّهِ مِن جورِها {#spc} يأتمرُ الكُلُّ إِذا تَأمرُ
فَرض عَلى البَيت وَما فيه أَن {#spc} يَبقى عى مرضاتِها يسهرُ
إِن طلبَت شَيئاً وَلم يُؤتِها {#spc} جَميع ما تصدفه يُكسَرُ
الوَيل لِلأَكؤُسِ من شَرِّها {#spc} وَيل الكراسيّ إِذا تنفُرُ
وَالبَيت يا لِلَّهِ من ذكره {#spc} يُحيطُه بُستانُه الأَخضَرُ
تنظُرُ لِلأَشجارِ فيهِ وَلا{#spc} يعجبها إِلا الَّتي تثمرُ
تحبُّني حُبّاً شَديداً بِلا {#spc}حصرٍ وحبّ الأُخت لا يُحصَرُ
حُبّاً يُضاهي الأَرضَ طرّاً وَما {#spc} قَد حَمَلَت في قعرِها الأَبحرُ
من سمكٍ يسبحُ في مائِها {#spc} وَمن شخاتيرٍ بِها تَمخرُ
وَمن رِمالٍ كثُرت حَولَها {#spc} فحبّ أختي هو لي أَكثَرُ
كَم مَرَّةٍ أَفرغَت وَقتي لِكَي{#spc} أَسمَعَها تَنشدُ ما تذكرُ
فَتسكرُ الآلامُ في مُهجَتي {#spc} وَصَوتُ أُختي خَمرَةٌ تُسكِرُ
تَنظُرُ في عَينيّ طوراً وَلا {#spc}أُحرِزُ ماذا الدُرُّ وَالجَوهَرُ
وَتارَةً تفرجُ عَن مَبسَمٍ {#spc} يَلمعُ فيهِ الدرُّ وَالجَوهَرُ
كَم مَرَّةٍ جاءَت إِلى مَكتَبي {#spc} بينا اَنا أَنظُمُ أَو أَنثُر
فَبَعثَرَت أَوراقَهُ وَالهَوى {#spc} في مُهجَتي كانَ لَها يشكرُ
سَأهجر الأَوطانَ لا كارِهاً {#spc}لكِن لِأَسبابٍ دَعَت أَهجُرُ
رِجالُها مَأجورَةٌ جلَّها {#spc} كَأَنَّها الآلَة تُستَأجرُ
في أَرض زَغلولٍ سَأُمسي غَداً {#spc} هَل يا تُرى يَصفو لي المعشَرُ
أَنا أَسيرٌ في بِلادي فَهل {#spc}في مِصر أَفكار الفَتى تُؤسَرُ
ما مصرُ إِلّا زَهرَةٌ في العُلى{#spc} وَالنَيلُ من برعمِها يقطُرُ
فَالحُرُّ فيها أَسدٌ رابِضٌ{#spc} إِذا دُعي لِلوَثبِ لا يَغدرُ
يحرسُها فِرعَونُ في قَبرِهِ {#spc} فِرعونُ حيٌّ فيهِ لا يُنكَرُ
العَنبَرُ الفَيّاحُ في تربِهِ {#spc} وَالمِسكُ في أَرجائِهِ أَذفُرُ
كَاللَيثِ إِذ يَزاَرُ في تَختِهِ {#spc}عَرينُهُ يعرفُه الأُقصُرُ
لبنانُ أَنآهُ وَلكِن لَهُ {#spc}ذكرٌ بِقَلبي المِسكُ وَالعَنبَرُ
عَسى أَراهُ مُرجِعاً مجدَه {#spc}لبنانُ فيهِ المِسكُ وَالعَنبَرُ

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success