أشعة من مقلتيك ملهبه Poem by إلياس أبو شبكة

أشعة من مقلتيك ملهبه

أَشِعَّةٌ من مُقلَتَيكَ مُلهِبَه {#spc} يا أَلَمي تَجعَلُ نَفسي طَرِبَه
أَشرِق عَلى قَلبي بِهيّاً نيِّرا {#spc} فَيورِقَ الشَوكُ بِهِ وَيُزهِرا
يا هَيكَلا كُهّانُهُ القلوبُ {#spc} بَخورُهُ الأَدمُعُ وَالشُحوبُ
أَسمَعُ أَجراسَكَ من بَعيد{#spc} فَهي تُناديني إِلى السُجودِ
وَدَقَّ نِصفُ اللَيلِ في السُكونِ {#spc} فَاِختَلَجَ الشاعِرُ كَالظُنونِ
وَقالَ إِنَّ تَعَبَ الضَميرِ {#spc} يَصعَدُ من مَجاهِلِ القُبورِ
يا لَيلُ يا مَسارِبَ الفَواجِعِ {#spc} يا قِرَبَ الدِماءِ وَالمَدامِعِ
كَم من خِلِيٍّ فيكَ يَستَريحُ {#spc} وَكَم شَقِيٍّ بائِسٍ يَنوحُ
أُرقُد قَريرَ العَينِ يا خِلِيُّ {#spc} وَانتَ فَاِشقَ أَيُّها الشَقِيُّ
فَاللَيلُ مِلكُ المُترفِ السَعيدِ {#spc} وَمِلكُ كُلذِ تَعِسٍ شَريدا
غَلواءُ يا نِبراسَ قَلبي البائِسِ {#spc} يا أَمَلّا في ظُلُماتِ اليائِسِ
يا مَرهَماً لِقَلبِيَ المَوجوعِ {#spc} يا مَلَكاً يَطوفُ في دُموعي
أُحبُّ فيكِ صورَةً عَذراءَ {#spc} وَإِن تَكُن أَصباغُها شَوهاء
يا صورَةً تَجري بِها السَعادَه {#spc} أَلحبُّ فيها دونَهُ العِبادَه
يا أَرَجَ المُروج وَالأَكهامِ {#spc} يا وَتَراً أَسمَعَني أَنغامي
مَجَّدتُ آلامَكِ في الزُهورِ {#spc} في وَهَجِ الأَنوارِ في الطُيورِ
في بَسَمات الصُبحِ في الأَصائِل {#spc} في القَمحِ في تَمَوُّجِ السَنابِل
في أَدمُعِ الأَيِّمِ وَاليَتيمِ {#spc} في صَرخَةِ البَريءِ وَالمَظلومِ
يا زَهرَةً تائِبَةً مقدَّسَه {#spc} يا خُبر قُربانةِ نَفسي التَعِسَه
أَحمَدُكِ اليَومَ كامسِ وَغَدا {#spc} وَكُلّما غابَ النَهارُ وَبَدا
وَكُلَّما بَلَّلتُ بِالدُموعِ {#spc} شِعراً شَقِيّاً قُدَّ من ضُلوعي
وَقد أَحَسَّت فَترَةً بِروحِها {#spc} تَطَّرِحُ الأَوهام من جُروحِها
وَرَفَعَت اليهِ عيناً ذائِبَه {#spc} كَأَنَّها صورَةُ نَفسٍ تائِبَه
لكِنَّها عادَت إِلى جُنونِها {#spc} وَثارَت النيرانُ في عُيونِها
وَكانَ قَد أَوشَكَ أَن يُقَبِّلا {#spc} جَبينَها المُضطَربَ المُشتَعِلا
حينَ اِستَحالَت جَمرَةً مُلتَهِبَه {#spc} تَراجَعَت عَنهُ خُطىً مُضطَرِبَه
وَبعد فِكرٍ قالَتِ الحَياةُ {#spc} عَقارِبٌ من جَسَدي تَقتاتُ
دَعني فَلا أَبرَحُ يا حَبيبي {#spc} أَعيشُ في ماضِيَّ في ذَنوبي
في حَمأَةِ الضَميرِ في اوجاعي {#spc} في بُؤرَةِ الديدانِ وَالأَفاعي
أَيَستَطيعُ الطيبُ في القارورَه {#spc} أَن يَغسِلَ الأَوساخَ في القاذورَه
دَعني وَخلِّ نَفسَكَ العَذراءَ {#spc} عَذراءَ لا تَرجِسُ في غَلواءَ
وَاِستَرجِعِ القُبلاتِ من خَدَّيّا {#spc} مَغفِرَةٌ ثَقيلَةٌ عَليّا
فَقالَ إِنَّ دَمعَةً تَطَهَّرَت {#spc} تَكفي لِغَسلِ النَفس مَهما قَذِرَت
فَأَدمُعُ التَوبَةِ وَالغُفرانِ {#spc} أَقدَسُ يا غَلواءَ من القُربانِ
فهي خَميرُ الأَلَمِ المَعجونِ {#spc} وَفَلذَةُ القُلوبِ في العُيون
وَسُبحَةُ النُفوسِ في العَذابِ {#spc} تُجمَعُ في سِلكٍ من الأَهدابِ
وَهي عَصيرٌ من لُبانٍ طاهِر {#spc} تَعقُدُهُ الآلامُ في المَحاجِر
وَلُؤلوءٌ في قَعرِ بَحرٍ خاطي {#spc} يَقذِفُهُ الموجُ إِلى الشَواطىء
مَرَّت ثَوانٍ كُلُّها أَحلامُ {#spc} لَم يَتَخَلَّل سُكرَها كَلامُ
كان بِها الاِثنانِ يُصغِيانِ {#spc} إِلأى نَزاع الأَلَمِ السَكرانِ
إِذا بِهِ يَقولُ يا غَلواءُ {#spc} هذا الشَقا تَبارَكَ الشَقاء
هذا الشَقا يا غَلوَ يا حَبيبَتي {#spc} يا أُختِ يا عَروسس يا رَفيقَتي
هذا الشَقا في مَطهَرِ التَكفيرِ {#spc} آخِرُ حدٍّ لِشَقا الضَمير
غَلواءُ فِردوسُ الحَياةِ ههنا {#spc} فَأَنتِ لم تَزني بل الوَهمُ زِنى
إِحتَفِظي بِقُدسِ تَذكارِ الشَقا {#spc} فَهو طَريقٌ لِلعَفافِ وَالتُقى
إِنَّ الشَقاء سُلَّمٌ إِلى السَما {#spc} فَعَدنُ ميراثٌ لِمَن تَأَلَّما
وَثَمَنُ السَعادَةِ الخَلّابَه {#spc} لَيسَ يُوازي ثَمَنَ الكَآبَه
وَشُفيت غَلواءُ من أَوهامِها {#spc} لكِنَّها لَم تُشفَ من آلامِها

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success