ما لي أَرى القَلبَ في عَينَيكِ يَلتَهِبُ Poem by إلياس أبو شبكة

ما لي أَرى القَلبَ في عَينَيكِ يَلتَهِبُ

ما لي أَرى القَلبَ في عَينَيكِ يَلتَهِبُ{#spc} أَلَيسَ لِلنّارِ يا أُختَ الشَقا سَبَبُ
بَعضُ القُلوبِ ثِمارٌ ما يَزالُ بِها {#spc} عَرفُ الجنانِ وَلكِن بَعضُها حَطَبُ
ذكرتُ لَيلَةَ أَمسٍ فَاِختَلَجتُ لَها {#spc} وَاللَيلُ سِكرانُ مِمّا سَحَّتِ السُحُبُ
ذكرَتُها غَيرَ أَنَّ الشَكَّ خالَجَني {#spc} إِنَّ النِساءَ إِذا راوَغنَ لا عَجَبُ
فَهُنَّ من حَيَّة الفِردَوسِ أَمزِجَةٌ {#spc} يَثورُ فيهِنَّ من أَعقابِها عَصبُ
أَخافُ في اللَيلِ من طَيفٍ يَسيلُ عَلى {#spc} مَوجاتِ عَينَيكِ حيناً ثُمَّ يَغتَرِبُ
طيفٌ مِنَ الشَهوَةِ الحَمراءِ تَغزِلُه{#spc} حمرُ اللَيالي وَفي أَعماقِهِ العَطبُ
وَوَجهُكِ الشاحِب الجَذّابُ تُرهِبُني {#spc} أَلوانُهُ يَتَشَهّى فَوقُها اللَهبُ
ما زِلتِ تَغتَصِبينَ اللَيلَ في جَهَد{#spc} حَتّى تَجَمَّدَ في أَجفانِكِ التَعَبُ
وَما السَوادُ الَّذي في محجريكِ بَدا {#spc} إِلّا بَقايا من الأَحشاءِ تُغتَصَبُ
وَحَقِّ طِفلِكِ لَم أَشمُت بِإِمرَأَةٍ {#spc} زَلَّت بِها قَدَم أَو غَرَّها ذَهَبُ
فَربّ أَنثى يخون البُؤسُ هَيبَتَها {#spc} وَالبُؤسُ أَعمى فَتَعيي ثمَّ تَنقَلِبُ
لي مُهجَةٌ كَدُموعِ الفَجرِ صافِيَة {#spc} نَقاوَتي وَالتُقى أُمٌّ لَها وَأَبُ
فَكَيفَ أَختَلِس الحَقَّ الَّذي اِختَلَسوا {#spc} وَكَيفَ أَذأبُ عَن لُؤمٍ كَما ذَئَبوا
لي ذِكرياتٌ كَأَخلاقي تُؤَدِّبُني {#spc} فَلا يُخالِجُني رَوغ وَلا كَذِبُ
أَبقى لِيَ الأَمسُ مِن غَلواءِ عِفَّتَها {#spc} وَلم يَزَل في دَمي مِن روحِها نَسَبُ
وَحَقِّ روحِكِ يا غلوا وَلَو غَدَرت {#spc} بيَ اللَيالي وَأَصمَت قَلبِيَ النُوَبُ
إِن كُنتُ في سَكرَةٍ أَو كُنتُ في دَعرٍ{#spc} وَمَرَّ طَيفُك مَرَّ الطَهرُ وَالأَدَبُ
وَأَنتِ يا أُمَّ طِفلٍ في تَلَفُّتِهِ{#spc} سُؤلُ العَفافِ وَفي أَجفانِهِ لعبُ
صُبّي الخُمورَ فَهذا العَصرُ عَصرُ طَلا {#spc} أَما السَكارى فَهُم أَبناؤُهُ النُجُبُ
لا تَقنطي إِن رَأَيتِ الكَأسَ فارِغَة {#spc} يَوماً فَفي كلّ عامٍ يَنضُجُ العِنبُ
صُبّي الخُمورَ وَلا تُبقي عَلى مُهجٍ {#spc} مَوج الشَبابِ عَلى رِجليكِ يَصطخبُ
أَما أَنا وَلَو اِستَسلَمتُ أَمسِ إِلى {#spc}خَمرِ اللَيالي فَقَلبي لَيسَ يَنشَعِبُ
قَد أَشرَبُ الخَمرَ لكِن لا أُدنِّسُها {#spc} وَأَقرَبُ الإِثمَ لكِن لَستُ أَرتَكِبُ
وَفي غَدٍ إِذ تُنيرُ الطفل ميعَته {#spc} وَتهرمينَ وَيَبقى ذلِكَ الخَشَبُ
قولي لَهُ جِئتَ في عَصر الخُمورِ فَلا {#spc} تَشرَب سِوى الخَمر وَاِشحَب مِثلَما شَحَبوا
قولي لَهُ هذِهِ الأَيّامُ مَهزلَة {#spc}وَلَيسَ إِلّا لمن ينشى بِها الغَلبُ
قولي لَهُ عَفَّةُ الأَجسادِ قَد ذَهَبَت {#spc}مَع الجُدودِ الأَعِفّاءِ الأُلى ذَهَبوا
قولي لِطِفلِكِ ما تَستَصوبينَ غَداً {#spc} فَكُلُّ أَمرٍ لَهُ في حينِهِ خُطبُ
وَلكِنِ اليَومَ صُبّي الخَمرَ وَاِنتَخِبي{#spc} مِن المَلَذّاتِ ما الآثامُ تَنتَخِبُ
وَلا تَخافي عَذولاً فَالعَذول مَضى{#spc} وَالعَصر سَكران يا أَخت الشَقا تَعِبُ
طَريقه الشك أَنّى سار يملكه {#spc} وَحلمهُ الشهَوات الحُمرُ وَالقُربُ

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success